دبي - صوت الإمارات
أكد البنك الدولي قدرة الإمارات على استيعاب التراجعات الراهنة في أسعار النفط بالأسواق العالمية بفضل ما تملكه من احتياطات مالية وقائية تراكمت خلال السنوات الماضية من خلال الفوائض الكبيرة في الإيرادات النفطية.
وأوضح البنك في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي 2015 الصادر أمس الاربعاء ، أن الإمارات تأتي ضمن مجموعة البلدان المصدرة الأقل اعتمادا على التدفقات "البترو دولارية" في ناتجها الإجمالي، الأمر الذي يمكنها من امتصاص الانخفاض في الأسعار، مشيرا إلى ما تملكه من صناديق سيادية تتجاوز أصولها ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أن تأثيرات الانخفاض الحاد في أسعار النفط بالأسواق العالمية ستكون متفاوتة على البلدان المصدرة، لافتا إلى أن مجموعة البلدان التي نجحت في بناء احتياطات قوية من الفوائض المالية خلال السنوات الماضية وتتويع اقتصادها بشكل أوسع سيكون بمقدورها التعامل مع هذه الأوضاع وتحمل الانخفاضات لمستويات معينة، دون أن تعرض بشكل كامل لضغوط مالية كبيرة.
ولفت التقرير إلى أن سعر التوازن المالي النفطي في الإمارات يعد ثالث أدني سعر بين أسعار التوازن النفطي في البلدان المنتجة للنفط خلال عامي 2014 و2015، والتي تراوحت بين 184 دولار للبرميل كأعلى سعر كما في اليمن وبين 54 دولارا كأدنى سعر كما في الكويت، حيث حلت بعد كل من الكويت وقطر.
وأوضح التقرير إن الإمارات تأتي ضمن الدول المصدرة للنفط التي وجهت احتياطات الفوائض الناتجة عن الإيرادات النفطية إلى مجموعة واسعة من الأصول الأجنبية، مشيرا إلى أن التدفقات "البترو دولارية" نجحت في إنعاش السيولة المالية في الأسواق وساعدت في الإبقاء على تكلفة الإقراض منخفضة خلال العقد الماضي، منوهاً إلى أنه في حال استمرت أسعار النفط في الانخفاض لفترات أطول فإنه من المحتمل أن تواجه الدول التي تعتمد كلياً على هذه التدفقات ضغوطاً مالية.
وكشفت مجموعة البنك الدولي ،في أحدث عدد من تقريرها الآفاق الاقتصادية العالمية، أن البلدان النامية بحاجة إلى إعادة بناء الحيز المالي لمساندة النشاط الاقتصادي في حالة بطء النمو، وقد أتاح انخفاض أسعار النفط فرصة مواتية لكثير من البلدان النامية كي تفعل ذلك.
وأوضح التقرير أن البلدان التي يرتفع فيها مستوى الدين المحلي أو معدل التضخم، تواجه خيارات السياسة النقدية قيودا في التعامل مع الركود المحتمل. وفي المستقبل القريب، قد تحتاج هذه البلدان إلى توظيف إجراءات التحفيز المالي لمساندة النمو، لكن كثيرا من البلدان النامية لديها الآن حيز مالي أقل مما توفر لها قبل عام 2008، حيث استخدمت الحافز المالي خلال الأزمة المالية العالمية. وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت مستويات الدين الخاص ارتفاعا ملموسا في بعض البلدان النامية.
ومن النتائج الرئيسية في التقرير أنه في البلدان التي ارتفعت فيها مستويات الدين والعجز عما كانت عليه قبل الأزمة، فإن كل دولار ينفق من المالية العامة سيساند أنشطة تسهم في الاستهلاك ويعزز الدخل القومي بما يقل حوالي الثلث عما كان عليه الحال قبيل نشوب الأزمة المالية العالمية.
وأشار البنك: "لأن ما يسمى "الأثر المالي المضاعف" أضعف حاليا في كثير من البلدان النامية، فإنها بحاجة إلى إعادة بناء موازناتها على المدى المتوسط بسرعة تتحدد حسب ظروف كل بلد على حدة. وفيما يتعلق بعدد من البلدان المستوردة للنفط، فإن هبوط أسعار النفط يتيح فرصة لتحسين مراكزها المالية بسرعة أكبر مما كانت تستطيع قبل منتصف عام 2008".
ولفت النائب الأول لرئيس البنك الدولي والخبير الاقتصادي الأول كوشيك باسو، " مع احتمال بقاء النفط منخفضا لبعض الوقت، ينبغي أن تخفض البلدان المستوردة للنفط أو حتى تلغي دعم الوقود وتعيد بناء الحيز المالي اللازم لبذل جهود التحفيز المالي مستقبلا.
وأوضح أنه وعلى صعيد السياسات، فإن حجم العجز المالي ونوعيته من الأمور المهمة، وكذلك قرارات الإنفاق، منوها بما تقوم به بلدان الأسواق الناشئة من استثمار في البنية التحتية ومساندة البرامج الاجتماعية الحيوية للحد من الفقر، فمثل هذه السياسات يمكن أن تزيد الإنتاجية مستقبلا وتحد من العجز المالي على المدى البعيد، ويتجاوز تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية هذا العام التكهنات ويعمق من فهمنا للمأزق الاقتصادي العالمي".
ويوثق التقرير كيف أن الآليات المؤسسية حسنة التصميم والتي يعول عليها، مثل القواعد المالية وصناديق الاستقرار وأطر الإنفاق المتوسط المدى، لازمة لتعزيز النمو واستعادة احتياطياتها المالية الوقائية.
وأعرب مدير مجموعة آفاق التنمية بالبنك الدول أيهان كوسى، إن إعادة بناء الاحتياطيات المالية الوقائية يتيح المساحة اللازمة لمساندة الأنشطة خلال الضغوط الاقتصادية، إن الحاجة إلى احتياطيات مالية إضافية أكثر وضوحا الآن في بيئة من التوقعات الاقتصادية الضبابية، وخيارات السياسات المحدودة، واحتمال تقييد الأوضاع المالية العالمية.
أرسل تعليقك