كشف الناقد الفني محمود عبد الشكور عن آرائه في مسلسلات رمضان بنقد فني دقيق لكل عمل وذلك عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي " الفيسبوك", حيث كشف أن شخصية يونس في مسلسل "يونس ولد فضة" لعبد الرحيم كمال والمخرج أحمد شفيق نقطة تحول في حياة عمرو سعد، وهي أفضل أدواره في حتى اليوم .
وأضاف, "يبدو وكأنه عثر أخيرا على طريقة أداء مميزة، يتصرف ببساطة ، ويلون أداءه بسهولة، ويمنح الشخصية تفصيلاتها بدون تصنع أو افتعال أو مبالغة، لا تهزمه اللهجة، ولكنه يطوعها ويؤثر بها" , وتابع, "بعد مشاهدة أكثر من نصف الحلقات، يصعب أن أتخيل ممثلا آخر يمكن أن يلعب يونس بمثل هذا الحضور، وكأن يونس هو الذي بحث عن عمرو فأختاره ، وكأن عمرو وجد نفسه في يونس، ذابت الفروق بينه وبين الشخصية، وأكمل, "يضحكني ويشعرني بالشجن ويذكرني بشخصيات صعيدية عرفتها, الشخصية فيها جانب حالم وبرئ، وفيها قوة وروح عملية ، فيها كثير من الواقع، وبها مسحة من ابطال الملاحم والغناوس، شخصية رمادية ومركبة للغاية".
وأشار إلى أنه ليس سهلا أبدا أن تضع بصمتك على شخصيات صعيدية قدمتها الدراما بأداء كبار الممثلين، ولكن عمرو سعد كسب الرهان بامتياز , وأضاف قائلا : "تحية تقدير وإعجاب للواعد عمرو إمام الذى يلعب بحساسية عالية دور شبل الكفيف في حلقات "يونس ولد فضة" .. العلاقة بين شبل ويونس من أجمل العلاقات الإنسانية التي قدمتها مسلسلات رمضان لهذا العام ، نسجها المؤلف عبد الرحيم كمال بمنتهى الذكاء والظرف والبساطة والعمق، وقدمها المخرج أحمد شفيق بصورة قوية ومؤثرة، في إحدى اللقطات مثلا يصطاد يونس مع شبل، ويتحدثان بحرية ، يقول له يونس عبارة جميلة : " أنا عينك وانت قلبي يا شبل " ، هو فعلا كذلك، شبل سيحب فتاة من خلال الصوت فقط، وسيكون يونس مستشاره العاطفي، رغم أن يونس جريح ومحبط في علاقته مع صفا, وهناك كيمياء رائعة بين عمرو سعد وعمرو إمام, انتظروا هذه الموهبة الواعدة ، ولا تنسوا الاسم : عمرو إمام".
وأوضح أن المطرب أحمد سعد الموهوب صوتا وتلحينا قدم أحد أفضل تترات مسلسلات رمضان المدهشة بكلمات عمر طاهر في "يونس ولد فضة", وقال, "اللحن هذا موالدي بيفكرني بحضرة سيدي الضمراني قدام بيتنا زمان، نسمع بوضوح صاجات المنشدين ، وكأن المغنى يشكو الى ربه دوامة الحياة، وكأنه في متاهة لا ملجأ منها إلا الله، أين المفر إذا كنت " لا عدت قادر/ ولا قلبي طايق/ كدابة صورتي/ جوة البطايق"، وإذا كان " لا البعد راحة/ ولا القرب راحة/ والحيرة مرّة/ والقلب قايد"، وإذا كنت " لا ليا حيلة / ولا ليا خاطر/ عند اللي غاوية / كسر الخواطر" .. أحمد سعد يعيد الإعتبار لتترات المسلسلات في تجاربه السابقة وفى هذا التتر البديع بعد أن غاب الكبار", كاشفًا أن صوته في التتر يلامس بقوة دفء صوت محمد الحلو وكأنه استحضره من جديد".
