لأول مرة فى تاريخه، يشارك الفنان الكبير محمد منير فى مهرجان الموسيقى العربية، الذى تنظّمه دار الأوبرا المصرية ابتداءً من اليوم السبت، وسط انتظار من الجميع لـ”طلة” واحد من أفضل مطربى مصر الحاليين.
وتفتتح وزيرة الثقافة ورئيس دار الأوبرا المصرية فعاليات الدورة ٢٨ من مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية فى الثامنة مساء اليوم، على المسرح الكبير بالأوبرا، لمدة ١٢ يومًا متتالية، تتضمن ٣٧ حفلًا غنائيًا وموسيقيًا بمشاركة ٩٢ فنانًا من ٧ دول عربية.
وتحدث عدد من رفقاء رحلة “الكينج” للحديث عن ذكرياتهم معه، وسر تميزه من وجهة نظرهم، فضلًا عن رأيهم فى مشاركته بالمهرجان وتكريمه على هامشه مع عدد آخر من النجوم.
هانى شنودة: وقف أمام جمهور دار الأوبرا قبل الشهرة
كشف الموسيقار الكبير هانى شنودة عن أن “منير” سبق له الوقوف على مسرح دار الأوبرا المصرية، والغناء أمام جمهورها، لكن هذه هى المرة الأولى التى يشارك فيها ضمن فعاليات مهرجان الموسيقى العربية.
وأوضح “شنودة”: “منير وقتها كان صغيرًا فى السن، لكنه كان على علاقة وطيدة بالكاتب الصحفى الراحل كمال الملاخ، الذى طلب منه إحياء حفل غنائى على هامش مهرجان القاهرة السينمائى وقتها، الذى شهد أول حفلاته فى دار الأوبرا”.
وأضاف: “هذا الحفل كان قبل انفصال منير عن فرقة (المصريين)، وقبل تسجيله أولى أغنيات ألبومه الأول، ولم يكن وقتها يحظى بالشهرة، لذا كان نجاح الحفل مفاجئًا للجميع، خاصة فى ظل الثقة التى ظهر بها على المسرح، رغم أنها كانت المواجهة الأولى بينه وبين جمهور الأوبرا”.
وعن العلاقات بينهما، قال الموسيقار الكبير: “العلاقة بيننا بدأت منذ بداية مشواره الفنى، وهى لم تقتصر على العمل فقط، لأنى أعتبره بمثابة أخ وصديق، خاصة أنه يستحق أن يكون قدوة للشباب، فى ظل تمسكه بعاداته وتقاليده واهتمامه بتشريف بلده ومجتمعه فى أى وقت ومكان”.
وواصل: “السنوات الطويلة شهدت استمرار العلاقة بيننا، واعتزاز كل منا بالآخر، والحرص على تبادل الزيارات، التى كان آخرها منذ أيام قليلة فى منزل الكينج للاطمئنان على صحته، بعد الوعكة الأخيرة التى تعرض لها”، مؤكدًا أنه يتمتع حاليًا بصحة جيدة، وأنه سيظل صامدًا بحب جمهوره وتشجيعهم له.
وتذكر أول لقاء بينهما قائلًا: “عرفنى عليه الشاعر الراحل عبدالرحيم منصور، الذى طلب منى اكتشافه، لأنه كان يؤمن بموهبته وصوته المتميز، لذا وافقت على ذلك، وأعجبت به منذ أول بروفة رفقة العازف سليم الشعراوى، الذى كان أشهر عازف فى النوبة وقتها”.
وأضاف: “كنا فى فرقة (المصريين) نشتهر بعزف الموسيقى الغربية، وغناء منير معنا جعلنا نجمع بين الدف النوبى والآلات الغربية، فى مزيج فريد أثار الإعجاب فور تقديمه، لذا تواصلنا مع المنتج عاطف منتصر من أجل ضمه للفرقة وإنتاج ألبوم (بحبك لا)، الذى حقق نجاحًا كبيرًا عام ١٩٧٧”.
