مراكش - ثورية ايشرم
اختتمت فعاليات المهرجان الدولي للفيلم، مساء السبت، وأسدل الستار على ذلك العرس السينمائي الذي عاشت المدينة الحمراء على إيقاعاته 9 أيام، متواصلة من العروض السينمائية، والأجواء الاحتفالية الرائعة التي خلقت المتعة والفرجة لكل الحاضرين من الجمهور البسيط حتى النجوم والمشاهير العالميين الذين انتقلوا إلى مراكش، للمشاركة في فعاليات المهرجان الذي تميزت أنشطته لهذه الدورة بالتنوع والتميز والاختلاف والتي استقبلها البعض بصدر رحب، واستمتع بها على أكمل وجه بين ما البعض الآخر لم يتقبل فكرة هذه التظاهرة السينمائية الكبرى التي تحتضنها مراكش، لتصبح بين مؤيد ومعارض.
وللتعرف على الأسباب والأفكار التي جعلت تظاهرة المهرجان الدولي للفيلم في مراكش تقاس بين مؤيد ومعارض لها استقى "المغرب اليوم" بعض الارتسامات من أشخاص مختلفين من مراكش وخارجها، والتي كانت مختلفة جدًا من شخص إلى آخر، حيث عبّر أربعيني من زوار المهرجان خالد موظف، في تصريح إلى "المغرب اليوم" أنّ المهرجان الدولي للفيلم من التظاهرات العالمية المشهورة التي تُضاهي مهرجان "كان" في فرنسا، ومراكش مدينة سياحية عظيمة، وشهرتها وصلت إلى العالمية، واحتضانها إلى هذا العرس السينمائي الكبير يعد نقلة نوعية مُهمة تُساهم في إنعاش الاقتصاد والسياحية على صعيد المدينة، كما أنه يخلق نوعًا من الحركة التي تبقى في المدينة على مدى الأربعة والعشرين ساعة، إضافةً إلى كون المهرجان يفتح المجال أمام الشباب والجمهور بصفة عامة للتعرف على الإنتاجات العالمية والدولية الناجحة التي تشارك في المهرجان، كما أنه يفتح الباب أمام عشاق السينما لاستمتاع بأجمل العروض بشكل مجاني.
من جهة أخرى، أكد مدير مؤسسة تعليمية خاصة في مراكش عبد اللطيف (51 عامًا)، أنّ المهرجان ليس سوى حدث أجنبي لا يمت إلى الثقافة المغربية بصلة، وبعيد كل البعد عن العادات والأعراف المغربية، لا سيما في ظل المشاركة الأجنبية الكبيرة والمتعددة التي يرصدها من خلال إنتاجاتهم وأعمالهم التي دائمًا ما تفوز بالجوائز الذهبية، وتحصدها على مدى (15 عامًا)، وطيلة هذه المدة لم يحصل ولو عمل مغربي على إحدى الجوائز حتى، وإن كانت بسيطة، فهي دائمًا من حق الأفلام والإعلام الأجنبية المشاركة من مختلف الدول، كما أني أرى أنّ المهرجان هو عبارة عن حدث غربي أقحم نفسه في الثقافة المغربية، لا سيما في ظل التهميش والإقصاء الذي يتعرض له المغاربة سواء كانوا جمهورا أو غيرهم.
ومن جهتها أكدت رقية (36 عامًا) أنّ المهرجان الدولي للفيلم الذي تحتضنه مراكش أصبح موعدًا سنويًا ينتظره الجمهور المغربي بفارغ الصبر من أجل عيش مغامرة فريدة من نوعها من خلال التعرف على مجموعة من الأعمال، والإنتاجات السينمائية الدولية والمغربية التي يستمتعون بمشاهدتها في هذا الحفل السينمائي الذي يتواصل على مدى تسعة أيام دون توقف، ويخلق الفرجة والاستمتاع إلى كافة الحضور، كما أنه لقاء يحج إليه المغاربة من مختلف المدن المغربية، حيث تجد جميع مُختلف الفئات العمرية مُتابعة لبرمجة المهرجان المتنوعة التي تفتح المجال أمامنا للتعرف على عدد من الأعمال والانفتاح على مختلف الثقافات العالمية، وذلك من خلال مجموعة من الإعلام التي يتم رصدها في المهرجان، والتي تعطينا فكرة عن مختلف السينمات، إضافةً إلى أنه حدث يقوم باختيار السينما المناسبة لتكريمها كل عام، وهذا التنوع يعطينا فرصة لنتعرف على وجوه سينمائية دولية ومشاهدتها عن قرب والتعرف عليها، إضافةً إلى تقريبنا من الممثلين، والنجوم المغاربة الذين يُعتبر المهرجان صلة وصل بيننا وبينهم وهذا أمر محبب لدى الجميع.