وكشف أن هناك سببان للفتور الذى يشعر به متابع "سقوط حر" الأول هو المط والتطويل ، والثاني هو الصراع الباهت في مسلسل فيه عناصر قوية جدا للصراع، هناك جريمة قتل عنيفة بدأ بها المسلسل ويفترض أن تكشف عن صراعات خطيرة، وهناك امرأة مضطربة نفسيا أو هكذا نظن، مما يعني بحث وصراع على الأقل بين المريضة والأطباء، الغريب أن الخطين في حالة جمود، الصراع هو عصب الدراما، و"سقوط حر" تاه منه الصراع , وأضاف, "أعجبني أحمد داش في فيلم "لا مؤاخذة" ، واعجبني في دور ابن نيللي كريم في "سقوط حر"", موضحًا أنَّه موهبة مميزة جدا تستحق الرعاية والمزيد من الأدوار كلما زاد سنه, وأثنى على أحمد مع شوقي الماجري مخرج "سقوط حر" .
وبيّن أن أفضل سيناريو وتصوير وديكور وملابس وموسيقى وإخراج حتى الآن فيما شاهد تمثل في مسلسل "أفراح القبة", وأشار إلى أن صبري فواز كان في دور صعب "كرم يونس" في "أفراح القبة" ويبدو شخصية بسيطة وهادئة ولكن في داخله صراعات عنيفة، رجل الهامش حتى عندما يتزوج من حليمة، في أحد افضل مشاهده يستمع في ليلة الزفاف الى اعترافاتها بعلاقة سابقة مع سرحان، فيطلق كرم ابتسامه بلون الحزن، هذا التعبير لا يقدمه الا مشخصاتي قدير، وكأنه يمزج وجها ضاحكا بآخر يبكي, وأن هذا التعبير يتطلب تحكما مذهلا في عضلات الوجه، التي ظهرت على صبري فواز.
ورأى أن دور حليمة الكبش من أفضل أدوار صابرين كممثلة، ومن أصعبها أيضا وأن مراحل عمرية متنوعة، ووجه يحاول أن يخفي مأساة، بل إنها تمتلك عدة وجوه متباينة، وكأنها الخطيئة تريد أن تلبس أقنعة، كنت دوما أعتبر صابرين ممثلة هامة ومؤثرة حتى قبل مسلسل أم كلثوم ، الآن نستطيع أن نقول إننا أمام ممثلة كبيرة , وأضاف, "أوجه التحية الى المشخصاتي المميز الذى يلعب دور سالم العجرودي في حلقات "أفراح القبة ", اسامة عبد الله الذى يؤدي ببراعة دور المخرج هو نفسه الذي حقق شهرة كبيرة في إعلان رمضاني كان يظهر فيه مع شاب، ويحدثه عن ايام زمان ، وعن منتجات لا وجود لها، ولكنه في الأصل ممثل مسرحي وسينمائي مخضرم ظهر في أدوار سينمائية ومسرحيات هامة ، ولم يلتفت إليه أحد، دور المخرج يعيد إليه الإعتبار بوصفه مشخصاتي متمكن وراسخ, يستحق هذا الرجل الإحترام على مثابرته ودأبه ، وعلى حرصه أن يخرج من شهرة الإعلان العابرة الى الأداء الدرامي الرفيع".
وتابع, " لفت نظري بشدة محمد الشرنوبي في دور عباس في مسلسل "افراح القبة", وهو يؤدي ببساطة وتمكن أمام ممثلين أكثر منه خبرة ، وشاهدت محمد من قبل في أدوار أخرى بس دي أول مرة يلفت نظري، دوره في افراح القبة هو مولده الفني ، وهو بالمناسبة ابن الملحن المتميز فاروق الشرنوبي".
