فيلم Dolemite Is My Name (اسمي دولمايت) ليس مجرد سيرة ذاتية عن الممثل والموسيقي والكوميدي، رودي راي مور، بل هو عشق النجم الأميركي الأسود، إيدي ميرفي، لإحدى أكثر الشخصيات جرأة في حقبة السبعينات، وتحديداً خلال حركة Blaxploitation التي ظهرت وبرزت في ذلك العقد.
هذه الحركة ظهرت لتعديل الصورة النمطية للأميركيين السود الذين كانوا إما مهمشين أو ضحايا أو أشراراً. فوضعتهم الحركة أبطالاً لقصصهم، وجعلت الرجل الأبيض الشرير في بعض أفلامها. كانت في البداية موجهة للسود، وعندما لاحظت هوليوود حجم الإقبال عليها توسّعت في إنتاجها. لطالما رغب ميرفي في أداء شخصية مور، لكنه واجه صعوبات في التمويل، ولم يكن هناك اهتمام كافٍ من استوديوهات هوليوود، خصوصاً عندما أفلت نجومية ميرفي بداية سنوات الألفية، ولم يعد عامل جذب لشباك التذاكر الأميركي.
ثم تغيّر مجرى التاريخ بدخول «نتفليكس» على خط صناعة الترفيه، وأبدى عملاق التقنية رغبة واهتماماً بالتعاون مع النجم الآفل، لصنع فيلم من أفكاره دون أي تدخل، «نتفليكس» تمول، وميرفي يصنع الفيلم، ويعرض حصرياً على منصتها.
تمكّن المخرج، كريغ بروّر، من خلال نص كتبه سكوت أليكساندر ولاري كراسوزكي (كتبا «إيد وود» 1994 و«الشعب ضد لاري فلنت» 1996) بعد عملية بحث شاملة عميقة للشخصية من صنع فيلم يعيد لوس أنجلوس إلى أجواء السبعينات، ويسلط الضوء على أحداث وظروف غريبة وقعت خلف كواليس فيلم دولمايت عام 1975. بالنسبة لميرفي، فإن تقمص شخصية مور بمثابة العودة إلى جذوره. ركز ميرفي في العقدين الماضيين على الأفلام الموجهة للعائلات. الآن، وباقترابه من سن 60، يبدو أن ميرفي يميل تجاه أفلام الكبار، وهذا الفيلم يعطيه الفرصة المثالية لتحقيق شخصيات تجمع بين الجرأة والبذاءة، تقمصها في بداياته بشكل روتيني.
عشاق موجة أفلام «بلاكسبلوتيشن» هم فقط من يتذكرون مور الذي صنع ستة أفلام بين 1975 و1982، قبل اختفائه وظهوره مجدداً في التسعينات حتى وفاته عام 2008.
يحكي «اسمي دولمايت» قصة إعادة مور ابتكار نفسه ليكون دولمايت، وبعد مجموعة ألبومات كوميدية ناجحة، تمكن من تمويل فيلمه الذي أصبح كلاسيكياً، بعد أن التفّت حوله نوعية معينة من الجمهور. الكوميديا غير موضوعية، هذا متفق عليه، هناك من سيحب مونتي بايثون، وهناك من سيجده سخيفاً، خصوصاً من لا يفهم الكوميديا البريطانية. الأمر نفسه ينطبق على مور. يعكس الفيلم بلا تحفظ ردود أفعال ناس من عرقيات وطبقات وأجناس مختلفة تجاه نوعيات الكوميديا.
مثلاً، في مشهد نرى مور وأصدقاءه ذاهبين إلى السينما لمشاهدة فيلم «الصفحة الأولى» لبيلي وايلدر عام 1974، من بطولة وولتر ماثاو وجاك ليمون، نراهم جالسين في الصالة بوجوه متحجرة، بينما الجمهور من حولهم، معظمه من البيض، يضحك على الكوميديا، فيقولون: «هذا الفيلم ليس مضحكاً، ولا يحوي مشاهد كونغ فو مبتذلة من التي يريد الناس مثلنا مشاهدتها».