وأكد أستاذ في المسرح (34 عامًا) عبد الرحيم أنّ هذا العرس السينمائي الذي تحتضنه المدينة قد حقق نجاحًا كبيرًا على الصعيد العالمي، إذ لقي إقبالًا كبيرًا في العالم، لا سيما بحضور نخبة مهمة من النجوم والمشاهير العالميين رغم أنه لم يعطي الفنان المغربي حقه كما ينبغي، فظهور الفنانين بالبدل الرسمية، وإطلالات الفنانات المغربيات بالقفطان المغربي على السجاد الأحمر، والتقاط الصور بكاميرات المصورين الصحافيين ليس هو المهم، بل الأهم أن تكون المشاركة المغربية في حد ذاتها حاضرة وبقوة من خلال الأعمال الجيدة والمميزة في قضاياها وتقنياتها، وهذا يتطلب تكثيف الجهود بين الفنانين المغاربة، والمخرجين، والمنتجين، وخلق التعاون في ما بينهم لتقديم أعمال سينمائية راقية ومميزة تصل إلى العالمية ليس فقط في مهرجان مراكش، وإنّ ما على صعيد المهرجانات العالمية والدولية، فالفن والسينما اللذان يُعتبران صلة وصل بين الشعوب، فالمغرب والسينما المغربية ليست هي "الزين اللي فيك" السينما المغربية أكبر وأروع من ذلك بكثير، وهذا لا يمكن أن يُحقق نجاحًا إلا إذا تكاثفت الجهود بين العاملين في هذا القطاع للنهوض بالسينما المغربية نحو التقدم والازدهار، فالمشاهد المغربي يُعتبر ذكيًا جدًا، ويجب احترام هذا الذكاء حتى يُقدم له أرقى الأعمال وأجملها في كل الأوقات، ومنحه الفرصة للافتخار بالسينما المغربية، ومكانتها التي نتمنى أن تصبح عالمية.
وأضاف سمير (20 عامًا) في تصريح إلى "المغرب اليوم" أنّ المهرجان كان منذ انطلاقتها عام 2000 حدثًا عظيمًا وضخمًا، تعيش على إيقاعاته المدينة الحمراء، وتجعل جمهورها يعيش أيضًا الحدث الكبير، حيث تتحول شوارع المدينة الرئيسية والفرعية إلى أرجاء مزينة بمختلف الشعارات التي تجعلك تشعر أنّ المدينة هي عبارة عن قاعة كبرى للعروض السينمائية المختلفة والمتنوعة، كما أنّ تثبيت الشاشات الضخمة في مختلف ساحات المدينة يقرب السينما من الشعب المغربي، ويجعله يعيش لحظات مميزة وهو يتجول بين أرجاء المدينة، ومتابعة الأعمال السينمائية التي لقيت نجاحًا عظيمًا عبر التاريخ، كما أنّ شارع محمد السادس يصبح قبلة للنجوم والمشاهير الذين يتيح لهم المهرجان فرصة للقاء بهم، والتعرف عليهم سواء كانوا مغاربة أو أجانب، كما أنّ المهرجان أيضًا هو فرصة مهمة جدًا تعرفنا عن المشاهير المتواضعين القريبين من الجماهير، والعاشقين لحب الجمهور، وكذا يعرفنا عن المتكبرين الذين تجدهم محاطون بحراس بمجرد رؤيتهم تتحاشى التقرب منهم، أو محاولة التقاط أي صور معهم فهم بذلك يقولون للجميع ممنوع الاقتراب.
وفي هذا الصدد، أضاف أحمد (56 عامًا) أنّ المهرجان قد يراه البعض شيئًا مُميزًا ويضيف الكثير للمدينة إلا أني أرى عكس ذلك، فهو حدث غربي يشعرني بالفوضى العارمة، والاكتظاظ الذي تصبح عليه مراكش، إضافةً إلى أنه لا يخدم الفنان المغربي بالشكل الصحيح، صحيح أنّ بعض الأعمال المغربية تعرض في فعاليات المهرجان، وتُشارك أيضًا في المسابقة الرسمية إلا أنها لا تكون مغربية مائة في المائة إذ تجدها عملًا مشتركًا بين المغرب وإحدى الدول الغربية، أو تكون لمخرج مغربي ذو جنسية أوروبية أو أميركية، وتم تصويرها خارج المغرب، وتدخل المسابقة الرسمية، ورغم ذلك فلا تحصد جوائز مهمة، إذ تدخل في منافسة مع أعمال ضخمة وبتقنية مهمة لا مجال لمقارنتها مع الأعمال المغربية، فهذا يجعله يقول أنّ السينما المغربية ما زالت متأخرة، ولم تصل إلى المقومات والكريزمة القوية التي تجعلها تدخل غمار المنافسة التي تخول لها حصد الجوائز، حتى وإن كانت تتوفر على قصة مميزة أو تعالج قضية مهمة جدًا إلا أنّ هذا لا يكفي حتى تصل إلى العالمية، فالمغرب يفتقر كثيرًا إلى معاهد التكوين السينمائية، والمدارس الخاصة في هذا المجال الذي يُقدم خريجي القطاع متمكنين من أداء هذه المهمة بامتياز، فأربعة أو حتى 10 معاهد ومؤسسات على صعيد المملكة المغربية ليس كافيًا، بالمقارنة مع الدول المشاركة في المهرجان، والتي تولي اهتمامها الكبير لهذا المجال حتى تصل به إلى العالمية، وقد نجحت في ذلك إذ دخلت جميع قاعات العروض السينمائية والبيوت حول العالم.