وأعلن أن أنوشكا في أحد أفضل أدوارها في "غراند أوتيل", وأنه كان ينقصها في أدوار كثيرة سابقة أن تصدق أنها هي الشخصية فتؤديها بكل تفاصيلها دون صنعة، بدلا من أن يكون الأداء من الخارج، وعلى السطح، في "غراند أوتيل" حققت أخيرا الكثير من هذه المعادلة الصعبة, وأضاف, "لفت نظري خالد كمال في "غراند أوتيل" في دور الصاغ شريف ، رغم أن الهيئة والشكل أقرب الى شخصيات الكوميكس، عرفت أنه يؤدي دورا مختلفا في مسلسل "الطبال" الذى لم اشاهده, وأنه مشخصاتي راسخ الأداء وفاهم ، ويمكن أن يؤدي أطيافا واسعة من أدوار الخير والشر", وتابع, "يدهشني محمد ممدوح في كل دور تقريبا، ودوره في "غراند أوتيل" يفيض رقة وعذوبة وشجنا ، ويؤديه بصدق وبساطة، شخصية أمين تترجم معنى العشق, وأن محمد ممدوح اسم هام يستحق المتابعة والثناء لديه موهبة عظيمة تصنع قماشة واسعة ملونة بألوان الشخصيات المختلفة، والعواطف الإنسانية المتقلبة , وفي النهاية اساس حرفة السيناريو هو أن تعرف كيف تحكي وكيف تحتفظ باهتمام من تحكي لهم, وهذا ما يفعله تامر حبيب وفريقه بامتياز يوميا في حلقات المسلسل" .
ونوَّه إلى أنَّ حلقات "ونوس" الماضية كشفت عن مشكلات درامية واضحة تشترك في معظمها تقريبا كل الأعمال المأخوذة عن فاوست، أولها أن الشيطان سواء اسمه ونوس أو غيره فكرة مجردة أكثر من كونها شخصية من لحم ودم، مما يجعله نمطا أحادي الجانب، ومتوقع التصرفات، وغريب عن المكان والزمان، كما أنها شخصية جامدة لا تتطور أبدا، أي أنها لا تبدأ من نقطة ثم تتحول الى أخرى، وإنما هي ثابتة ولها لون واحد أسود، بل إن ونوس يظهر حرفيا بنفس الملابس، والدراما تنقل الأفكار وتكسوها بشرًا ولكنها تصبح ضعيفة للغاية ومباشرة إذا اضطرت التعبير عن فكرة واضحة بنفسها، وفكرة صلبة محددة، وكل الألاعيب والحيل التي يقوم بها ونوس لا يمكن أن تجعل منه إنسانا ويظل دوما فكرة تمثل الشر الخالص والمدمر، بل إنه شر غير واضح الأسباب حتى الآن، لأن معالم صفقة ونوس مع رب الأسرة لم تتضح بعد، وثانيها أن الأحداث لا تسير بشكل متصاعد وإنما بشكل مستقيم : رجل يغوي وآخرون يقعون في الإغواء، سبب ونتيجة آلية بدون تغيير، وثالثها أنه رغم وجود صراع بين أسرة انشراح و ونوس إلا أنه صراع غير متكافئ، إنهم تقريبا لا يقاومون إلا بشكل باهت، والصراع الدرامي الحقيقي, موضحًا أنه لابد أن تتكافأ فيه الأطراف، أو على الأقل تتقارب فيه الأطراف، يعني ضغط ومقاومة بصورة جدلية متصاعدة، ولا أثر لذلك فيما شاهدنا ، لأن الأمر يسير في اتجاه واحد، الوحيد الذى يتمرد بقوة على ونوس تقريبا هو الأب (نبيل الحلفاوي) ، ولكنه هارب طوال الوقت أكثر من كونه يواجه ويدير معركة في مقابل معركة، أو مناورة مقابل مناورة، أما الأم إنشراح فهي تعترض ولكنها لا تحول اعتراضها الى فعل مقاومة ضد حيل ونوس، لأنها مشغولة بأمور أخرى، والدراما أفعال وليست أقوال، وأوضح أن ذلك في الحقيقة قتل الصراع تقريبا قبل أن يبدأ، ورابعها المبالغة في قدرة ونوس على عمل المعجزات مثل شفاء الابن، مما يجعل ايمان الآخرين به مبررا، فأي أم يًشفي رجل ابنها من المرض معذورة تماما بأنه تتبع الرجل صاحب المعجزة، لكل هذه الأسباب فترة حماس المشاهد لمتابعة ونوس ,ويتابع, "إحدى نجمات دراما رمضان، الموهوبة حنان مطاوع في دور نرمين في "ونوس" بكل صعوباته، من حنان ولهفة الأم، الى غيرة ومكايدة دفينة، وبينهما مرارة الهجر والخذلان، تعبر حنان مطاوع ببراعة عن كل هذه الحالات وربما في مشهد واحد، فتثبت أنها قد نضجت تماما، وتستطيع أن تلعب أصعب الأدوار" , وتابع ,"هناك ممثل واعد للغاية، لديه حضور وثقة في الأداء، وهو ايضا مطرب جيد ، هو محمد كيلاني في دور نبيل في حلقات "ونوس" يضع بصمة ويعلن عن مولده الفني".
