عقدت وزارة الاقتصاد اجتماعاً في مقرها بدبي ناقشت خلاله أهم التحديات التي تواجهها صناعة الورق الوطنية، وفي مقدمتها تصدير المخلفات الورقية إلى الخارج، وأثره في تقليص فرص المصانع العاملة في الدولة.
وترأس الاجتماع عبد الله سلطان الفن الشامسي، الوكيل المساعد لقطاع الصناعة بالوزارة، بحضور أحمد عبدالله بن لاحج، المدير التنفيذي للقطاع الجمركي بالهيئة الاتحادية للجمارك، وممثلين عن إدارات الجمارك المحلية في عدد من إمارات الدولة، ومشاركة عدد من المصنّعين وتجار الورق في دولة الإمارات.
وأوضح عبدالله سلطان الفن الشامسي إن صناعة الورق هي إحدى الصناعات الحيوية المهمة في الدولة، حيث تعتمد على الاستثمارات المكثفة لبناء خطوط إنتاج متطورة قائمة على التوظيف العالي للتكنولوجيا والأبحاث ومراعاة معايير الصناعة الخضراء.
وأفاد الشامسي بأن الصناعات الورقية تساهم في رفد الاقتصاد الوطني بنحو 7.5 مليار درهم سنوياً، مؤكداً أن القطاع ينطوي على إمكانات بارزة للنمو والتوسع.
وأوضح أن الوزارة تسعى من خلال هذا الاجتماع بين المصنعين والتجار، بحضور الهيئة الاتحادية للجمارك والإدارات الجمركية، إلى بحث أهم العقبات التي تواجهها المساعي التنموية لهذا القطاع، والتوصل إلى أفضل حلول لها لزيادة فرص النمو أمام هذه الصناعة ذات القيمة المضافة.
وأضاف أن التحدي الأبرز الذي تواجهه هذه الصناعة اليوم هو تصدير المخلفات الورقية إلى الخارج بكميات كبيرة، ما يحدث خللاً في تمكُّن هذه المصانع من توفير موادها الأولية بأسعار تنافسية، ومن ثم زيادة تكلفة الإنتاج، ما ينعكس سلباً على قدرة منتجات الورق النهائية على منافسة المنتجات الأخرى في الأسواق المحلية والخارجية على السواء.
وتابع الوكيل المساعد أن عدداً من الآليات المقترحة للتعامل مع هذه التحديات تمت مناقشتها في الفترة السابقة على المستوى الحكومي لإرساء قواعد المنافسة العادلة دون الإضرار بمصالح الأطراف المعنية في القطاع الخاص، سواء المصنعين أو التجار، وبما يتماشى مع الرؤية الحكومية، ومنها إمكانية إلزام المصدرين باستخراج رخص تصدير للمخلفات الورقية لتطبيق نوع من الضبط والرقابة الحكومية لهذه العملية، أو فرض رسوم ثابتة على تصدير هذه المواد للحد من الكثافة التصديرية وتحقيق نوع من التوازن في تكلفة الإنتاج بين المنتج الوطني ونظيره الأجنبي.
وأوضح المصنعون من جهتهم، أن هناك 6 مصانع ورق قائمة في الدولة اليوم يصل حجم رأس المال المستثمر فيها إلى ملياري درهم، وتحقيق عوائد سنوية تبلغ 1.5 مليار درهم، إضافة إلى نحو 340 منشأة صناعية تعمل في تحويل الورق لأغراض متعددة، منها التغليف بواقع 250 منشأة وبعوائد سنوية تبلغ 3.7 مليار درهم، ومنتجات الورق الصحية بواقع 40 منشأة وعوائد سنوية بقيمة 1.5 مليار درهم، ومنشآت الطباعة والنشر بواقع 50 منشأة تدر عوائد سنوية مقدارها 900 مليون درهم.
وأضافوا أن النمو الذي شهده تصدير المخلفات الورقية الخام من الدولة خلال السنوات الماضية، اضطر المصانع الوطنية إلى استيراد هذه المخلفات بأسعار غير تنافسية لتعويض العجز في متطلباتها وتشغيل خطوط إنتاجها، ما انعكس سلباً بعدم نمو عدد المصانع خلال فترة طويلة، وعدم قدرتها على منافسة الأسعار في بعض الأسواق الخارجية، مثل السوق الأوروبية وغيرها.
وأوضحوا أن الأرقام تبين أن حجم المخلفات الورقية المستعادة في الدولة قُدر في عام 2016 بنحو 672 ألف طن، تم تصدير 472 ألف طن منها إلى الخارج ليبقى 200 ألف طن فقط متاحة لاستخدام الصناعة المحلية، في حين تحتاج الأخيرة إلى ما لا يقل عن 273 ألف طن منها، ما جعلها مضطرة إلى استيراد العجز من الأسواق الخارجية لسد احتياجاتها.
وتوقع المصنعون أن تتضاعف الطاقة الاستيعابية لمصانع الورق في الدولة خلال العام الجاري نظراً إلى دخول مصنع جديد مرتقب في الخدمة خلال فترة وجيزة، ما يرفع مقدار المخلفات الورقية اللازمة لتشغيل هذه المصانع إلى 530 ألف طن. ومع أن السوق المحلية يتوقع أن توفر ما مقداره 680 ألف طن هذا العام، إلا أن ما سيحظى به التصدير العالي الوتيرة يقدر بنحو 440 ألف طن منها، تاركاً 240 ألف طن فقط لاستخدام المصانع، ما يعني أن هذه الأخيرة ستواجه عجزاً مضاعفاً في المعروض يصل إلى 290 ألف طن مع نهاية العام، وستضطر لتعويضه عبر الاستيراد، على الرغم من توفر هذه المادة في السوق المحلية من حيث الأصل، مشيرين إلى أن الصناعات الوطنية أولى من مصانع الدول الأخرى بالحصول على هذه المخلفات الخام التي تعود إلى أسواق الدولة بصورة منتج نهائي أجنبي ينافس نظيره المحلي في دورة لا تتحقق فيها شروط المنافسة العادلة.
وأكد بعض التجار أن التصدير الكثيف للمخلفات الورقية المولدة في الدولة إلى بعض الأسواق الخارجية هو السوق الرائج للمخلفات الورقية في بعض الأسواق الإقليمية، وانخفاض تكلفة الشحن نتيجة لهذه الأسواق، معربين عن أن دراسة وضع مؤشر لسعر المخلفات في السوق المحلية يمكن أن ينظم عملية بيع المخلفات داخل الدولة بصورة تحفظ مصالح التجار وتحقق متطلبات الصناعيين، وأبدوا استعدادهم للتعاون مع الجهات الحكومية والمنشآت الصناعية على السواء في تنفيذ أي سياسة حكومية يتم اعتمادها في هذا الصدد.
وأوضح عبد الله الفن الشامسي أن الاجتماع مثل فرصة كبيرة لتكوين فهم مشترك للسوق وتحدياته فيما يخص صناعة وتصدير المخلفات الورقية، وذلك يسهم في الخروج بآلية فعالة تشترك في تنفيذها الجهات الحكومية المعنية بكفاءة وتنسيق عاليين، بما يدعم القطاعات الصناعية الحيوية في الدولة ويعزز تنافسية الصناعات الوطنية ويزيد من انسيابية الصادرات الإماراتية نحو الأسواق الخارجية
أرسل تعليقك