وأشار إلى أن “منير” كان شابًا يتمتع بثقافة عالية ويعرف كيف يختار كلمات أغنياته، واتفقت معه على تقديم الأغنية السياسية التى تهم الشباب، وكان ذلك فى أول ألبوماته “أمانة يا بحر”، الذى قدم فيه أغنيات: “بلادى يا غريبة”، و”يا عذاب نفسى”، و”آه يا بلاد يا عربية”، و”دنيا رايحة”. وتابع: “هذا الألبوم جاء بعدما حققنا معا نجاحًا كبيرًا، لكنه للأسف لم يحقق النجاح المنشود بشكل منفرد فى ظل عدم توافر شرائط الكاسيت وقتها، وسيطرة شركة (صوت القاهرة) والأسطوانات على سوق الغناء، لكن تمت إعادة توزيع الألبوم مرة أخرى تحت اسم جديد هو (علمونى عنيكى)، وحقق نجاحًا ملحوظًا”.
بعدها أصدرت الشركة المنتجة له ألبوم “بنتولد”، الذى اشتهر بأنه أول ألبومات “منير”، لأنه كان شرارة الانطلاق وحقق من خلاله قاعدة جماهيرية كبيرة، جعلته يفكر بعدها فى تأسيس فرقته الخاصة، التى تكونت من: طارق الكاشف وعزيز الناصر ويحيى خليل، وغيرهم، وفق “شنودة”.
وشدد الموسيقار الكبير على أن انفصال “الكينج” عن فرقة “المصريين” لم يؤثر على العلاقة بينهما، لذا ظلا يتعاونان معًا فى عدد من الأغنيات المنفردة، ومن بينها: “كل الحاجات بتفكرنى”، و”مزامير”، و”حاضر يا زهر”، و”أنا بعشق البحر”، وغيرها.
وعن سر تميز الفنان الكبير محمد منير، قال: “ما فعله وقتها كان ثورة فى الأغنية المصرية والعربية، سواءً من حيث الكلمات أو الألحان أو التوزيع، لذا استطاع أن يصل العالمية فى وقت قصير، خاصة بعدما تعاون مع أسماء بحجم عبدالرحيم منصور ومجدى نجيب وسيد حجاب، ومن بعدهم الخال عبدالرحمن الأبنودى”.
وأضاف: “منير تميز بأنه لم يقلد أى فنان من أبناء جيله، بل صنع لنفسه إطارًا خاصًا حقق به شخصية متميزة، فضلًا عن اختياراته المتميزة التى تناقش مشكلات الشباب وتتحدث عنهم، لذا كان دائمًا ما يلمس القلوب فور طرح أغنياته”.
كوثر مصطفى: بيحب المعانى الفلسفية والغموض
قالت الشاعرة كوثر مصطفى أن “الكينج” كان حريصًا على اختيار الأغانى ذات الكلمات الصعبة والغريبة، لأنه يهتم بالجانب الفلسفى وإضفاء الغموض والعمق على أعماله، وهذا سر عبقريته، إضافة إلى حرصه على التعاون مع كبار الشعراء واختيار أجمل ما أنتجوا.
وبدأ أول تعاون بين الشاعرة كوثر مصطفى و”منير” عام ١٩٩٤ بأغنية “ساح يا بداح” من تلحين فتحى سلامة، ثم أغنية “العالى عالى”، وتوالت الأعمال بعد ذلك مثل “على صوتك”، وتتر مسلسل “بكار”، وصولًا إلى “ليالى”، الأغنية التى أهدتها إلى “منير” كنوع من تغيير “ستايل” ظهوره وأدائه.
وأوضحت: “أغنية (ليالى) هى الوحيدة التى أصر منير على وضع توزيعين مختلفين لها فى ألبوم واحد، الأمر الذى أثار دهشتى، لأنها كانت المرة الأولى التى أسمع فيها أغنية بتوزيعين مختلفين فى ألبوم واحد”، معربة عن سعادتها بهذه الأغنية التى تكن لها معزة خاصة، وفخرها الشديد بالتعاون مع “الكينج” طوال مشواره الفنى.
وتابعت: “راضية جدًا بتعاونى مع منير، لأنى أكتب له لونًا خاصًا من الأغانى التى تحمل رسائل هادفة ومعانى كثيرة، الأمر الذى يفضله، ويساعده فى ذلك قدرته على غناء أى لون.. فكل الأغانى اللى كتبتهاله لايقة عليه”. وقالت إنها تشعر بالراحة فى تعاملها معه منذ تعاونهما الأول، وهو ما ندر أن وجدته فى أى مطرب آخر تعاونت معه، لافتة إلى أن بداية عملها فى مجال كتابة الأغانى كانت مع “منير” وهو ما جعلها تجد صعوبة فى التعاون مع أى مطرب آخر، معقبة: “مرضاش بأقل من كده”.
