أبوظبي ـ صوت الإمارات
واصل الاقتصاد غير النفطي في دولة الإمارات انتعاشه القوي خلال الربع الأول من العام 2024، مستفيداً من الزخم «الاستثنائي» الذي تشهده أنشطة الأعمال والتجارة والسياحة والسفر، منذ بداية العام الجاري الذي يتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي خلاله أكثر من 4.7 بالمئة، وفقاً لتقديرات مؤسسات مالية محلية وعالمية. وتصدرت قطاعات السياحة والسفر والعقارات والخدمات المالية والتجزئة القطاعات والأنشطة غير النفطية التي تشهد ازدهاراً كبيراً منذ بداية العام، عكسته مؤشرات الأداء الأولية لهذه القطاعات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، التي أظهرت وفقاً لخبراء وتنفيذين في هذه القطاعات، نمواً قوياً مقارنة بالربع ذاته من العام الماضي.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد»: إن الانتعاش الذي تشهده مختلف القطاعات الاقتصادية منذ بداية العام، يترجم الثقة العالية في بيئة الأعمال بدولة الإمارات التي تعد واحدة من أفضل بيئات الأعمال وبين الأكثر ديناميكية وجاذبية على مستوى العالم، لما توفره من فرص وإمكانيات واعده للنمو أمام الشركات والمستثمرين وأصحاب المشاريع ورواد الأعمال.
ومنذ بداية العام الجاري، واصل مؤشر مديري المشتريات الرئيس، التابع لشركة S&P Global في الإمارات، ارتفاعه ليقفز من 56.6 نقطة في شهر يناير إلى 57.1 نقطة في شهر فبراير، مدفوعاً بارتفاع النشاط التجاري بأسرع وتيرة منذ ما يقرب من خمس سنوات، وتسجيل أكبر زيادة في مستويات الإنتاج منذ منتصف عام 2019.
وشهد نشاط القطاع الخاص غير المنتج للنفط توسعاً حاداً خلال شهر فبراير الماضي، مع تحسن ظروف الأعمال في ظل ارتفاع ملحوظ في النشاط والمبيعات وحصول الشركات مرة أخرى على كميات أكبر من الطلبات الجديدة مع استمرار تصاعد الطلب في السوق ونشاط العملاء.
وواصل القطاع انتعاشه المتسارع، مع استمرار النمو الحاد في تدفقات الطلبات الجديدة خلال شهر مارس 2024، وارتفاع تفاؤل الشركات إلى أعلى مستوياته منذ ستة أشهر، وفقاً لمؤشر مديري المشتريات العالمي.
السياحة والضيافة
وحقق قطاع السياحة والضيافة نمواً استثنائياً خلال الربع الأول من هذا العام، الذي يتزامن مع ذروة موسم السياحة الشتوية في الإمارات والتدفقات الكبيرة في أعداد السياح من الأسواق الدولية لأغراض الترفيه والاستجمام والأعمال والمؤتمرات.
وارتفع متوسط إشغال الفنادق بالدولة خلال الربع الأول، وفقاً لتقديرات أولية لعاملين بالقطاع، إلى ما يتراوح بين 80 إلى 85 بالمئة، لافتين إلى أن الزخم الذي يشهده القطاع الفندقي في الإمارات منذ بداية العام، وخاصة خلال شهر رمضان، لم يشهده القطاع منذ سنوات طويلة، لافتين إلى أنه في حين يواصل الطلب من الأسواق الدولية والخليجية نموه الطبيعي، يشهد الطلب المحلي انتعاشاً قوياً على صعيد الاقامات الفندقية.
وقال ستيفان فوكس، المدير العام لمنتجع وسبا إنتركونتيننتال رأس الخيمة ميناء العرب، إن المكانة الكبيرة التي تتمتع بها دولة الإمارات على خريطة السياحة العالمية، وبما تملكه من مقومات متنوعة، جلعت منها وجهة مفضلة للسياح من كافة أنحاء العالم، وهو الأمر الذي تترجمه مستويات الإشغال الفندقي المرتفعة التي تجاوزت نسبة الـ 80 بالمئة خلال الربع الأول من هذا العام. وأوضح أن الطلب القوي من الأسواق الخارجية إلى جانب الطلب المحلي الواسع، خاصة في العطلات الأسبوعية والرسمية، ساهم في تعزيز الأداء خلال الفترة الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، لافتاً إلى أنه على الرغم من تزامن شهر رمضان مع هذه الفترة، فإن الإشغال فاق التوقعات.
من جهته قال عمرو نجاح، مدير عام سويس أوتيل، إن القطاع السياحي حقق طفرة كبيرة خلال الربع الأول من السنة الحالية، من ناحية الإشغال والطلب ودخول أسواق جديدة ونشطة أيضاً، وذلك مع الزخم غير المسبوق الذي شهده قطاع سياحة الحوافز والمؤتمرات، والذي ساعد في جذب المستثمرين والزائرين على حد سواء.
