القاهرة – محمد الدوي
القاهرة – محمد الدوي
أكَّد وزير الطَّيران المدني المهندس عبد العزيز فاضل أن "قطاع الطَّيران المدني محفِّز كبير للتَّنمية والاستثمار وخلق فرص العمل، وكل منَّا يستطيع أن يلمس الدُّور، الذي يلعبه الطَّيران المدني في التَّنمية الاقتصاديَّة والتَّواصل البشري والتجاري، ففي مصرنا الغالية، يشارك قطاع الطَّيران المدني بقرابة 15 مليار جنيه مصري، أي قرابة 1.2% من إجمالي الناتج المحلِّي لجمهوريَّة مصر العربيَّة، مقسَّمة
كالتالي:
- 7,7 مليار جنيه من خلال شركات الطيران والمطارات والخدمات الأرضية.
- 4,9 مليار جنيه من خلال موردي الخدمات لقطاع الطيران.
- 2,3 مليار جنيه إنفاق العاملين في قطاع الطيران المدني.
هذا بالإضافة إلى توفير عدد 197 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. كما أن القطاع يسدد ضرائب قدرها 3,5 مليار جنيه سنويا، مع الأخذ في الاعتبار أن قطاع الطيران المصري لا يكلف موازنة الدولة أية أعباء مالية، ويتم تمويل جميع مشروعاته وتنميته ذاتيًا.
وقال في كلمته في افتتاح مؤتمر "الاستراتيجيات المستقبلية لتطوير قطاع الطيران المدني": إن صناعة النقل الجوي تواجه عدة تحديات وعلينا كحكومات أن نتفهم هذه التحديات حتى لا تؤثر على قدرات هذا النشاط الحيوي في النمو والتطور. وبالتالي تؤثر سلبًا على معدلات التنمية والاستثمار. ومن هذه التحديات، قيام بعض الدول بإصدار تشريعات منفردة، فيما يتعلق بقضايا مهمة مثل منع الاحتكار وحقوق المسافرين وتجارة الانبعاثات الكربونية، وهناك العديد من الدول تمارس ضغوطًا كبيرًا على شركات الطيران وتدخلها في الكثير من التعقيدات والنفقات بسبب تعدد هذه التشريعات، ونحن هنا نشيد بجهود المنظمة الدولية للطيران المدني الأيكاو والاتحاد الدولي للنقل الجوي الأياتا والاتحاد العربي للنقل الجوي الأكو، للمساعدة في إصدار تشريعات موحدة بسيطة تفيد عملاء شركات الطيران ولا تكبد هذه الشركات نفقات كبيرة غير ضرورية.
ويعتبر تكدس الطرق الجوية فوق العديد من مناطق العالم تحديا آخر، وهنا لابد لنا من أن نجد حلول فورية عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة وتغطية المسارات الملاحية بالأقمار الصناعية لضمان سلامة وأمان الطرق الجوية خصوصا في قارتنا الأفريقية وهو ما نسعى إليه بالفعل في مصر، من خلال مشروع وزارة الطيران الحالي والخاص بإطلاق منظومة أقمار صناعية تغطي الشرق الأوسط وأفريقيا. وكذلك الجهود التي تقوم بها الحكومة في مجال التعاون المدني العسكري لتعديل المسارات الجوية وجعل المجال الجوي المصري أكثر جذبًا لشركات الطيران العالمية، لما سوف يوفره من استهلاك للوقود وقصر زمن الرحلات وتقليل حجم الانبعاثات.
