توفي الشاعر القدير عبد الرحمن الأبنودي بعد رحلة صراع مع المرض عن عمر يناهز ٧٦ عامًا.
يذكر أنّ الأبنودي خضع لعملية جراحية، بالمخ لاستئصال التجمعات الدموية، وعقب ذلك نُقل إلى الرعاية المركزة حيث أوصى الأطباء بحجزه لعدة أيام ومنع كافة الزيارات نظرًا لحالة الرئة السيئة والتي توقفت تمامًا منذ شهرين واستدعت حجزه في المستشفى.
حالة عبد الرحمن الأبنودي الصحية كانت محط اهتمام الدولة المصرية، فالرئيس عبد الفتاح السيسي أجرى اتصالًا هاتفيًا بزوجة الراحل للاطمئنان على حالته الصحية بعد خضوعه للعملية الأخيرة، وكذلك رئيس الوزراء إبراهيم محلب.
وأحزن خبر وفاته كثيرًا من الفنانين والمبدعين الذين تعاملوا معه على المستوى الشخصي منهم طارق علام الذي أعرب عن حزنه الشديد لوفاة الأبنودي مؤكدًا أن مصر والمصريين فقدوا قامة فنية عظيمة، وذكر أن الأبنودي بدأ صفحة بيضاء في تاريخ الوطن بأعماله وأعطى المصريين أمل في الغد وتحدث عن قناة السويس قبل وبعد البدء فيها وكان يتمنى أن يرى اكتمال الحلم بانتهاء مشروع القناة.
ومن جانبه أعرب الفنان أحمد بدير، عن حزنه الشديد لوفاة الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي مشيرًا إلى أنّ " الأبنودي عاصر الثورات التي مرت بها مصر وكان بكلماته مؤثرًا كبيرًا فيها وفي قلوب المصريين".
أما الفنان أشرف زكي فقال إن خبر وفاة الشاعر عبد الرحمن الأبنودي نزل عليه كالصاعقة وأحزنه حزنًا شديدًا لأن الخال علامة بارزة في تاريخ الوطن، ومواقفه الشخصية تعبر عنه.
بدوره نعى الفنان تامر عبد المنعم، الراحل الشاعر عبد الرحمن الأبنودي مؤكدًا أنه تعامل معه على المستوى الشخصي وله معه مواقف كثيرة جميلة، داعيًا الله أن يرحمه ويدخله فسيح جناته.
أما الأديب يوسف القعيد، الذى تربطه علاقة صداقة قوية بـ " الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي"، دعا الله أن يرحمه ويدخله فسيح جناته.
وأعرب القعيد عن حزنه الكبير بسبب فقدان مصر والوطن العربي للشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، مؤكدًا أنه قامة فنية كبيرة أثّر في وجدان وتاريخ مصر بكلماته وشخصيته الوطنية.
ونعى الموسيقار هاني شنودة، الأبنودي بكلمات محزنة وبكى قائلًا كلمات من أشعاره "كل الحاجات بتفكرني وعيون حيرتها تحيرني والذكرى مش بتصبرني تمر صورتك أتبسم ياعبد الرحمن"، مؤكدًا أنه منذ سماع خبر وفاة الأبنودي أصبح غير قادر على الحديث بسبب شدة الحزن.
وأوضحت الفنانة فردوس عبد الحميد "أنا حزينة منذ سماعي لخبر وفاة الخال، لأنه فنان قضى عمره كله في خدمة مصر، فكان وطني من الدرجة الأولى فحتى أذا توفاه الله فهو عايش في قلب كل مصري، أدعوا الله أن يرحمه ويدخله فسيح جناته".
وأشار الفنان القدير يوسف شعبان إلى أنّ "مصر كلها حزينة عليه وليس أنا فقط "، باكيًا وداعيًا الله أن يرحمه ويدخله فسيح جناته.