وأوضح نجاح أن القطاع السياحي في الدولة يجنى ثمار الاستراتيجية التي رسمتها القيادة الرشيدة لقطاع السياحة منذ عدة سنوات لجعل دولة الإمارات وجهة رئيسة للسياحية إقليمياً وعالمياً، وهو الأمر الذي تلمسه بوضوح كافة القطاعات، وخاصة القطاع الفندقي الذي يسجل حالياً مستويات إشغال قياسية لم يشهدها من قبل خلال شهر رمضان تزيد على 92 بالمئة.
نمو السعة المقعدية
وخلال الربع الأول من العام الجاري ارتفعت السعة المقعدية المجدولة على رحلات الطيران العاملة في مطارات الدولة، لتصل 21.2 مليون مقعد على الرحلات المغادرة، مقارنة مع 18.5 مليون مقعد مجدول خلال الفترة ذاتها من العام 2023، بنمو نسبته 14.6 بالمئة، وفقاً لتقديرات بيانات مؤسسة «أو أيه جي».
وبحسب بيانات المؤسسة المتخصصة في تزويد بيانات المطارات وشركات الطيران، أضافت شركات الطيران العاملة في مطارات الدولة نحو 2.71 مليون مقعد جديد للرحلات المغادرة خلال الفترة من يناير وحتى مارس 2024، ما يعكس تسارع وتيرة انتعاش قطاع السفر في دولة الإمارات وتحقيق معدلات نمو أعلى من مستويات ذروة ما قبل الجائحة.
وأظهرت بيانات «أو إيه جي» التي حصلت عليها «الاتحاد»، تسجيل مطار زايد الدولي نمواً قوياً في السعة المقعدية المجدولة على رحلات الطيران العاملة عبر المطار خلال الربع الأول بلغت 34.78 بالمئة، بارتفاعها إلى 3.99 مليون مقعد، مقابل 2.96 مليون مقعد مجدول في الربع الأول من العام الماضي.
ازدهار عقاري
واصل قطاع العقارات على مستوى الدولة انتعاشه القوي خلال الربع الأول من العام الجاري، بعد الأداء القوي الذي سجله خلال عام 2023، ليؤكد القطاع قدرته على المحافظة على زخم النمو، مستفيداً من قوة الطلب وجاذبية القطاع للمستثمرين.
وسجل القطاع في أبوظبي، نمواً ملحوظاً منذ بداية مطلع العام الجاري 2024، حيث بلغت قيمة التصرفات العقارية خلال الربع الأول نحو 15.9 مليار درهم، عبر تنفيذ 5127 معاملة بيع ورهونات على الوحدات العقارية بمختلف أنواعها.
ووفقاً لمنصة «داري» التابعة لدائرة البلديات والنقل في أبوظبي، بلغ إجمالي قيمة المبيعات منذ مطلع العام الجاري حتى اليوم أكثر من 9.6 مليار درهم، وذلك من خلال تنفيذ 2919 معاملة بيع وشراء في الإمارة، موزعة بواقع بيع 1167 وحدة عقارية جاهزة و1752 على المخطط.
عقارات دبي
وفي دبي واصل القطاع العقاري، أداءه الاستثنائي منذ بداية العام الحالي، ونجح في الحفاظ على زخم النمو الكبير مع تسجيله أرقاماً قياسية جديدة كأفضل ربع أول من حيث قيمة المبيعات في تاريخ سوق العقارات في الإمارة، حيث بلغت قيمة التصرفات العقارية الإجمالية للربع الأول 165.61 مليار درهم، بعدد تصرفات وصلت إلى أكثر من 54.520 ألف تصرف عقاري.
وحققت المبيعات الإجمالية نمواً قوياً خلال الربع الأول من عام 2024 بنسبة 22.2 بالمئة لتصل إلى 108.75 مليارات درهم، نتجت عن 36.690 ألف صفقة، مقارنة بنحو 89 مليار درهم نتجت عن 30.900 ألف صفقة في الفترة نفسها من 2023.
عوائد استثمارية
وقال مصطفى السعيد، المدير العام لشركة «سوانك للتطوير العقاري»، إن الطلب على السوق العقارية في إمارة دبي يواصل الاستمرار، وذلك لعدة أسباب، أبرزها، استمرار الانتعاش الاقتصادي في الدولة، وذلك بشهادة مؤسسات محلية ودولية، وتحقيق نمو قوي بالناتج المحلي الإجمالي، بفضل تنوّع الأنشطة الاقتصادية، إضافة إلى الإجراءات الحكومية المتبعة محلياً واتحادياً، وزيادة أنشطة التجارة والسياحة والعقارات وقطاعات الأعمال بمختلف أنواعها، ما أدى إلى تحول دبي إلى سوق عقارية قوية ومهمة مقارنة بنظيراتها حول العالم، فهناك طلب كبير على السوق العقارية، ولايزال مستمراً. وتوقع السعيد استمرار الزخم العقاري بدبي خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع محافظة القطاع على عوائد استثمارية مرتفعة، وتسجيل مؤشر الإيجارات ارتفاعات جيدة في عدد كبير من مناطق دبي، ما أسهم في تعظيم العائد الاستثماري.
