توفيت النجمة المصرية فاتن حمامة، مساء السبت، عن عمر يناهز الـ84 عامًا، بعد وعكة صحية مفاجئة أودت بحياتها.وأكّدت أميرة حمامة، وهي من أفراد أسرة الفنانة فاتن حمامة، خبر وفاتها، إثر وعكة صحية انتابتها في الساعات الأخيرة، كما نعى عضو مجلس نقابة الفنانين سامح الصريطي، سيدة الشاشة العربية، مشيرًا إلى أنه "عند الاتصال بالرقم الخاص بها ردت عليهم إحدى أفراد العائلة، وأكّدت الفاجعة".
وأصدرت رئاسة الجمهورية المصرية بيانًا تنعي فيه ببالغ الحزن والالفنانة الكبيرة فاتن حمامة، وتقدمت مؤسسة الرئاسة لأسرتها وذويها وكافة محبيها من أبناء مصر والوطن العربي بخالص التعازي والمواساة.
وفي الوقت نفسه، ذكر بيان للمتحدث الرسمي للرئاسة، السفير علاء يوسف، أنَّ مصر والعالم العربي فقدا قامة وقيمة فنية مبدعة، طالما أثرت الفن المصري بأعمالها الفنية الراقية، مضيفًا: "وستظل الفقيدة التي أضفت السعادة على قلوب جموع المصريين والمواطنين العرب بإطلالتها الفنية وعطائها الممتد وأعمالها الإبداعية، رمزًا للفن المصري الأصيل وللالتزام بآدابه وأخلاقه"، واختتم داعيًا: "رحم الله الفقيدة وأسكنها فسيح جناته".
وقد بدأت سيدة الشاشة العربية مشوارها الفني منذ العام 1944، بتقديم أهم كلاسيكيات السينما المصرية والعربية.
وتعرضت حمامة لأزمة صحية منذ عدة أسابيع، استدعت نقلها إلى مستشفى دار الفؤاد في مدينة السادس من أكتوبر، تحت إشراف زوجها الطبيب محمد عبدالوهاب.
وخرجت فاتن من المستشفى بعد أنَّ تماثلت للشفاء، قبل أنَّ تتعرض مجددًا لوعكة مفاجئة توفيت على إثرها، مساء السبت، لتطوي صفحة من صفحات زمن الفن الجميل.
وولدت فاتن حمامة في 27 أيار/ مايو العام 1931، وظهرت على شاشة السينما للمرة الأولى حين اختارها محمد كريم، مخرج أفلام موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، لتشارك بدور صغير في فيلم "يوم سعيد" الذي عرض في 15 كانون الثاني/ يناير 1940.
وعاصرت سيدة الشاشة العربية عقودًا طويلة من تطور السينما المصرية، وساهمت في صياغة صورة جديرة بالاحترام لدور السيدات في السينما العربية، عبر أدوارها التي قدّمتها منذ العام 1940.
وقدمت الفنانة فاتن حمامة ما يزيد عن 103 فيلم، كان آخرها "أرض الأحلام"، وصنف 18 فيلمًا من أفلامها ضمن أحسن ما أنتجته الشاشة الفضية المصرية.
واختيرت فاتن حمامة أفضل ممثلة في العام 1996 خلال احتفال السينما المصرية بمناسبة مرور 100 عامًا على نشاطها، وفي العام 1999 تسلمت شهادة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأميركية في القاهرة، ومنحت جائزة نجمة القرن العام 2000، من طرف منظمة الكتاب والنقاد المصريين، ووسام "الأرز" من لبنان، ووسام "الكفاءة الفكرية" من المغرب، والجائزة الأولى للمرأة العربية العام 2001.