وعن إطلاق لقب “المرأة اللى ورا منير” عليها، رأت أنها مجاملة شديدة، لأنها لم ترافق “منير” منذ بدايته لتستحق هذا اللقب، لكنها مع ذلك الشاعرة الوحيدة التى تعاون معها طوال السنوات الـ٢٥ الماضية.
وعن سبب تمسكها بالعمل مع “منير” منذ بداية مشوارها الفنى، قالت إن: “نجاح أول أغنية لنا (ساح يا بداح) بشكل كبير وغير متوقع جعلنى أتمسك بالتعاون مع الكينج الذى أثبت أن العمل معه فرصة لا يمكن أن يفوتها أى عاقل، كما أن توالى النجاحات الفنية مع أغنيات مثل (حط الدبلة وحط الساعة)، و(فى عشق البنات)، وغيرهما من الأعمال التى باتت علامات بارزة فى تاريخ منير وتاريخى الشخصى، جعلنى أفرغ نفسى لأكتب أغنية له فى العام الواحد”.
وأشارت إلى أنه رغم تعاونها مع مطربين آخرين مثل حنان ماضى بأغنية “شدى الضفاير”، وآمال ماهر فى “يا عينى عليكى يا طيبة”، ومحمد الحلو بأغنية “بنت تشبه للوطن”، وسيمون فى “كان فى زمان بنوتة” وغيرها من الأعمال، لكنها جميعا كانت تترات مسلسلات أو أغنيات خاصة بمسرحيات، ولم تتعاون من خلال ألبومات فنية سوى مع “منير”.
محمد رحيم: لحنّا “يونس” قبل كتابة الكلمات.. ورحب بإضافة أشعار من السيرة الهلالية
قال الملحن محمد رحيم، الذى يشارك فى اللجنة التحضيرية للدورة ٢٨ للمهرجان، أن اختيار “منير” لإحياء حفل الافتتاح جاء بسبب تمتعه بشعبية كبيرة فى مصر، وتعبيره عن منطقة النوبة التى نشأ بها، بالإضافة إلى كونه صوتًا يعبر عن التواصل بين الأجيال.
وأوضح “رحيم”: “حين عرضنا عليه المشاركة فى المهرجان رحب بذلك، واعتبر أن دار الأوبرا المصرية تعد بيته الثانى”.
وعن علاقته الخاصة بالمطرب الكبير، قال “رحيم”: “نشأت وتربيت على أغنيات الكينج، وكنت أستمع منذ عمر ٤ سنوات إلى ألبومه (شبابيك)، الذى أثر بشكل كبير فى طفولتى، وجعلنى أحب الموسيقى وأرتبط بصوته طوال حياتى، وأتابع كل ألبوماته بشغف شديد”.
وظلت هذه العلاقة مستمرة إلى أن تعاون معه فى أغنية “يونس” عام ٢٠٠٨، التى وصفها “رحيم” بأنها “واحدة من أهم محطاتى الفنية، خاصة أنها كانت من كلمات الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى، وكانت تعبر عن التواصل بين أجيالنا الثلاثة”.
وأوضح: “ألفت لحن هذه الأغنية أولًا قبل أن توضع لها الكلمات، ثم وضعت عليه بعض أشعار السيرة الهلالية، وكنت وقتها أستعد للعمل مع منير فى ألبوم (طعم البيوت)، وعندما التقيته أسمعته اللحن فأعجب به جدًا، واتصل بالأبنودى من أجل كتابة كلمات تناسبه، وذهبنا إليه بالفعل فى نفس اليوم، وظللنا معًا حتى كتب الكلمات خلال نفس الجلسة”.
وتابع: “هذه الأغنية كشفت لى عن أن منير ظل دائمًا يبحث عن الإبداع وتغيير الدماء، لذا أعتقد أنه إضافة كبيرة لهذا المهرجان العريق الذى يهتم بالموسيقى والغناء العربى الأصيل، كما أعتقد أن تكريمه يعد واحدًا من أهم نجاحات المهرجان، خاصة أنه فنان كبير قدم العديد من الأغنيات المهمة لمحبى الفن فى مصر والوطن العربى”.
قد يهمك أيضًا :
أحمد عز يبيّن أهمية دور نور الشريف في مسيرته الفنية
أرسل تعليقك