ركيزة أساسية
وقال السعيد: إن القطاع العقاري يشكل ركيزة أساسية في منظومة الاقتصاد الإماراتي، حيث يشهد القطاع تطورات وتحولات ترسخ مكانته كلاعب رئيس في توفير بنى تحتية عالية الجودة، وذلك من خلال مواصلة طرح مشاريع نوعية تلبي مستهدفات التنمية المستدامة وتجذب الاستثمارات العقارية الدولية.
وأشار المدير العام لشركة «سوانك للتطوير العقاري» إلى الزخم القوي والتاريخي الذي حققه قطاع العقارات في دبي منذ بداية العام الحالي، على الرغم من استمرار الاضطرابات الجيوسياسية وتقلبات الاقتصاد العالمي التي أثرت في قطاع العقارات حول العالم، ما يشير إلى أن دبي على موعد جديد مع تحقيق معدلات نمو مطردة في المبيعات العقارية حتى نهاية العام الحالي.
أسواق الأسهم
واصلت أسواق الأسهم المحلية أداءها المميز خلال الربع الأول، ونجحت في استقطاب سيولة قوية بقيمة 94.45 مليار درهم، منها 68.95 مليار درهم في سوق أبوظبي، و25.5 مليار درهم في سوق دبي، فيما بلغت الكميات المتداولة من الأسهم 27.3 مليار سهم، توزعت بواقع 16.1 مليار سهم في أبوظبي مقابل 11.2 مليار سهم في دبي، وجاء ذلك عن طريق تنفيذ 1.47 مليون صفقة.
ووصل رأس المال السوقي للأسهم المدرجة إلى 3.574 تريليون درهم بنهاية شهر مارس الجاري، موزعة بواقع 2.844 تريليون درهم للأسهم المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية و730.3 مليار درهم للأسهم المدرجة في سوق دبي المالي.
انتعاش التجزئة
شهد قطاع التجزئة في الدولة ازدهاراً كبيراً منذ بداية العام الجاري، وسط نمو ملحوظ في معدلات المبيعات وأعداد الزوار، مدفوعاً بازدهار السياحة والنشاط التجاري، وكذلك ارتفاع القوة الشرائية خلال شهر رمضان المبارك، حيث بدأ النشاط مع قطاع الأغذية والمشروبات، ثم امتد إلى قطاعات أخرى مثل الذهب والهواتف والملابس والعطور وأيضاً قطاع التجزئة الإلكتروني مع إقبال المستهلكين على شراء الهدايا بمناسبة شهر رمضان وعيد الأم، بالإضافة إلى الاستعدادات لعيد الفطر المبارك.
القطاع المصرفي
قالت مصادر مصرفية إن القطاع المصرفي في الدولة يواصل أداءه القوي مستفيداً من انتعاش الأنشطة الاقتصادية غير النفطية، ومسار النمو الاقتصادي الصاعد، متوقعين تسجيل القطاع مستويات قياسية جديدة على صعيد نمو الأصول والائتمان والودائع والاستثمارات، والاحتفاظ بمعدلات قوية لكفاءة رأس المال والمخصصات والاحتياطيات.
وتعكس مؤشرات ارتفاع الأصول والتمويل ومعدلات كفاية رأس المال مرونة القطاع وقدرته على التكيف مع المتغيرات التي يشهدها العالم، إضافة إلى قدرته على مواصلة دوره المنوط به في توفير الظروف الملائمة لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع حرصه على الالتزام بالمعايير الدولية في الحوكمة وإدارة المخاطر.
الطلب الائتماني
توقعت وكالة ستاندرد آند بورز «أس أند بي» للتصنيفات الائتمانية، أن يواصل النظام المصرفي دولة الإمارات نموه في ظل الطلب الائتماني القوي الذي يقوده القطاع غير النفطي والتنويع الاقتصادي.
وتوقعت الوكالة كذلك توسع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 5.3 بالمئة في 2024، مقابل 3.4 بالمئة المقدرة لعام 2023.
وتوقعت الوكالة أن تؤدي زيادة إنتاج النفط والدعم من القطاعات غير النفطية إلى تعزيز النمو الاقتصادي في دولة الإمارات هذا العام، حيث من المرجح أن يستمر الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير النفطي في النمو بحدود 4.7 بالمئة، وذلك بفضل أداء قطاعات الضيافة والعقارات والخدمات المالية.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك