أبوظبي - سعيد المهيري
قادت التطورات العقارية إلى تسجيل الكثير من الاتجاهات الإيجابية على مستوى النشاط العقاري وعلى مستوى المستخدم النهائي، وانعكس التباين الحاصل على مراحل التطور والنضوج للقطاع العقاري لدى دول مجلس التعاون إلى ارتفاع وتيرة الاستثمارات المتبادلة بين دول المجلس .
ارتفعت وتيرة الاستثمارات في القطاع العقاري بين دول المجلس خلال السنوات العشر الماضية، ويشكل النجاح المسجل على هذا الصعيد بداية لنجاحات أخرى تتصل بكافة الأنشطة الاستثمارية والتجارية وعلى كل القطاعات الاقتصادية الرئيسية لدى دول المنطقة، وكان للنشاط العقاري دور بارز في تطوير الكثير من الأنظمة والقوانين الاستثمارية والتي كان وسيكون لها دور كبير في رفع مستوى الاستثمارات القادمة من الأفراد والمؤسسات، يأتي في مقدمتها التطور الحاصل على أنظمة وتشريعات التملك لمواطني دول المجلس والتي كان لها دور في الاتجاه نحو البحث عن الفرص الاستثمارية التي توفرها اقتصادات دول المنطقة، والتي شهدت وتشهد نشاطا اقتصاديا ذا جودة عالية ونسب نمو مرتفعة بدلاً من البحث عن أوجه استثمارية في الخارج والتي تتطلب خبرات وكفاءات محددة، فضلاً عن ارتفاع حجم المخاطر المصاحبة لتلك الاستثمارات تبعا للتقلبات وحالة عدم الاستقرار التي يمكن أن تواجهها تلك الاستثمارات في مناخات اقتصادية غير مستقرة .
وتطرق تقرير شركة المزايا القابضة إلى النتائج الإيجابية للنشاط العقاري الذي تسجله دول مجلس التعاون الخليجي على حجم رؤوس الأموال التي تعبر حدود الدول، حيث أظهرت البيانات المتداولة ارتفاع نسبة تملك مواطني دول المجلس للعقارات في الدول الأعضاء بنسبة 25% في نهاية العام ،2013 فيما تواصلت الاستثمارات العقارية لمواطني دول المجلس خلال العام 2014 وبالوتيرة نفسها، ووفقا لبيان الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي فإن تملك العقارات من قبل مواطني الدول الأعضاء قد ارتفع بشكل ملحوظ خلال السنوات العشر الماضية وبنسبة وصلت إلى 493%، فيما وصل العدد التراكمي لعمليات الشراء إلى 7 .129 ألف صفقة في نهاية العام ،2013 مقارنة بـ 4 .110 ألف عملية تملك في نهاية العام ،2012 يذكر أن مواطني دولة الكويت جاءوا في المرتبة الأولى خليجياً لأعداد المتملكين للعقارات في دول المجلس، فيما حل مواطنو المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية، ومواطنو قطر في المرتبة الثالثة، ويمثل السماح لمواطني دول المجلس بتملك العقارات لدى الدول الأعضاء الأخرى أحد المسارات العشرة التي نصت عليها الاتفاقية الاقتصادية للسوق الخليجية المشتركة لعام 2001 .
في المقابل يقول تقرير المزايا إن دولة الإمارات استحوذت على الحصة الكبرى من استثمارات الخليجيين في القطاع العقاري، لتحل في المرتبة الأولى في استقطاب مواطني دول المجلس خلال العام ،2013 حيث وصل العدد إلى 6 .15 ألف حالة تملك وبنسبة 76%، من إجمالي عدد المتملكين للعقارات من مواطني دول المجلس في الدول الأعضاء الأخرى، فيما جاءت سلطنة عمان في المرتبة الثانية بعدد صفقات تملك بلغت 57 .3 ألف صفقة، وبنسبة استقطاب وصلت إلى 17%، وجاءت مملكة البحرين في المرتبة الثالثة وبنسبة استحواذ بلغت 3%، فيما حلت المملكة العربية السعودية في المرتبة الرابعة وبنسبة استقطاب بلغت 2% .
يذكر أن الإمارات تقود ارتفاع الطلب على العقارات لدى دول مجلس التعاون، ذلك أن العقارات في الإمارات أصبحت وجهة للاستثمار من قبل المستثمرين الخليجيين بشكل خاص والعالم بشكل عام، وتعد من أهم القطاعات القادرة على جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية نظراً للمستوى العالي من النضوج والوعي من قبل المطورين والمستثمرين التي عكسها السوق حتى اللحظة، مع الأخذ في الاعتبار أن العديد من إمارات الدولة قد سمحت بتمليك الأجانب عقارات سكنية لفترات تصل إلى 99 عاماً، فيما يقتصر التملك على أماكن استثمارية محددة، حيث تشهد الدولة مزيداً من الطلب على التملك الحر وارتفاع عدد المشاريع التي تستهدف هذا النوع من الاستثمار، يأتي ذلك في ظل استهداف المزيد من المستثمرين والاستثمارات إلى القطاع العقاري .
