بيروت – صوت الإمارات
يحتاج العمل الدرامي الناجح إلى نصّ وممثل ومخرج جيد، وإن تصنيف أي عمل في خانة النجاح أو الفشل يعتمد بشكلٍ أساسي على إجماع جمهور "واعٍ" يرفض البلاهة وتسطيح الواقع، ويُنصف العمل الجيد. وإذا كان هذا المزيج يشكل جزءًا من مقومات الدراما الناجحة، فإن تلك المقومات لا تنطبق على الدراما اللبنانية بأي شكلٍ من الأشكال. وبالنسبة إلى الأسباب فهي واضحة منذ سنوات عدة، واستحضارها الآن سيكون كإعادة إنتاج مسلسل لرموز الدراما اللبنانية كمروان نجار أو لشكري أنيس فاخوري، لا فرق، فالأعمال البائسة، بالنسبة للجمهور، هي نفسها، واللائحة تطول.
ليس المقصد تسخيف أي جهد يُبذل منذ سنوات للنهوض بالدراما اللبنانية، المسألة ليست شخصية. وليس المقصد جلد الكتّاب والممثلين والمخرجين الموهوبين الذين شاركوا "مضطرين" في العديد من المسلسلات الهشة والتافهة، وهم للمناسبة كثر. لكن الضحك حتى انقطاع النفس أثناء عرض مشهد درامي من إنتاج محلي، تقول فيه إحدى الممثلات للبطل "خلصني من حياة الجحيم"، يستدعي، على الأقل، وصف الجحيم الذي تنمو فيه مفاهيم الدراما اللبنانية.
وإن كان الأمر يستدعي أن يتحمل أحدًا ما مسؤولية "الجرائم" التي ترتكب بحق الدراما، فلا بدّ أن يتحمل كتّاب السيناريو بالدرجة الأولى جزءًا منها. وهذا ما تثني عليه الكاتبة كلوديا مرشليان، التي اعتبرت أن العمل الدرامي لوحة مكتملة العناصر "يرسم تفاصيلها الكاتب الموهوب، قبل أن يصبح العمل جماعي"، في إشارة إلى أهمية دور الممثل والمخرج في إبراز تفاصيل اللوحة كما يجب. لكن مرشليان ترفض أي انتقاص من واقع الدراما اللبنانية، أو تسميتها بـ"السطحية". فالدراما المحلية "ماشية" و"المحاولات كثيرة". وتوضح الكاتبة أنه على الرغم من قلة الإنتاج اللبناني، مقارنةً بالعدد المهول للإنتاج المصري والسوري و"العربي المشترك"، فإن "نوعية الأعمال المحلية التي عرضت في رمضان أفضل بكثير من عشرات المسلسلات التي لا يتذكر الجمهور منها شيئاً".
أما نقيب الممثلين اللبنانيين جان قسيس، فاعتبر أن "المنتج يتحمل المسؤولية في الدرجة الأولى"، وذلك لأن معظم الشركات أصبحت تولّي الربح المادي اهتماماً أكبر بكثير من نوعية العمل. لا يهم من يكتب السيناريو، فلتذهب الموهبة إلى الجحيم، "المهم ألا يتقاضى الكاتب ثمن أتعاب الحلقة الواحدة أكثر من 800 دولار"،. ولا يعفي قسيس "الكتاب الجيدين" من المسؤولية. فنجاح مسلسل واحد للكاتب لا يعني بالضرورة أن كافة أعماله "ضاربة" وأنه "يجب أن يتحفنا بعمل جديد كل عام". في أية حل، ثمة من لا يريد أن يعترف أن الدراما اللبنانية بعيدة كل البعد عن الارتقاء إلى المستوى المطلوب.
ولكم هذا لا يجعلنا أن تجاهل الأعمال الدرامية اللبنانية التي سجلت نحاحاً كبيراً مثل مسلسل "عشق النساء" للكاتبة مي ظايع, فقد تركت ولا زالت علامة فارقة في الدراما اللبنانية, وتقول منى طايع إن الخطوة الأولى في نجاح المسلسل هو أن يؤمن الكاتب بأن هذه الفكرة سوف تحاكي كل اهتمامات المشاهد العاطفية, والاجتماعية والاقتصادية وبالتعاون مع المخرج أن يتم اختيار الممثل الذي يصلح بالفعل إلى الدور ولا تدخل عوامل أخرى في الاختيارات مثل الصداقة, وغيرها من الأسباب, وأولا وأحيرا إذا كان كتّاب السيناريو يتحملون تشويه بعض الأعمال الدرامية, فإن المخرج يجب عليه بالدرجة الأولى ان يحبب ممثليه في استخراج كل الطاقات الكامنة في داخله, وهذا يعود أولا و أخيرا إلى ايمان المخرج بطاقة الممثل على العطاء, فدون نص جيد ومخرج قادر على إخراج أفضل ما في الممثل لا يمكن أن يكون هناك مسلسلًا ناجحًا.
أرسل تعليقك