رغم أن كوميديا الفيلم الذي يشاهدونه لا تصل إلى مستوى منطقهم، إلا أنهم يخرجون من الصالة بدرس مهم وهو قوة السينما كوسيط للوصول إلى جماهيرهم. يعني لو تأملنا قليلاً سنجد أن الراحل وايلدر - وهو صانع أفلام أسطوري نمساوي/ أميركي من حقبة هوليوود الذهبية - ألهم فيلم دولمايت! السؤال: كيف سيشعر وايلدر لو علم هذه الحقيقة؟
الفيلم ليس كوميدياً بالنسبة للجماهير خارج دائرة عشاق مور، لكنه ترفيهي إلى حد كبير، وبالإمكان مشاهدته كفيلم سيرة ذاتية أو دراسة سلوك شخصية. يحوي الفيلم مشاهد صنع مور لفيلم دولمايت، وهي شبيهه جداً بمشاهد جيمس فرانكو في فيلم «الفنان الكارثة»، عندما تقمص شخصية تومي ويسو صاحب فيلم «الغرفة». «دولمايت» و«الغرفة» يتشاركان في كونهما رديئين جداً، وبسبب ذلك أقبلت عليهما الجماهير لتضحك، وبالتالي أصبحا كلاسيكيين، وهذه إحدى غرائب السينما، تجد فيلماً تحفة كلاسيكياً، وتجد رديئاً يتحول إلى كلاسيكي بسبب رداءته الشديدة. إقبال الجماهير هو العامل الحاسم. الفرق شاسع بين مور وويسو، الأول ذكي ويعرف أنه يصنع رداءة مضحكة مربحة بسبب إقبال الجماهير، الثاني منذ أن صنع «الغرفة» في 2003 وإلى اليوم، يعتقد أنه عبقري سينما. يعتبر مور نفسه مجرد رجل استعراضات يتمتع بشعبية بسبب شخصيته أكثر من أفلامه، أما ويسو فيعيش في فقاعته الخاصة.
كما شاهدنا في «الفنان الكارثة»، فإن مشاهد صنع «دولمايت» قد تكون هي الأكثر إضحاكاً. نرى مشاهد حقيقية من دولمايت وجزئه الثاني «الإعصار الإنساني»، تعرض في نهاية الفيلم.
أحاط ميرفي نفسه بطاقم ممثلين مساعدين من العيار الثقيل، كيغان مايكل كي (ظهر في الفنان الكارثة) في دور كاتب السيناريو الساذج، الذي يظن أنه يكتب دراما قوية عن مشكلات اجتماعية.
كودي سميت مكفي الذي كان في دور نايت كرولر في أفلام «إكس من»، يؤدي دور طالب سينما في جامعة كاليفورنيا عُين مصوراً للفيلم. ويزلي سنايبس رائع في دور دي أورفيل مارتن، بطل مشارك ومخرج الفيلم. كريس روك وسنوب دوغ - وهذا الأخير كان فاعلاً في إعادة تقديم مور إلى الجماهير في التسعينات - يتمتعان بمشاهد قصيرة، لكن كبيرة من ناحية التأثير والفعالية.
هذا الفيلم للكبار فقط و ليس عائلياً، هذا ليس ميرفي الذي سمعنا صوته في «شريك» وليس البروفيسور المجنون أو دكتور دوليتل. هذا ميرفي الذي عرفناه في ثلاثية شرطي بيفيرلي هيلز 1984- 1994، أو في Trading Places، ميرفي الذي أمتعنا ضحكاً حتى وإن كان بذيئا إلى حد ما.
قد يهمك أيضًــــــــــا:
كريم فهمي يؤكد قدرته على القيام بجميع الأدوار
المطرب أبو يُعرب عن أمنيته في عمل دويتو مع محمود العسيلي أو مصطفى حجاج
أرسل تعليقك