أفاد مصرفيون بأن فتح حساب مصرفي في بنوك عدة للشركات الصغيرة والمتناهية الصغر، وتحويل مبلغ مالي في ما بينها، في ما يعرف مصرفيًا "بتدوير الحسابات"، لغرض أخذ تسهيلات ائتمانية كبيرة، يسهمان في تعثر هذا النوع من الشركات.
وأكدواأن تساهل بعض البنوك في عدم طلب ميزانيات مدققة لتلك الشركات، والاكتفاء بتجميع حركة التحويلات بين حسابات الشركة على أنها إيداعات متنوعة، وبالتالي منح ائتمان بناء عليها يفوق النشاط الحقيقي لهذه الشركات، تؤدي في النهاية إلى إفلاسها وهروب أصحابها من غير المواطنين.
وأوضح المصرفيون إن المصرف المركزي وضع ضوابط وتعليمات إرشادية للبنوك، عند منح تمويلات للشركات بصفة عامة، خصوصًا الصغيرة والمتناهية الصغر، تتضمن دراسة وضع الشركة من خلال ثلاث ميزانيات مدققة، ومقارنتها بكشوفات الحسابات البنكية لها، مشيرين إلى أن تنافس البنوك على تمويل هذا القطاع، في ظل محدودية السوق، جعل البعض يتساهل لدرجة كلفت مصارفهم خسائر كبيرة.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة موارد للتمويل، محمد مصبح النعيمي، إن "هناك ظاهرة تستوجب حذر البنوك، وهي تساهل بعض الموظفين في منح أصحاب الشركات الصغيرة تمويلات بناء على حركة الحسابات الخاصة بهم، والتي غالبًا تكون في أكثر من بنك"، موضحًا أن "بعض موظفي البنوك يقدمون نصيحة للمتعامل صاحب الشركة ذات الحجم الصغير، سواء في رأس المال أو النشاط، بأن يقوم بفتح أكثر من حساب في بنوك مختلفة، ووضع مبلغ مالي بقيمة محددة في أحد هذه الحسابات، ثم يقوم بتحويله ونقله إلى بقية حساباته بالتناوب، بما يوحي بأن هناك حركة كبيرة من الإيداعات بين هذه الحسابات، ثم يقوم الموظف بتجميعها في النهاية".
وبين النعيمي أن "المتعامل الذي يضع مليون درهم في أحد حساباته، ثم يحولها بين 10 حسابات يصبح مجموع هذه التحويلات 10 ملايين درهم، يمكن بمقتضاها التقدم للحصول على قرض بمبلغ يفوق مليوني درهم من كل بنك لديه حساب فيه في الوقت نفسه"، لافتًا إلى أن "هذه الطريقة أسهمت في منح كثير من الشركات الصغيرة تسهيلات ائتمانية، لا تستطيع سدادها بحكم محدودية نشاطها والعائد منه".
وأضاف أن "السوق الإماراتية مفتوحة، وفيها العديد من الجنسيات، لذا يجب على إدارات المخاطر توخي الحذر ودراسة الميزانيات المدققة لهذا النوع من الشركات جيدًا، قبل منح أصحابها تسهيلات"، مشيرًا إلى أن "السوق شهدت حالات تعثر كثيرة لتلك الشركات وعدم القدرة على السداد، فضلًا عن حالات هروب لأصحابها من غير المواطنين نتيجة (تدوير الحسابات)".
و أفاد الخبير المصرفي في مجال إدارة المخاطر، مصطفى الركابي، بأن "المنافسة بين البنوك على تمويل الشركات الصغيرة، في ظل محدودية السوق، جعلت هناك تساهلًا من بعضها في أخذ ضمانات كافية تتعلق بدراسة الميزانيات المدققة، والاكتفاء بحركة الحسابات المختلفة للمتعامل في البنوك المختلفة".
وذكر الركابي إن "بعض الموظفين تحت ضغط تغطية الأهداف الموضوعة أو (التارغت)، يكتفون بكشوفات الحسابات البنكية لمنح التمويل، لذلك نجد متعاملين كثرًا تعثروا وارتجعت لهم شيكات، ما أدى لتأثر أعمالهم أو إفلاسهم وحتى هروبهم".
وأضاف أن "بعض البنوك بدأت تدرك الخطورة العالية في هذا النوع من الائتمان، لكن البعض الآخر لايزال يمارسه ويشجع عليه الموظفين، على الرغم من أن بنوكهم تتحمل في النهاية خسائر كبيرة".
وأوضح الركابي أن "المصرف المركزي وضع ضوابط وتعليمات إرشادية للبنوك عند منح تمويلات للشركات بصفة عامة، خصوصا الصغيرة والمتناهية الصغر، تتضمن دراسة وضع الشركة من خلال ثلاث ميزانيات متتالية ومدققة ومقارنتها بكشوفات الحسابات البنكية، فضلًا عن أن أي تمويل يفوق 250 ألف درهم للشركات يفترض إخطار (المركزي) به، والذي يقوم بدوره بعمل تقرير مجمع من كل البنوك عن حجم ائتمان الشركة المقترضة بالتحديد".
وأكد "وجود تعليمات وتعميمات إرشادية من قبل (المركزي) لمتابعة ديون الشركات وتصنيفها إلى ثلاث فئات، هي عادية وتحت المراقبة وخاسرة، بحيث تلزم البنوك تجنيب مخصصات للفئة الثالثة وإعدام الدين بفوائده"، مشيرًا إلى أن "تساهل بعض البنوك في التزام تعليمات المصرف المركزي نظير الحصول على حصة أكبر من السوق، يسهم في تعثر هذا النوع من الشركات على أهميته للاقتصاد الوطني".
وذكر أن "البنوك حتى لو طلبت ميزانيات لتلك الشركات، فإنها تطلبها مبسطة، ولا تعكس الواقع للأسف".
أرسل تعليقك