وبات من الواضح وفقاً للمزايا أن الحراك الاستثماري والنشاط الاستثماري المركز على القطاع العقاري ومشاريع البنية التحتية في قطر، كان له دور كبير في جذب الاستثمارات الخليجية للاستفادة من الطفرة المسجلة، حيث تشير البيانات المتداولة إلى استحواذ الاقتصاد القطري على ما نسبته 66%، من استثمارات مجلس التعاون الخليجي ليصل عدد المستثمرين من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي في الشركات القطرية المدرجة في السوق المالي إلى 290 ألف مساهم في نهاية العام ،2013 وتشير التوقعات إلى ارتفاع مبيعات شقق التملك الحر خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث تم رصد ارتفاع على وتيرة معدلات الاستفسار والطلب عن شقق التملك الحر خلال النصف الثاني من العام ،2014 وبشكل خاص من قبل المستثمرين المحليين والمقيمين الأجانب، ذلك أن مؤشرات الاقتصاد القطري تشير إلى تواصل مسيرة التشييد والبناء والتي ستنعكس إيجاباً على حركة التداولات في مختلف القطاعات السكنية والتجارية، في الوقت الذي تشهد فيه فرص الاستثمار في القطاع العقاري أفضل أوقاتها وبشكل خاص العقارات السكنية .
يرى تقرير المزايا أن الاقتصاد السعودي استطاع جذب المزيد من الاستثمارات الخليجية المختلفة وفي مقدمتها القطاع العقاري، نظراً لما تشهده المملكة من نمو وانتعاش اقتصادي كبير، إضافة إلى ارتفاع حجم الإنفاق الحكومي على مشاريع التنمية والتي ستعمل على جذب الاستثمار والمستثمرين من كافة دول العالم، في حين تشكل الضوابط والقوانين الحكومية تحديات أمام الاستثمارات الأجنبية وأكثر سهولة ومرونة للاستثمارات الخليجية، حيث تشير البيانات المتداولة إلى ارتفاع معدل استثمارات الخليجيين في القطاع العقاري السعودي بشكل خاص إلى 20%، حتى نهاية الربع الأول من العام ،2014 ليصل حجم الاستثمارات إلى 14 مليار ريال، يأتي ذلك في ظل مؤشرات تشير إلى أن العقارات السعودية هي الأرخص خليجياً، الأمر الذي يرفع من معدلات الاستثمارات الخليجية في المملكة، إضافة إلى أنها تعد من بين الاستثمارات الآمنة والتي تعود بأرباح جيدة، نظراً لتركز المشروعات العقارية الخليجية على المواقع السياحية، فيما كان المستثمرون الكويتيون الأكثر استثمارا في عقارات المملكة المختلفة، الامر الذي يخلق واقعاً تنافسياً لدى المستثمرين الخليجيين .
أظهر تقرير المزايا أن هناك تعويلاً على بنود ومقررات السوق الخليجية المشتركة، لدعم وتيرة النشاط الاقتصادي الخليجي ومنحها مزيداً من الحرية والاستقلالية الاقتصادية في مواجهة الضغوط والتقلبات الاقتصادية الخارجية، فيما يعول عليها أيضاً في دعم وتيرة النشاط الاقتصادي على القطاعات الاقتصادية الرئيسية وفي مقدمتها القطاع العقاري وقطاع الطاقة والقطاع الصناعي والتي يمكن لها من الاستمرار في العمل والنمو اعتمادا على الطلب المحلي للدول الأعضاء فقط، وتسعى السوق الخليجية المشتركة إلى تعميق مفهوم المواطنة الاقتصادية من خلال حزمة القرارات التي يمكن أن تستفيد منها شرائح واسعة من المجتمع الخليجي والتي تشمل التنقل والإقامة والعمل في القطاعات الحكومية والتأمين والتقاعد وممارسة المهن ومزاولة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وتملك العقارات وتنقل رؤوس الأموال، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، ولا بد من التأكيد هنا أن القطاع العقاري سيكون أول المستفيدين من مجمل القرارات والاتجاهات نحو مزيد من تفعيل قرارات السوق الخليجية المشتركة، وبشكل خاص الاستثمار في تطوير المشاريع السكنية والاستثمارية .
ويؤكد تقرير المزايا أن الفرص الاستثمارية التي تفرزها اقتصادات دول المجلس قادرة على استيعاب رؤوس الأموال الخليجية بشكل كامل، نظراً لتنوع واتساع تلك الفرص وانخفاض مستويات المخاطر المصاحبة، فيما كان للتطور المسجل على حزمة القوانين والتشريعات ذات العلاقة أثر مباشر في تشجيع الاستثمار وتزايد حركة رؤوس الأموال البينية بين دول المجلس، فيما يتوقع التقرير أن تحمل الفترة المقبلة مزيدا من التطور في العلاقات الاقتصادية والاستثمارية لدى دول المجلس والتي ستنعكس آثارها الإيجابية وبشكل مباشر على كافة شرائح المجتمع الخليجي والاقتصاد الخليجي الذي يتسم بالتشابه على مستوى مراحل التطور وخطط التنمية والمشاريع المستقبلية ومصادر الدخل والمخاطر على اختلاف أنواعها ومصادرها .
أرسل تعليقك