كما أن قضايا البيئة هي أحد تحديات قطاع الطيران، فرغم أن قطاع الطيران المدني العالمي لا يسبب أكثر من 2% من إجمالي الإنبعاثات الكربونية على كوكب الأرض، ورغم من جهود الشركات المصنعة للطائرات والمحركات لخفض هذه النسبة إلى النصف بحلول عام 2050، إلا أن شركات الطيران مطالبة بدفع تعويضات عن هذه النسبة الضئيلة للغاية، ومشروع الاتحاد الأوروبي الجديد لتجارة الانبعاثات يجسد هذا التحدي بشكل كبير، فعلينا أن نتفهم أن تكبيل قطاع الطيران بالمزيد من القيود والنفقات سيؤثر حتمًا على مسار التنمية العالمي بشكل سلبي. ونحن في وزارة الطيران بدأنا بالفعل الأبحاث على استخدام الوقود الحيوي، كما سنقوم في مطلع العام المقبل بإنشاء المبنى الأول الصديق للبيئة في مطار برج العرب، كما يتم التعاون مع الجانب الفرنسي ممثلا بالسفارة الفرنسية في القاهرة لإجراء تجارب لاستخدام الطاقة الشمسية بالعديد من المطارات المصرية في المستقبل القريب.
وأمن الطيران أيضا من التحديات الملحة، ففي هذا العام فقط تنفق مطارات العالم على بند واحد من بنود أمن الطيران وهو أجهزة الكشف الأمني في المطارات قرابة 7 مليارات جنيه. ومع هذا فنحن نقدر تماماً أن تكلفة تأمين الطيران هي أقل بكثير من كلفة عدم التأمين. لذلك فنحن نطبق أعلى المعايير العالمية في تأمين البضائع والركاب ورؤيتنا للمستقبل تتيح لنا استخدام التقنيات الحديثة وأجهزة الكشف ثلاثية الأبعاد، مما يساهم في تعزيز إجراءاتنا الأمنية.
وأشار الوزير إلى أنه "رغم جميع التحديات فصناعة الطيران لن تتوقف عن النمو والتطور فكما شهدنا التطور التكنولوجي الهائل في الـ 100 عاما الماضية سوف نشهد المزيد من التطور خلال العقود المقبلة، ففي عام 2050 ستنتج طائرات تستهلك وقودًا أقل بنسبة 70% وستقل الانبعاثات الكربونية من المحركات الجديدة بنسبة 75% عما هي عليه الآن، وستقلع الطائرات من مدارج إقلاع طولها 1500 متر فقط، وسوف تختفي ضوضاء الطائرات ولا تكاد تسمع خارج المطارات، وستكون هناك طائرات تجارية أسرع من الصوت.
وأوضح فاضل أن "مصر رائدة الطيران في الشرق الأوسط وأفريقيا لابد أن تأخذ بأسباب العلم، لابد أن تنظر للمستقبل لا للماضي، ولقد أبهرني هذا الكم من الأبحاث والعروض وأوراق العمل التي قدمها العاملون في قطاع الطيران المدني المصري في هذا المؤتمر، وخصوصا الشباب منهم الذين تسلحوا بالعلم والمعرفة والاطلاع المستمر على المستجدات في صناعة الطيران، وهو ما يزيدنا يقينًا أن مصر ستعود لريادتها بإذن الله وأن المصريين قادرون دائمًا على صنع المعجزات". وأضاف أن "رؤيتنا لمستقبل الطيران في مصر تنبع من ثقتنا في قدرة مصر والمصريين وخصوصا العاملين في مجال الطيران المدني على رسم مستقبل أفضل لهذه الصناعة، وتلتزم هذه الرؤية بالمعايير والمقاييس الدولية فيما يتعلق بالسلامة والأمن والبيئة، وتتلخص رؤيتنا في النقاط التالية:
أولاً: الشرق الأوسط وأفريقيا من أعلى المناطق نموًا في حركة الركاب والبضائع، ونتوقع نمو الحركة الجوية في مصر من 27 مليون راكب في عام 2011 إلى 55 مليون راكب في عام 2020، ولهذا فقد بدأنا من الآن مشروعات لزيادة سعة المطارات المصرية الرئيسية من 47 مليون مسافر في الوقت الحالي إلى 75.5 مليون عام 2020. ويأتي هذا بإضافة مبنى جديد سعة 7.5 مليون راكب في مطار الغردقة ومبنى جديد بسعة 10 مليون راكب في شرم الشيخ، ومبنى جديد بسعة 4 مليون راكب في مطار برج العرب، وإعادة بناء مبنى رقم 2 في مطار القاهرة بسعة 7.5 مليون راكب. ويتبع ذلك أيضا زيادة الأسطول المصري من الطائرات ومساعدة شركات القطاع الخاص على الدخول بقوة لسوق الشركات المنخفضة التكاليف.
