انطلقت أعمال الدورة التاسعة من قمة كازان الاقتصادية الدولية، بين دول روسيا الاتحادية وبلدان منظمة التعاون الإسلامي، والتي تمتد فعالياتها حتى الغد في العاصمة التتارستانية كازان في جمهورية روسيا الاتحادية.
وتشارك الإمارات بوفد رفيع المستوى يترأسه معالي الدكتور راشد بن أحمد بن فهد وزير دولة، وبمشاركة عبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة.
ويضم الوفد نخبة من ممثلي جهات اتحادية ومحلية، من بينهم عبدالله المعيني مدير عام هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس، والدكتور خالد الجناحي مستشار مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، إلى جانب ممثلين عن شركة مبادلة، وشركة توازن، ومصرف أبوظبي الإسلامي، ومشعل كانو رئيس مجموعة كانو إلى جانب عدد من المستثمرين ورجال الأعمال.
وأقيمت الجلسة الافتتاحية للقمة تحت عنوان "صناعة الحلال"، وركزت على معدلات الطلب المتنامية على المنتجات والخدمات الحلال على المستوى العالمي خلال الفترة الماضية، وتزايد اهتمام الاقتصاد الدولي بهذا القطاع، كما استعرضت الجلسة التطور الذي شهدته صناعة الحلال في روسيا الاتحادية، والاهتمام المتزايد من قبل روسيا في تعزيز تنافسيتها في هذا القطاع الحيوي من خلال تعزيز كفاءة عملية إنتاج المنتجات الحلال وأسواق الاستيراد.
وخلال كلمته في الجلسة أكد معالي الدكتور راشد بن فهد وزير دولة، أن قمة كازان باتت محطة سنوية مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين روسيا الاتحادية وبلدان منظمة التعاون الإسلامي، مشيدا بالعلاقات التاريخية التي تجمع بين الجانبين خاصة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري والتي تحمل العديد من الفرص لإقامة شراكات تنموية واعدة، وأضاف أن الإمارات تعتز بعلاقاتها الاقتصادية المتنامية مع جمهورية روسيا الاتحادية، والتي ترتبط معها بالعديد من اتفاقيات التعاون النوعية أسهمت في توطيد أواصر الشراكة بينهما، وتنمية التعاون الاستثماري والاقتصادي في مختلف المجالات الحيوية، كالصناعة والنقل والتكنولوجيا والطاقة النووية وغيرها، وتابع أن العلاقات الإماراتية - التتارستانية تحظى بأهمية بارزة على وجه الخصوص.
وأضاف أن قطاع الاقتصاد الإسلامي يعد من أكثر القطاعات الاقتصادية تطورا على مستوى العالم، وأصبح جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، لا سيما بعد الأزمة المالية العالمية، حيث برز الميل إلى الاستثمارات المسؤولة والآمنة، والأنشطة الاقتصادية ذات القيمة المضافة على الناتج الاجتماعي للتنمية، وهي معايير جوهرية في بنية الاقتصاد الإسلامي. وتمثل "صناعة الحلال" أحد أهم المحاور في هذا القطاع الحيوي، حيث تشهد الأسواق العالمية لتجارة المنتجات الحلال نموا كبيرا، بعد أن بلغ حجمها أكثر من 2.3 تريليونات دولار عام 2015، حسب تقارير منظمة التعاون الإسلامي. ويحظى مجال الأغذية والمشروبات بالحصة الكبرى من هذه الصناعة، حيث يستحوذ على 67% من إجمالي تجارة المنتجات الحلال بواقع 1.4 تريليونات دولار، وتشير التوقعات إلى أن هذا الرقم سيرتفع إلى نحو 1.6 تريليونات دولار مطلع عام 2020.
وأشار إلى أن ما يتراوح بين 75 و80% من المنتجات الغذائية الحلال يتم استيرادها من دول غير إسلامية، في مؤشر واضح على عالمية هذا القطاع وفرصه التنموية الضخمة لجميع البلدان من الناحية الاقتصادية، والفرص الواعدة التي يطرحها لبناء الشراكات التجارية والاستثمارية الناجحة، إلا أنه هناك أيضا تحديات وأبرزها المتمثلة في ضعف الأطر الرقابية والتنظيمية لمعايير صناعة الحلال، الأمر الذي يبرز الحاجة إلى تطوير نظام دولي موحد ومتجانس للمنتجات الحلال، بهدف تنمية هذه الصناعة وتوسيع نطاق تداولها عالميا.