وأضافت طالبة في أحد المعاهد السينمائية في مدينة الدار البيضاء، وهي نادية (26 عامًا) أنّ حضورها إلى المهرجان رفقة مجموعة من الأصدقاء والزملاء كان بهدف التعرف على التقنيات الجديدة والحديثة في مجال السينما العالمية، لا سيما أنهم طلبة في القطاع في العام الأول، وموضحةً أنها قد حضرت دورات مُنصرمة لهذا الحدث الكبير، ولم تكن راضية من قبل على المستوى مثل الرضا الذي تشعر به في هذه الدورة على جميع المستويات، أولًا على مستوى النظام، فقد حققت الدورة نجاحًا مبهرًا، لا سيما أنّ مُحيط قصر المؤتمرات يشهد حراسة أمنية مشددة، ومراقبة، وتفتيش لكافة الحضور والضيوف، سواء كانوا نجومًا أو صحافيين أو عاملين في القطاع من جميع التخصصات، وذلك للحفاظ على سلامة وأمن المواطنين، والزوار، إضافةً إلى التنظيم الكبير الذي يشهده محيط المسرح الملكي، حيث يتسلم زوار المهرجان، الشارات الخاصة بهم، والذي شهد ترتيبًا وتعاملًا مميزًا من الموظفين ما سهل على سير العمل بشكل ناجح جدًا، وهذه نقط إيجابية جدًا ساهمت بشكلٍ كبير في جعل التظاهرة تلقى نجاحًا كبيرًا بعيدًا عن الفوضى التي كانت عادة ما تطوق محيطات قصر المؤتمرات.
وأضافت نادية أنّ المهرجان تميّز أيضًا بتنوع الأنشطة الخاصة بالمهرجان التي حضروا معظمها، والتي لفتت انتباه الكثيرين، لا سيما الصحافة الدولية، حيث تمت برمجة فقرة لضعاف البصر والمكفوفين، وهي بادرة طيبة من إدارة المهرجان تحت الرئاسة الفعلية للأمير مولاي رشيد، من أجل منح هؤلاء الأشخاص حقهم في المشاركة، ومتابعة الأفلام والعروض الناجحة والمميزة التي تم دمجها في المهرجان، هذا بالإضافة إلى تنوع المحاضرات، والندوات الصحافية التي تم عقدها، والورشات الخاصة بمجال الفن السابع، والتي استفادوا منها كطلبة، فهذه كلها عوامل تحفزهم على العمل الجيد، وتكثيف الجهود من أجل المشاركة في المهرجان العام المقبل، بأعمالهم الخاصة في مسابقة سينما المدارس التي تفتح المجال أمام الطلبة، للتعريف عن مواهبهم والتعبير عنها بتشجيع دائمًا من الأمير مولاي رشيد.
وبين مؤيد ومعارض تنتهي فعاليات المهرجان الدولي للفيلم في مراكش في دورتها الخامسة عشر الذي أقفل باب الاحتفال بها، مساء السبت، ديسمبر (12 كانون الأول) الجاري على أمل فتحها في الدورة المقبلة لعام 2016، بجديد من الأعمال السينمائية العالمية، ومشاركات متعددة، وحضور أضخم من النجوم والمشاهير من مختلف البلدان العربية والدولية الذين يقبلون للاحتفال، وعيش مغامرة وتجربة فريدة من نوعها في هذا الحفل الذي يحتفي بالسينما والسينمائيين، وعشاق هذا الفن الذي يربط بين الشعوب مهما اختلفت الأديان، والأفكار، والمعتقدات إلا وتبقى السينما جسرًا للتواصل بين أفراد المجتمعات من كل أنحاء العالم، ومن مختلف الأعمار والجنسيات.
أرسل تعليقك