وقال إن من أفضل حوارات المسلسلات الرمضانية ذكاء وتكثيفا وظرفا ومناسبة لطبيعة كل شخصية حوار مسلسل "راس الغول" رغم أنه لا يعلم من الذي كتب الحوار شريف بدر الدين أم وائل حمدي، أم الاثنين معًا، عموما هما فعلا ثنائي رائع, مضيفًا "ليتهما يستمران في أعمال مقبلة", وتابع, "شاهدت مصطفى أبو سريع من قبل في أكثر من عمل آخرها فيلم "فص ملح وداخ"، ولكن مولده الفني الحقيقي في دوره الظريف في مسلسل "راس الغول", وأن صعوبة الدور في أن تكتشف طريقا خاصا لشخصية قدمت من قبل بأشكال متعددة، كما أن فرصة المبالغة سهلة، يضاف الى ذلك أن تؤدي وتضحك أمام محمود عبد العزيز وهو في أفضل حالاته, وأن مصطفى أبو سريع نجح في تجاوز كل ذلك في الحلقات الأولى من المسلسل كان يبدو هو و محمود عبد العزيز مثل دون كيشوت وتابعه سانشو بانزا .. ثنائي جميل وممتع, وأضاف, " المهم هو الخطوات المقبلة أتمنى أن يحافظ مصطفى على هذا النجاح" .
ولفت إلى أن الحلقات الأربع التي شاهدها من مسلسل "ساق البامبو" سيناريو وحوار رامي عبد الرازق وإخراج محمد القفاص تنبئ بعمل جيد وهام يضع الدراما الكويتية بقوة على الخريطة الرمضانية, وأن المسلسل عن الرواية المميزة لسعود السنعوسي الذي قام بتكوين الحوار بعد أن كتبه رامي باللهجة المصرية، وأعتقد أن التفاهم بينه وبين رامي حول معنى الرواية وتفاصيل أحداثها كان سببا في تقديم إعداد درامي لافت, موضحًا أن هناك تماسك في السرد، وتحديد لخطوط الصراع من الحلقة الأولى، والدفع بشخصية الأم الى البطولة كان موفقا للغاية لأنها تبرز تناقضات العلاقة مع الآخر، وأن هناك أيضا تكثيف جيد للأحداث، وفريق ممثلين مميز على رأسه سعاد عبد الله التي تترجم بقوة صلف الشخصية التي تؤديها، وقال :"الممثلة الفلبينية التي لعبت دور جوزفين ممتازة، وممثل دور خوزيه جذب انباهي عند ظهوره بحضوره وبساطته، وأن المخرج أيضا جيد", مضيفًا, "كنت اتمنى أن يقلل من استخدام الموسيقى التصويرية على مدار الحلقة حتى لا تفقد تأثيرها، كما أن المواقف الدرامية مكتوبة بشكل جيد، وليست بحاجة الى المزيد من التأثير العاطفي ، وأنه عمل هام وجرئ وجدير بالمتابعة والإهتمام .
"وختم بأن الزعيم" و" الكينج" خارج المنافسة تماما وتجاوزتهما مسلسلات كثيرة, بمعنى أن الدرس يكشف أنَّ "النجومية وحدها لا تكفي" .
أرسل تعليقك