دبي - صوت الإمارات
بات من الواضح حاليا أنه بسبب ضعف جودة (وليس كمية) تقارير إفصاح البنوك في الفترة التي سبقت حدوث الأزمة المالية العالمية لم يتمكن المستثمرون من فرض درجة كافية من الانضباط على الأسواق، لأنهم لم يمتلكوا سوى صورة جزئية عن مدى انكشاف البنوك أمام المخاطر، وقد أدى ذلك إلى تآكل ثقتهم بالبنوك وازدياد عزوفهم عن تحمل المخاطر.
وفي سياق تعليقهما على هذا التطور، أكد كل من رئيس دائرة سياسات الإفصاح المالي في معهد المحللين الماليين المعتمدين فنسنت بابا ، ورئيس جمعية المحللين الماليين المعتمدين في الإمارات عامر خانصاحب أهمية استمرار جهود تحسين شفافية البنوك لاستعادة ثقة المستثمرين بهذا القطاع، موضحين أن أهمية الشفافية تكمن بصورة عامة في كونها تدعم الثقة في الأسواق والحماية للأفراد من سوء تصرف بعض اللاعبين في هذه الصناعة.
ويشعر المستثمرون في هذه المنطقة بصورة عامة أنهم عاجزون في مواجهة المؤسسات المالية، أحد الأمثلة الأخيرة على التقدم الحاصل في هذا المجال التعديلات التي طرأت في شهر أغسطس المنصرم على القوانين التنظيمية لعمل مركز دبي المالي العالمي.
وكان نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، قد أمر بإجراء تلك التعديلات لتبسيط وتحسين هيكل وإجراءات اتخاذ القرارات التنظيمية والطعن فيها، وكان هناك أمل بأن تشهد مثل هذه التعديلات الإيجابية في بقية أسواق الإمارات، والبحرين، والكويت، وغيرها من أسواق المنطقة في المستقبل.
وفي ما يتعلق بأسباب أهمية الشفافية للمستثمرين في البنوك من بشكل عام قال فنسنت بابا، وعامر خانصاحب، إن ثقة المستثمرين ومدى استعدادهم لتوفير رؤوس أموال للاستثمارات عالية المخاطر (سواء كانت في شكل حقوق مساهمين أو سندات غير مضمونة) تعد أمرًا حاسمًا للقطاع المصرفي للعمل بشكل جيد.
وقد أظهرت دراسة أصدرها المعهد مؤخرا تحت عنوان "انعكاسات الأزمة المالية على تقارير أداء المصارف" اتساع هوامش مقايضة الائتمانات المتعثرة وانخفاض نسبة السعر السوقي إلى السعر الاسمي للمؤسسات المصرفية في الولايات المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي منذ بداية الأزمة المالية العالمية، الذي يمكن تفسيره بالتعتيم وعدم شفافية المؤسسات المصرفية المالية وعزوف المستثمرين عن تحمل المخاطر فعلى سبيل المثال.
كان نطاق الفروقات بين هوامش مقايضة الائتمانات المتعثرة لدى المصارف المصنفة من ضمن الدرجة الاستثمارية عام 2009، أوسع بكثير من نظيره في الشركات غير المالية، ما يوحي بعزوف المستثمرين بشكل أكبر عن المخاطر التي تتعرض لها المصارف.
وفي ما يتعلق بالتحديات التي تشكلها تقارير الأداء المصرفي الحالية للمستثمرين أوضح كل من رئيس جمعية المحللين الماليين المعتمدين في الإمارات، وكذلك رئيس دائرة سياسات الإفصاح المالي في معهد المحللين الماليين المعتمدين أن هناك ثلاث نواحي ينبغي التركيز عليها هنا، إذ إنه يتوجب في المقام الأول أن تمثل الحسابات المصرفية حقيقة الوضع الاقتصادي الواقعي للمصرف بصدق وأمانة.
وثانيا، حتى في ظل تبني المعايير المحاسبية نفسها مثل معايير التقارير المالية الدولية (IFRS)، وتشكل مقارنة البنود المحاسبية مثل القروض المتعثرة عبر مختلف الدول تحديًا كبيرًا، أما ثالثاً فإنه يجب أن تتاح للمستثمرين بشكل أسهل معلومات عن مدى التعرض للمخاطر.
وحول سبب أهمية الإفصاح عن القيمة العادلة وقياسها أفصح عامر خانصاحب وفنسنت بابا، إن أهمية القيمة العادلة تنبع لقدرتها على عكس القيمة الاقتصادية للموجودات والمطلوبات بتاريخ الإفصاح، كما أنها تساعد على فهم مخاطر الأدوات المالية وهي مفيدة في تقدير القيمة الجزئية لنماذج عمل الشركات، ولا يتطلب الإفصاح عن القيمة العادلة وحدها ( كما في الإيضاحات التي ترافق البيانات المالية)، من البنوك المستوى نفسه من الصرامة المتبعة عند تضمينها في الميزانية العمومية.
ويتوجب على واضعي المعايير المحاسبية على المدى الطويل أخذ مفهومي التكلفة المطفأة والقيمة العادلة ضمن اعتباراتهم ولا يتطلب معيار المحاسبة للأدوات المالية (IFRS9)، الذي صدر مؤخراً سوى الاعتراف بتكلفة استهلاك القرض ضمن البيانات المالية الرئيسية مع الإفصاح عن القيمة العادلة ضمن الإيضاحات، ويتوجب على واضعي المعايير المحاسبية على الرغم من ذلك دراسة مزايا القيمة العادلة وتضمينها ضمن حسابات القوائم المالية الرئيسة لجميع الأدوات المالية.
عن إمكانية تفادي المخاطر النظامية من خلال الإفصاحات وتقارير أداء مصرفية أفضل قابلة للمقارنة عالميًا، أوضح فنسنت بابا رئيس دائرة سياسات الإفصاح المالي في معهد المحللين الماليين المعتمدين.
وتابع رئيس جمعية المحللين الماليين المعتمدين في الإمارات عامر خانصاحب أنه كثيراً ما فشلت التقارير المالية للأدوات المالية المعقدة في نقل الصورة الحقيقية لمدى انكشاف المؤسسات التي ترفع تلك التقارير للمخاطر المرتبطة بأنشطتها، وهناك بالتأكيد حاجة لرفع مستوى جودة تقارير المخاطر، لكن بشرط أن يتم توقيتها في الوقت المناسب.
وأن تكون قابلة للمقارنة عبر مختلف المؤسسات المالية، وأصدر فريق عمل ما يسمى فرقة العمل لتحسين الإفصاح مؤخرًا عددا من التوصيات المتعلقة بتقارير المخاطر، وتشكل هذه العملية خطوة رئيسة في ما قد يشكل مسارًا طويلاً لتحسين تقارير الإفصاح عن المخاطر.
أرسل تعليقك