تجربة رائدة
واستعرض التجربة الرائدة للدولة في مجال الاقتصاد الإسلامي وصناعة الحلال، موضحاً أن الدولة نجحت بتوجيهات من قيادتها الرشيدة في إرساء منظومة متكاملة وصحية للاقتصاد الإسلامي، وأصبحت القلب النابض لهذا القطاع، حيث تبوأت المركز الأول عربيا والثاني عالميا من حيث أدائها الشامل على المؤشر العالمي للاقتصاد الإسلامي للعام 2016 – 2017.
كما أن الإمارات سباقة بإطلاق مبادرات من شأنها إحداث تطور نوعي في آليات الاقتصاد الإسلامي، منها مبادرة "دبي العاصمة العالمية للاقتصاد الإسلامي" وتأسيس مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، وغيرها الكثير من المشروعات والبرامج الضخمة التي تمثل قاطرة نحو تحقيق الازدهار في هذا المجال على نطاق عالمي. وعلى صعيد "صناعة الحلال" فإن الدولة تفخر بمبادرتها الفريدة من نوعها عالميا، والمتمثلة بـ"المنتدى الدولي لهيئات الاعتماد الحلال" الذي تم إطلاقه العام الماضي ليكون شبكة مستقلة غير حكومية توفر مظلة عالمية للتطبيق المتجانس وفق آليات موحدة للمواصفات القياسية للمنتجات الحلال الصادرة من معهد المواصفات والمقاييس الإسلامية التابع لمنظمة التعاون الإسلامي. ويضم المنتدى هيئات اعتماد في أكثر من 21 دولة برغم حداثة عهده، ويتوقع أن يتوسع إلى أكثر من 40 دولة خلال الأعوام المقبلة.
اهتمام
وأكد أن تزايد الاهتمام بقطاع الحلال في الدولة يأتي من منطلق ارتباطه الوثيق بمجال صناعة وتجارة السلع الغذائية، والتي تعد الأكثر استقطابا للاستثمارات بنسبة تبلغ 31% من إجمالي الاستثمارات الصناعية في الدولة، بينما بلغت قيمة تجارة الإمارات من السلع الغذائية في 2015 نحو 25.3 مليارات دولار، و18 مليارا في الأشهر التسعة الأولى من عام 2016.
وأضاف أن الدولة تبوأت المركز الأول عربيا من حيث صادرات السلع الغذائية لعام 2015 بنسبة تقترب من 30% من مجمل صادرات الدول العربية، والمركز الثاني في الواردات بنسبة 18%، وهو ما يعطي مؤشرا واضحا على أن الإمارات تمثل إحدى أهم الوجهات الإقليمية في تجارة الغذاء الحلال والاستثمار في قطاعاته، وهو ما يفتح مجالات أوسع للتعاون مع مختلف شركائنا، لا سيما في هذا المحفل العالمي المهم.
من جانبه، أكد عبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، أن العلاقات التي تجمع البلدان الإسلامية مع جمهورية الاتحاد الروسي هي علاقات تاريخية ومتينة، وهي قادرة على توفير الأرضية الخصبة لتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي. وأضاف أن التقارب الجغرافي وتلاقي الرؤى التنموية وتقاطع المصالح كانت لها الأثر في تعزيز روابط تلك العلاقات.
وتابع أن الإمارات ترتبط بعلاقات اقتصادية وتجارية راسخة مع روسيا، والتي شهدت نموا مطردا لا سيما في السنوات القليلة الماضية، مدعومة بالاتفاقيات العديدة لتنمية أطر التعاون في مجالات حيوية، كالصناعة والنقل والتكنولوجيا والفضاء والطاقة النووية وغيرها.
وأوضح أن حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بلغ خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2016 أكثر من 1.6 مليارات دولار، وكان سجل أكثر من 2.5 مليار دولار بنهاية عام 2015. في حين وصل رصيد الاستثمارات الروسية الواردة إلى الدولة في 2015 إلى أكثر من 870 مليون دولار، بينما بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية في روسيا 18 مليار دولار.
وأوضح أن قمة كازان منصة مهمة لتوطيد هذه الشراكة وفق رؤية واضحة لتحقيق التكامل الاقتصادي، والاستفادة من الأسواق المزدهرة لبلدان المنطقة.
أرسل تعليقك