وكذلك تنمية ومضاعفة قدرات الشحن عن طريق مشروع مدينة البضائع الجديدة على مساحة 150 ألف متر مربع بطاقة استيعابية تصل إلى 350 ألف طن سنويا بحلول العام 2020، وتصل إلى 800 ألف طن بحلول عام 2025. مع تطبيق نظم الشحن الإلكتروني E-FRIEGHT.
ثانيًا: عملية تحرير الأجواء هي عملية حتمية، شريطة أن يتم هذا التحرير بطريقة تدريجية ومنظمة ومتوازنة، بحيث تبدأ بالبلدان المصدرة للحركة مثل الدول الأفريقية، خصوصا وسط وشرق أفريقيا، وكذلك الاعتماد على الاتفاقيات الثنائية لتحرير الأجواء مع بعض البلدان الأوروبية المصدرة للحركة السياحية. بالإضافة إلى تحسين الخدمات المقدمة في أسواق الشرق الأوسط. ومن المتوقع أن تأتي هذه الخطوات بنتائج إيجابية في زيادة الحركة الجوية بمقدار 11 مليون راكب إضافي في العام.
ثالثا: فيما يتعلق بالملاحة الجوية وبالنظر إلى النمو المتوقع في الحركة، ونظم المراقبة الجوية المعمول بها حاليًا، فإننا نرى ضرورة تنفيذ سيناريو جديد على المدى المتوسط والبعيد لتحديد شبكة مسارات للحركة الجوية أكثر مرونة وكفاءة، تسمح بتخفيض المسافة والوقت لرحلات الطيران، واستخدام الملاحة بنظام RNAV. هذا بالإضافة إلى استخدام أكثر كفاءة للمجال الجوي من خلال التنسيق المدني العسكري في إدارة الفضاء الجوي المصري، ومن خلال تحسين التخطيط للعمليات في المراحل الاستراتيجية والتكتيكية، واستخدام نظم وإدارة الملاحة الجوية المستقبلية (CNS/ATM)، واستخدام أكثر كثافة للمعلومات لتسهيل اتخاذ القرارات التشغيلية، وكذلك زيادة الكفاءة عن طريق استخدام أفضل للموارد البشرية، والتخفيف من ضغوط العمل على المراقبين الجويين من خلال ميكنة العديد من المهام المرتبطة بنظم الملاحة الجوية.
رابعا: الارتقاء بالعنصر البشري بجميع قطاعات الطيران المدني المصري عن طريق تنميط وتدقيق عمليات الاختيار وتكثيف التدريب ورسم مسارات الترقي وإعطاء الفرص للعناصر الواعدة للإبداع وإعداد الشباب إعدادًا جيدًا يؤهلهم لقيادة لقطاع الطيران المدني في المستقبل.
خامسًا: استخدام التكنولوجيا والأنظمة الرقمية ومسايرة المبادرات الصادرة عن الأيكاو والأياتا فيما يتعلق بميكنة عمليات التشغيل والإجراءات، وتسهيل إجراءات السفر لتوفير الوقت والجهد وزيادة الفاعلية.
إن مصر حاليا عازمة على إستكمال مسارها الديمقراطي، وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني ورسم مستقبل أفضل يستحقه أبناءها المخلصون، فدستور مصر الجديد سوف يخرج للنور معبرًا عن تطلعات جميع المصريين، وستتم الانتخابات النيابية بشفافية تامة ليمثل الأمة من يستطيع بجد أن يعبر عن تطلعاتها وآمالها، وسيختار المصريون رئيسهم بكامل إرادتهم، وستصبح مصر بقعة جاذبة للاستثمار العربي والعالمي بما يعود بالخير على جميع المصريين. وستعود الحركة الجوية والسياحية بمعدلات أكثر اضطرادًا عن ذي قبل.
أرسل تعليقك