القاهرة - صوت الإمارات
قامت مصر بتقديم نفسها مجدداً كمركز إقليمي لتصدير الغاز الطبيعي إلى مختلف دول العالم، متعهدةً بتقديم «تسهيلات» للتخفيف من آثار الأزمة التي تعاني منها أوروبا في هذا المجال، بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية، وهو ما يعده خبراء «خطوة لزيادة الثقل السياسي والاقتصادي المصري لدى الاتحاد الأوروبي».
وأعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن «استعداد بلاده لتقديم ما لديها من تسهيلات لإيصال الغاز الموجود في شرق المتوسط إلى أوروبا»، حيث وقّعت مصر اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن.
جاءت تصريحات السيسي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس، في برلين مساء أمس (الاثنين)، لتوجه الأنظار تجاه ما يمكن أن تقدمه مصر للعالم في مجال الطاقة، في ظل الأزمة الراهنة.
وأكد الرئيس المصري استعداد بلاده التام لـ«وضع أسس لشراكة قوية مع ألمانيا في مجال الطاقة بأنواعها، سواء من خلال تصدير الغاز الطبيعي إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي بالاستفادة من الإمكانيات المصرية الكبيرة في هذا القطاع، أو من خلال إقامة شراكة ممتدة مع ألمانيا في إطار رؤية مصر الطموحة للتحول لمركز تميز في إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة، خصوصاً من الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية والرياح»، مشيراً إلى أن «مصر تنبهت للمسألة قبل حدوث الأزمة، بإنشائها منتدى غاز المتوسط، الذي يتخذ من القاهرة مقراً له، بهدف تعظيم وتركيز مصادر الطاقة في شرق المتوسط، والاستفادة من التسهيلات والإمكانات المتوفرة في مصر في هذا المجال حتى يصل الغاز إلى مستهلكيه».
تأسس منتدى غاز شرق المتوسط، بمبادرة مصرية، طُرحت خلال قمة جزيرة كريت، بين زعماء مصر وقبرص واليونان، في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، ودخل ميثاق المنتدى حيز التنفيذ في مارس (آذار) 2021 بعضوية المؤسسين قبرص ومصر، واليونان، وإسرائيل وإيطاليا، والأردن، وفلسطين، وانضمت له فرنسا لاحقاً، كما دخلت الولايات المتحدة الأميركية بصفة مراقب، إضافةً إلى تمثيل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي في المنتدى.وفي منتصف يونيو (حزيران) الماضي، استقبل الرئيس المصري وزراء منتدى غاز شرق المتوسط، كما وقّعت مصر اتفاقية مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي لزيادة إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وهي الاتفاقية التي وصفها خبراء بأنها «تعزز فرص القاهرة في التحول إلى مركز إقليمي لتداول الغاز الطبيعي».
وقالت الدكتورة سارة كيرة، الباحثة المتخصصة في الشؤون الدولية ورئيس المركز الأوروبي الشمال أفريقي للدراسات، إن «أوروبا لم تطوِّر سياسة الجوار مع دول المتوسط منذ عام 2011، لكن مصر استطاعت تطويق الدول الأوروبية عبر الخروج من فكرة التعامل مع الدول الأوروبية ككتلة واحدة، والاتجاه للتعامل مع كل دولة على حدة في إطار المصالح الثنائية المشتركة»، موضحةً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر قدمت نفسها كلاعب سياسي واقتصادي مهم بالنسبة للدول الأوروبية يمكن أن يساعد في حل أزماتها، وهو ما يحقق ثقلاً اقتصادياً وسياسياً للبلاد يسهم فيما بعد في معالجة قضاياها الإقليمية».
وتسعى مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز في البحر المتوسط، من خلال الاستفادة بمحطات الإسالة التي تمتلكها، والتي يمكن من خلالها استيراد الغاز المكتشف في دول شرق المتوسط، من أجل تسييله وإعادة تصديره، خصوصاً لأوروبا، وفقاً لما ذكره موقع الهيئة المصرية العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية، والذي أوضح أن «السياسة المصرية لها هدفان: الأول تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإمدادات المحلية، والثاني تصدير الغاز، عبر جذب الغاز الخام المكتشف في كل من قبرص وإسرائيل ولبنان ودول المنطقة الأخرى، ومعالجته في محطات التسييل ثم تصديره مرة أخرى».
وأوضحت كيرة أن «مصر تسعى لتكون مركزاً للطاقة بالنسبة للدول الأوروبية، في إطار محاولتها السعي لتوطين التكنولوجيا، والتي تركز عليها لتحقيق التنمية في المستقبل»، مشيرةً إلى أن «سياسة مصر تجاه أوروبا في الفترة الحالية تسهم في تلبية المصالح المشتركة للجانبين، حيث لم تعد أوروبا تقبل الاعتماد على مصدر واحد لتلبية احتياجاتها من الطاقة».
وهو ما يتفق مع ما قاله المستشار الألماني أولاف شولتس، خلال المؤتمر الصحافي، من أن «الأزمة الحالية أظهرت أنه لا يمكن الاعتماد عل شريك أو طرف واحد في إمدادات الطاقة، ولدينا كثير من الشركاء والأصدقاء الذين يمكن الوثوق بهم».
وأعلنت مصر في نهاية سبتمبر (أيلول) عام 2018 وقف استيراد الغاز الطبيعي المسال من الخارج، كما وقّعت مع قبرص، في الشهر نفسه اتفاقاً لإقامة مشروع خط أنابيب بحري مباشر، لنقل الغاز الطبيعي من حقل «أفروديت» القبرصي إلى محطات الإسالة بمصر، وإعادة تصديره إلى الأسواق المختلفة.واستثمرت مصر «نحو 1.2 تريليون جنيه في قطاع البترول حتى نهاية أبريل (نيسان) 2022، في إطار خطتها للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول البترول والغاز الطبيعي»، وفقاً لبيانات الحكومة المصرية.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك