القاهرة – نبيل طه
لم يكن لقاء الفنانة المصرية، آمال ماهر، ضربًا من ضروب المصادفة التي جمعتنا بها كواليس تصوير برنامج "محمد عبده وفنان العرب" الذي يعرض على قناة دبي الأولى، بقدر ما كان موعدًا مرتقبًا لا يقبل التأجيل، تمامًا كما لم يقبل الشك وضوحها وصراحتها في الإفصاح عن نفسها في الحوار الذي جمعها بـ"صوت الإمارات" الذي كشفت فيه عن أفكارها وعن بعض توجهاتها الفنية الجديدة وآخر أخبارها، فلم تخف نبرة الفرح في صوتها ولا ابتسامها الدائم سعادتها بهذه المشاركة التي حلت من خلالها ضيفة شرف على فريق لجنة تحكيم البرنامج قائلة "أبهجني خبر استضافتي للمشاركة في تقييم المشاركين الهواة، خصوصًا أنها ستجمعني بالفنان محمد عبده الذي أكنّ له كل الاحترام والتقدير لأنه فنان عبقري وإنسان راقٍ وهذا ما أسهم في نجاحه الفني وعلاقاته الإنسانية الطيبة بالوسط الفني والفنانين".
ويقودنا الحديث عن تجارب النجاح والتميز إلى آخر ألبومات الفنانة "ولاد النهار ده" الذي حقق نجاحًا كاسحًا في مصر والوطن العربي بشهادة الكثيرين، نجاح يبدو أنه غير متوقع من قبل آمال ماهر التي تعتبر أن مقياس النجاح أو الفشل لدى الفنان لصيق دومًا بذائقة الجمهور التي أضحت ديناميكية ومتجددة على الدوام، "ما يجعل الفنان دؤوبًا على التجديد والبحث لتطوير نفسه وتقديم مادة فنية ترضي جمهوره، لكن يظل هذا الأمر رهين التوقعات وخارج نطاق الضمانات والسيطرة في كثير من الأحيان، إذ يجعل الفنان في مرحلة ترقب دائم، وفي رحلة بحث مستمرة عن النجاح، لهذا لا أخفي سعادتي الكبيرة بنجاح ألبومي الأخير الذي نال إعجاب الجمهور، خصوصًا أنني ظهرت فيه بصورة فنية جديدة كليًا في الشكل والمضمون في أغنية (رد الباب وراك) التي تميزت بطريقة تصوير مختلفة تمامًا عن كليباتي السابقة".
هل يمكن القول إن "ولاد النهار ده" قاد خطواتها الفنية إلى عتبات "نضج فني" ما، تحققه الفنانة اليوم بعد ألبومين سابقين، سؤال ترد عليه آمال ماهر قائلة "أعترف باختلاف هذا الألبوم فعليًا في الكثير من الجوانب، كما أعترف بتطور تجربتي الفنية التي لاتزال بعيدة عن النضج الفني المقصود في السؤال، فلا يمكن اعتبار أي عمل جديد الأنضج مادام الفنان متواصلًا في مشوار التجديد وفي رحلة البحث عن الأفضل، لهذا أعتقد أن هذا الألبوم مرحلة انتقالية جديدة أخوضها في مسيرتي الفنية، سأكون بعدها قادرة ربما على الانتقال إلى أشكال جديدة أكثر استجابة لأحلامي الفنية وتوقعات جمهوري، كما أنه حتمًا إضافة إيجابية لتجربتي الغنائية التي ستفتح أمامي آفاقًا فنية جديدة".
وعما أسهم في نجاح هذا الألبوم بالذات تضيف "الكلام ومضمون الكلام جديد، واللحن حتمًا كان جديدًا إلى جانب (اللوك) الجديد تمامًا الذي ميز إطلالتي، فقد تحيزت للظهور بشكل مختلف عن السابق، حتى في غلاف الألبوم الجديد"، وعن الجديد الذي ضمنته الفنانة في هذا الألبوم تتابع "إضافة إلى اللون الغنائي الدرامي المحبذ لدى أغلبية الجمهور، الذي ضمنته في ألبومي الأخير، هناك أغانٍ جديدة كليًا في الشكل والمضمون جربت من خلالها ألوانًا مختلفة، وابتعدت فيها عن سجن الرتابة عبر نوع من الشخصية الفنية الجديدة التي أعترف أنني غامرت فيها بشخصية آمال ماهر المعروفة لدى الناس، وخاطرت بتجربة التنوع والتجديد التي اجتنبت فيها القوالب الواحدة والأشكال المتواترة، لأطل على جمهوري بحلة فنية جديدة جعلتني أتعمد اختيار أغنية (سكة السلامة) لتصويرها على شكل كليب غنائي عكس لعبة الاختلاف المحفوفة بالمخاطر التي أحبذها، التي ترضي حبي للمغامرة وانحيازي لتقديم شيء مختلف".
وبشأن النسق الغنائي "الخفيف" والكفيل بإدراج الفنانة في خانة الأسماء الفنية الجديدة التي انحازت إلى هذا "الخط التجاري" الجديد الشائع في سوق الأغنية العربية، والبعيد عن خطها الذي ارتبط بصوت سيدة الغناء العربي أم كلثوم ترد الفنانة المصرية قائلة "أظن أن الجمهور أحب الأغنية وتعلق بها لأنه لامس (طقسها) الجديد الذي أوصله الشكل وزادته الصورة الجديدة بيانًا، أما بخصوص اللون الطربي القديم فلم أتخلّ يومًا عنه لأنني تربيت على الفن الشرقي الأصيل، وهذا ينسحب على أبناء جيلي من الفنانين والفنانات الذين نهلوا من هذه المدارس الكلاسيكية المهمة، ولا نية لهم في التخلي عنه في المستقبل، بل هي مجرد تجربة جديدة ابتعدت بها عن حصر نفسي في نوع غنائي معين".
وما إذا أصبحت آمال ماهر اليوم أكثر واقعية في تصور مسيرتها الفنية ونيتها رسم خط جديد تتناغم فيه أحلامها مع ما "يطلبه الجمهور" وما يسهل تسويقه، تدافع الفنانة عن اختياراتها قائلة "رغم أننا مطالبون دومًا بإرضاء الجمهور المقصود في نهاية الأمر بهذا اللون أو بغيره، إلا أنه لا يندرج في هذا المضمار فحسب بقدر ما هو تفعيل لتجربة التنوع التي ستمهد ربما لمرحلة جديدة ستضيف الكثير إلى رصيدي الفني الحالي، وتجعلني أقدم مادة فنية تتلاءم مع اختياراتي وتقترب من قلوب الناس"، وتتابع "سيظل الفنان جزءًا من هذا الواقع ومتأثرًا بتحولاته ومطالبًا بنفس هذه (الواقعية) التي تجعله يقدم فنًا مسموعًا ويتوجه بلغته للناس ولا ينحاز لطرف دون آخر، ويتشبث بهذا المنطق الذي يكون فيه الجمهور في نهاية الأمر الحكم والفاصل".
أرسل تعليقك