ولفت الفنان أشرف سيف إلى أنه "استمرارًا لمسلسل الحزن، رحل آخر من تبقى من جيل عظماء الأغنية المصرية، هذا الجيل الذي صنع لنا زمن الفن الجميل الذي تربينا عليه وأصبح المُكون الأساسي لذكرياتنا ولحظات انتصارنا وانكسارنا"، متحدثًا "الله يرحمك يا خال ويعطيك من فضله ومن رحمته بقدر ما قدمت لهذه الأمة العظيمة من كنوز ومن عطاءات إلى آخر نفس من حياتك العامرة".
يشار إلى أنّ الأبنودي ولد عام 1939م في قرية أبنود في محافظة قنا في صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذوناً شرعياً وهو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا وتحديداً في شارع بني علي حيث استمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها.
وتزوج من المذيعة المصرية نهال كمال وله منها ابنتان آية ونور.
ومن أشهر أعماله "السيرة الهلالية" التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها، ومن أشهر كتبه كتاب "يامي الحلوة" والذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا الحلوة في جريدة الأهرام وتم جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة، وفيه يحكي الأبنودي قصصاً وأحداثاً مختلفة من حياته في صعيد مصر.
وصدر مؤخرًا عن دار "المصري" للنشر والتوزيع، كتاب "الخال" للكاتب الصحفي محمد توفيق، يتناول فيه سيرة الشاعر عبد الرحمن الأبنودي الذاتية، ويرصد الكتاب قصص الأبنودي الآسرة، وتجاربه المليئة بالمفارقات والعداءات والنجاحات والمواقف.
وفي مقدمة كتابه، يوضح توفيق "هذا هو الخال كما عرفته، مزيج بين الصراحة الشديدة والغموض الجميل، بين الفن والفلسفة، بين غاية التعقيد وقمة البساطة، بين مكر الفلاح وشهامة الصعيدي، بين ثقافة المفكرين وطيبة البسطاء، هو السهل الممتنع، الذي ظن البعض - وبعض الظن إثم - أن تقليده سهل وتكراره ممكن".
و كتب الأبنودي العديد من الأغاني، من أشهرها أغنيات عبد الحليم حافظ "عدى النهار، أحلف بسماها وبترابها، ابنك يقول لك يا بطل، أنا كل ما أقول التوبة، أحضان الحبايب، وغيرها" و أغاني محمد رشدي "تحت الشجر يا وهيبة، عدوية، وسع للنور، عرباوي"
وأغاني فايزة أحمد "يمّا يا هوايا يمّا، مال علي مال"، وأغاني نجاة الصغيرة "عيون القلب، قصص الحب الجميلة" وأغاني شادية "آه يا اسمراني اللون، قالي الوداع"، وأغاني فيلم "شيء من الخوف" وأغاني صباح "ساعات ساعات" ووردة الجزائرية "طبعًا أحباب، قبل النهار ده" وماجدة الرومي "جايي من بيروت، بهواك يا مصر".
أما الملك محمد منير فقد كتب له أجمل أغانيه مثل "شوكولاتة، كل الحاجات بتفكرني، من حبك مش بريء، برة الشبابيك، الليلة ديا، يونس، عزيزة، قلبي مايشبهنيش، يا حمام، يا رمان".
كما كتب أغاني العديد من المسلسلات مثل "النديم"، و"ذئاب الجبل" وغيرها وكتب حوار وأغاني فيلم "شيء من الخوف"، وحوار فيلم "الطوق والإسورة" وكتب أغاني فيلم "البريء" وقام بدوره في مسلسل العندليب "حكاية شعب" الفنان محمود البزاوي و شارك الدكتور يحيى عزمي في كتابة السناريو والحوار لفيلم "الطوق والإسورة" عن قصة قصيرة للكاتب يحيى الطاهر عبد الله.
وحصل الأبنودي على جائزة الدولة التقديرية عام 2001، ليكون بذلك أول شاعر عامية مصري يفوز بجائزة الدولة التقديرية وفاز بجائزة "النيل" في الآداب عام 2010 وهي أرفع جائزة في البلاد، وفاز أيضًا بجائزة محمود درويش للإبداع العربي للعام 2014.
وبوفاته فقدنا أروع الكلمات وأرقى الفنون الأصيلة.
أرسل تعليقك