في ضوء مؤشرات الأداء الخاصة بالإنفاق، والعائدات التي شهدها قطاع التقنية خلال الربع الأول من العام الجاري (يناير إلى مارس 2017)، يتوقع أن تكون حلول وتقنيات البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال هي "جوهرة التاج" أو المجال الأكثر استحواذاً على الاستثمارات والميزانيات الموجهة للإنفاق على قطاع تقنية المعلومات عالمياً، وبالتالي المجال الأكثر توليداً للعائدات في هذا القطاع، إذ يتوقع أن تصل العائدات المتحققة من وراء نشر وتركيب وتشغيل حلول ونظم البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال عالمياً إلى 150 مليار دولار (نحو 551 مليار درهم) في نهاية العام الجاري، في وقت سيصل فيه الإنفاق على البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا إلى 2.2 مليار دولار (نحو ثمانية مليارات درهم) بمعدل نمو سنوي إجمالي يصل إلى 11%.
وجاءت هذه التوقعات من الدليل الفصلي لمؤشرات الإنفاق والعائد في قطاع تقنية المعلومات بمختلف قطاعاتها وفئاتها، الذي تصدره مؤسسة "آي دي سي" العالمية. وتمت سلسلة الأرقام والنتائج العامة الواردة به، والخاصة بحلول البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال.
وستكون الشركات التي يوجد بها أكثر من 1000 موظف مسؤولة عن أكثر من 60% من إجمالي الإنفاق على البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال، وسيتخطى إنفاق هذه المجموعة من الشركات 100 مليار دولار في عام 2018، وسيأتي ما يقرب من ربع العائدات العالمية من شركات يقل عدد موظفيها عن 500 موظف.
وفقاً لهذا الدليل، فإن حالة "الاضطراب الرقمي" التي تسود معظم مجالات العمل والإنتاج عالمياً هي التي منحت حلول البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال هذه المكانة المتقدمة، سواء من حيث الإنفاق عليها، أو العائدات المتحققة من ورائها.
ويقصد بـ"الاضطراب الرقمي" الانفجار الكبير والمتسارع بقوة في توليد وتداول وإدارة واستهلاك المحتوى الرقمي على مدار الساعة عالمياً، بمعدلات تفوق في نموها وتسارعها ما كان معهوداً من قبل، ما جعل من الحتمي التعامل معها كوسيلة لفهم بيئة العمل والعلاقات مع المتعاملين والزبائن، والشركاء، والجمهور العام، وكواحدة من أهم أدوات تمكين دعم القرار، و"ميكنة" اتخاذ القرار، والعمل باعتبارها "راداراً" يهتدي به المديرون التنفيذيون في تحقيق القدرة على التفاعل والتوافق مع مقتضيات السرعة الكبيرة والفعالية والكفاءة داخل بيئة الأعمال التنافسية في مختلف الصناعات والأنشطة.
وهكذا أجبر "الاضطراب الرقمي" العديد من المنظمات والمؤسسات والشركات على إعادة تقييم احتياجاتها المعلوماتية، فباتت تركز على توسيع جهود البيانات الضخمة وتحليلها ونشرها، لتتعلم وتستوعب أفضل الممارسات. وترتب على ذلك أن البيانات الضخمة والتحليلات أصبحت، بعد سنوات قليلة على ظهورها وتبلورها، تياراً رئيساً في صناعة تقنية المعلومات، يخطف "جوهرة التاج" في ما يتعلق بالإنفاق والعائدات.
ومن المتوقع أن يكون قطاع الخدمات المالية بصناعاته الثلاث: البنوك، والتأمين، والخدمات الاستثمارية والأمن، الأبرز في الإنفاق المتوقع على البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال، التي سيتركز استخدامها بالأساس في اكتشاف الاختراق وإدارة المخاطر، وتعزيز وتحسين تجارب المتعاملين.
وخارج القطاع المالي، فإن هناك العديد من الصناعات توفر فرصاً مؤكدة، ففي مجال الاتصالات مثلاً تتم الاستفادة من البيانات الضخمة والتحليلات في الحفاظ على المتعاملين، وكسب عملاء جدد، جنباً إلى جنب مع تخطيط وتحسين كفاءة الشبكات.
في الوقت نفسه، فإن صناعة الإعلام عانت خلال السنوات الأخيرة من اضطراب هائل، بسبب الرقمنة والاستهلاك الضخم للمحتوي، وهنا تطرح البيانات الضخمة والتحليلات نفسها كبديل يمكن أن يساعد المؤسسات الإعلامية على فهم وملاحظة عادات قرائها، وتفضيلاتهم ومشاعرهم.
وتشير تقديرات دليل "آي دي سي" إلى أن عائدات البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال ستصل إلى 150 مليار دولار في نهاية العام الجاري، بزيادة قدرها 12.4% عن عام 2016، كما ستحافظ المشتريات التجارية من البرمجيات والأجهزة والخدمات ذات العلاقة بتحليلات البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال على معدل النمو السنوي الإجمالي عند 11.9% حتى عام 2020، حينما تصل العائدات إلى أكثر من 210 مليارات دولار.
ومن المتوقع أن تكون البنوك، والصناعات المنفصلة، وعمليات التصنيع والأجهزة الحكومية والفيدرالية، والخدمات التخصصية، هي القطاعات التي ستنفذ أكبر الاستثمارات في البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال خلال عام 2017.
وستكون الصناعة التي تحقق أسرع معدل نمو في الإنفاق على البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال هي البنوك، بمعدل نمو سنوي إجمالي يبلغ 13.3%، ثم الرعاية الصحية، والتأمين، والأمن، والخدمات الاجتماعية، والاتصالات، إذ سينمو إنفاق كل منها بمعدل نمو سنوي إجمالي يبلغ 12.8%.
ومن حيث التقسيم النوعي للتقنيات المستخدمة، يتوقع الدليل أن كلاً من تقنية المعلومات وخدمات الأعمال ستقودان الاستثمارات في البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال، وستشكلان معاً أكثر من نصف عائدات البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال في عام 2017، إذ ستشهدان معدل نمو سنوي إجمالي قوي يصل إلى 38.6 و23.3% على التوالي.
وفي منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، سيصل الإنفاق على البيانات الضخمة وتحليلات الإعمال إلى 2.2 مليار دولار في نهاية عام 2017، بمعدل نمو سنوي يصل إلى 11%. وكانت المنطقة حققت عائدات قدرت بنحو 1.98 مليار في عام 2016، ويتوقع أن يستمر النمو خلال السنوات المقبلة ليصل الى 3.20 مليارات دولار في عام 2020، ما يجعل معدل النمو السنوي الإجمالي 10% خلال الفترة من عام 2016 إلى عام 2020.
أرسل تعليقك