وقدمت فاتن دورًا مميزًا حفر في ذاكرة التاريخ بمسلسل "ضمير أبلة حكمت"، الذي أنتج العام 1991، كما صاحب عودتها للعمل الفني بعد غياب طويل ضجة إعلامية، إذ شاركت العام 2000 في المسلسل التلفزيوني "وجه القمر"، الذي عرض على 24 قناة فضائية ومحطة تلفزيونية عربية، وانتقدت خلاله العديد من السلبيات في المجتمع المصري عبر تجسيدها شخصية مذيعة كبيرة في التلفزيون، وكان في المسلسل تعاطف مع الانتفاضة الفلسطينية، عبر مشاهدة أبطال المسلسل للأحداث على أرض فلسطين على شاشات التلفزيون وتأييدها، لاسيما عبر تعليقات المذيعة "ابتسام البستاني"، التي أدّت دورها النجمة فاتن حمامة، على الانتفاضة وتجار السلاح.
وكان سبب الضجة الإعلامية إقامة مؤلفة العمل ماجدة خير الله دعوى قضائية ضد الشركة المنتجة للمسلسل، بدعوى أنَّ المسلسل أصابه التشويه من كثرة الحذف والإضافة في النص من قِبل بطلته، والتي وحسب المؤلفة كانت تتدخل في عمل المخرج، سواء باختيار النجوم، أو في عملية المونتاج، ولكن على الرغم من هذه الضجة تم اختيار حمامة كأحسن ممثلة، ومسلسل "وجه القمر" كأحسن مسلسل.
واختارت لجنة السينما للمجلس الأعلى للثقافة في القاهرة العام 2007، ثمانية من الأفلام التي ظهرت فيها فاتن حمامة، ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
يذكر أنّه عندما بدأت سيّدة الشاشة العربية مشوارها في السينما المصرية كان النمط السائد للتعبير عن الشخصية النسائية للمرأة المصرية في الأفلام يمشي على وتيرة واحدة، إذ كانت المرأة في أفلام ذلك الوقت إما برجوازية غير واقعية، تمضي معظم وقتها في نوادي الطبقات الراقية، تطارد الرجال أو بالعكس، وأيضًا كانت هناك نزعة على تمثيل المرأة كسلعة جسدية، لإضافة طابع الإغراء لأفلام ذلك الوقت، وكانت معظم الممثلات في ذلك الوقت يجدن الغناء أو الرقص.
وقبل مرحلة الخمسينات ظهرت في 30 فيلمًا، وكان المخرجين يسندون لها دور الفتاة المسكينة البريئة، ولكن كل هذا تغير مع بداية الخمسينات، إذ بدأت، نتيجة التوجه العام في السينما المصرية نحو الواقعية، بتجسيد شخصيات أقرب إلى الواقع، ففي فيلم "صراع في الوادي" (1954) جسدت شخصية مختلفة لابنة الباشا، فلم تكن تلك الابنة السطحية لرجل ثري، وإنما كانت متعاطفة مع الفقراء والمسحوقين، وقامت بمساندتهم.
وفي فيلم "الأستاذة فاطمة" (1952) مثلت دور طالبة في كلية الحقوق من عائلة متوسطة، تؤمن بأنّ للنساء دورًا يوازي دور الرجال في المجتمع، أما في فيلم "إمبراطورية ميم" (1972) مثلت دور الأم التي كانت مسؤولة عن عائلتها في ضوء غياب الأب، وفي فيلم "أريد حلاً" (1975) جسدت دور امرأة معاصرة، تحاول أنَّ يعاملها القانون بالمساواة مع الرجل، وفي العام 1988 قدمت مع المخرج خيري بشارة فيلم "يوم حلو يوم مر"، ولعبت فيه دور أرملة في عصر الانفتاح والمبادئ المتقلبة.
ورأى معظم النقاد أنها وصلت إلى مرحلة النضج الفني مع فيلم "دعاء الكروان" (1959) الذي اختير كواحد من أحسن ما أنتجته السينما المصرية، واستند الفيلم على رواية لعميد الأدب العربي طه حسين، وكانت الشخصية التي تجسدها معقدة للغاية من الناحية النفسية.
أرسل تعليقك