ولد المطرب والملحن سيد درويش بحي كوم الدكة في الإسكندرية،وكان أبوه يريده شيخًا معمما يحفظ القرآن ويجوده، فأدخله كتاب حسن حلاوة بالحي نفسه، فتعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ قسطاً من القرآن الكريم، وفي سن العاشرة توفى أبوه فصممت أمه على أن يتم تعليمه ونقلته إلى مدرسة أولية، كان فيها معلم يهتم بتحفيظ الأطفال الأناشيد الدينية والقومية، ولفت انتباهه الطفل سيد درويش، وجعله يقود الأطفال في ترتيل الأناشيد، ونمت موهبته وخرج من حدود الحي وأصبح يرتاد الأحياء الشعبية الأخرى ويستمع الى مشاهير الشيوخ المقرأين والمطربين الذين يحيون الأفراح والمواليد الدينية واشترت له أمه ملابس رجال الدين وهو غلام في الثالثة عشر من عمره وتقدم للالتحاق بالمعهد الديني التابع لأحد مساجد الإسكندرية وهو مسجد (العباس- المرسي) لكي يتم حفظ القرآن وتجويده، وكان شغوفاً بالقراءة والإطلاع ويقرأ كل ما يقع في يده من كتب وصحف عربية.
بدايته الفنية
في سن الرابعة عشرة، تفرغ للغناء والإنشاد وكان بالطبع مقلداً لمشاهير المطربين والمقرئين، ثم جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية في سنة 1907 فكسد سوق الفنانين، وعمل في المعمار، وفي أثناء عمله يغني.
وكان أمام العمارة التي يشتغل عليها مع زملائه مقهى متواضع يجلس فيه ممثل أسمه أمين عطا الله وهو شقيق سليم عطا الله صاحب الفرقة التمثيلية التي تعمل في الإسكندرية وسمع صوت هذا العامل الفنان وسرعان ما تقدم إليه وعرض عليه العمل في فرقة أخيه ولم يتردد سيد درويش والتحق بالفرقة، وسافر إلى لبنان، ولكن الفرقة فشلت ولم تلق إقبالاً بسبب سوء الأحوال الاقتصادية.
وبعد أن قضى في الشام قرابة تسعة أشهر عاد الى الإسكندرية واستمر يعمل بالغناء والإنشاد في الأفراح والموالد والمقاهي الشعبية، وبدأ يؤلف ألحانه الخاصة التي كان ينسبها إلى الملحنين المشهورين فكانت تقابل بالاستحسان الشديد، ثم سافر مع سليم عطا الله إلى لبنان في رحلتها الثانية التي نجحت هذه المرة، ودرس علوم الموسيقى العربية وحفظ عن ظهر قلب حفظاً كاملاً كل التراث العربي، ثم عاد الى الإسكندرية سنة 1912 واستمر يعمل في الأفراح والمقاهي الشعبية واستفاضت شهرته وبدأ يجاهر بأنه ملحن ويقدم للناس ألحانه بنفسه وكانت تقابل بالاستحسان وتنتشر على ألسنة الناس.
وتردد اسمه في القاهرة، فكان كبار فناني القاهرة إذا زاروا الإسكندرية يبحثون عن المقهى الذي يغني فيه الشيخ سيد درويش ليسمعوه، ومن هؤلاء الفنانين المغني المشهور الشيخ سلامة حجازي، الذي شجعه على الحضور إلى القاهرة ليقدمه على مسرحه.
أقرأ أيضًا : محمد محسن يقدم حفلا غنائيا في الأوبرا بأغنيات سيد درويش والشيخ إمام
وبالفعل حضر سيد درويش وقدمه سلامة حجازي للجمهور بين فصول الرواية التي كانت تمثلها فرقته وغنى سيد درويش من ألحانه، ولكن لم تلقى اعجاب الجمهور، فحزن لفشله وعاد إلى الإسكندرية واستمر يعمل فيها سنوات الحرب العالمية الأولى.
في القاهرة
وكانت توجد فرقة الممثل التراجيدي الكبير جورج أبيض الذي ضعف الإقبال عليها لأن أحزان الحرب كانت توجه الناس الى اللون الكوميدي للتسلية والترفيه عنهم، ورأى جورج أبيض أن يحول فرقته الى اللون الكوميدي الاستعراضي الغنائي واستدعى سيد درويش من الإسكندرية وكلفه ان يلحن له أول أوبريت باسم (فيروز شاه).
ولم تلبث أن أخذ الناس يرددونها وخصوصاً الفنانون المشتغلون في المسارح الغنائية الأخرى، وسمع نجيب الريحاني بعض أفراد فرقته يغنون في أوقات راحتهم بين البروفات ألحاناً غريبة وجديدة فسألهم عنها ولما عرف قصة هذا الملحن الجديد أسرع بالتعاقد معه ليلحن له أوبيرتاته وألف له ألحان ثاني أوبريت وأسمها (ولو..)، التي نجحت نجاحا هائلا وتهافت عليه أصحاب الفرق فكان يؤلف لهم ما يطلبونه إذ أعجبه موضوع الرواية وأعجبه الشعر الشعبي للألحان، وجاء وقت كانت توجد في القاهرة أربع فرق وعدة صالات للغناء كانت كلها تقدم أوبيرتات من تلحينه.
وفي ثورة 1919 سطع نجمه كثيرًا عقب غنائه وتلحينه لأغنية "قوم يا مصري" التي حققت شهرةً ونجاحًا لامثيل لهما في الشارع المصري.
وهناك عددٌ من الألحان التي تألّفت للريحاني أو الكسار، وهي الآن جزءٌ من الفولكلور المصري، مثل "سالمة يا سلامة" و"زوروني كل سنة مرة" و"الحلوة دي" و"اهو دا اللي صار" وقد تم غناؤها من قبل مطربين كبار، مثل السيدة فيروز وصباح فخري.
زيجاته
تزوج أول مرة بعمر السادسة عشر، وبعد زواجه بعدة أشهر تجمد عمله بالفن، وأصبح يبحث عن مصدرٍ رزق.
أما زوجته الثانية "جليلة" فقد كان حبه لها هو الأكبر، فالعديد من الأغاني كانت لها. تزوجها عام 1918، وأنجب منها ابنًا واحدًا هو حسن.
كما تعرف في فرقة عكاشة على "حياة صبري" واسمها الحقيقي عائشة عبد العال، وأحبها بشكلٍ كبير، ويُقال بأنّه تزوجها عرفيًا بشكلٍ سري.
فرقته الخاصة
وقد فكر سيد درويش في أواخر أيامه في إنشاء فرقة خاصة له حتى يتمكن من إظهار فنه العظيم وحتى يتخلص من متاعب أصحاب الفرق ومعاملتهم. وقد تم له ذلك وأخرجت الفرقة روايتي (شهرزاد) و(البروكة) ثم أعاد تمثيل (العشرة الطيبة) التي كانت قد ظهرت قبل ذلك بسنتين بفرقة نجيب الريحاني . وكان يشاركه في تلك الفرقة عمر وصفي.
وفاته
توفي سيد درويش في 10 أيلول/ سبتمبر 1923 عن عمرٍ ناهز 31 عامً
قد يهمك أيضًا :
اختتام الملتقى العلمى العربى الثانى على مسرح سيد درويش
فرقة تراث سيد درويش تحيي حفلاً غنائيًا على مسرح ساقية الصاوي
أرسل تعليقك