يسود الهدوء الغريب أسواق المال البريطانية، الأربعاء، إثر الرفض الواسع للنواب البريطانيين لاتفاق "بريكست" الذي يثير أعلى درجات القلق في عالم الشركات، وشهدت بورصة لندن تراجعًا بنسبة 0.65 في المائة، نحو الساعة 09:40 بتوقيت "غرينتش"، بعد تردد في المبادلات الأولى.
أقرأ أيضًا: 18 نوفمبر عطلة رسمية لأسواق المال في الدولة
كما راوح الجنيه الإسترليني مكانه تقريبًا الأربعاء أمام اليورو والدولار، وذلك بعد أن خسر أكثر من واحد في المائة، مساء الثلاثاء قبل أن يتعافى.
ولخّص مارك كارني، حاكم بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" خلال جلسة استماع صباح الأربعاء أمام لجنة المالية في البرلمان البريطاني، الوضع بقوله "السوق بحالة انتظار"، وعلّق على رد فعل الأسواق بقوله "يبدو أن هناك بعض التخمينات بشأن تمديد مسار (بريكست)، وتراجع في أفق غياب الاتفاق".
وتعزّزت البورصة بأسهم أكثر ارتباطًا بالاقتصاد البريطاني التي ستخسر كثيرًا في حال الخروج دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي، على غرار بنك "آر بي إس"، ومجموعة "بي تي بي تايلور ويمبي"، وشركة الطيران "إيزي جت".
وقال كونور كامبل، المحلل المالي في لندن "يسود الآن الأسواق البريطانية هدوء غريب".
وكان ذلك واقع الحال صباح الأربعاء، خصوصًا في قاعة أسواق الوسيط "أي جي" بقلب مدينة لندن المالية بعد تصويت، معروفة نتائجه مسبقًا؛ فيما حافظ المتعاملون على هدوئهم، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
وتم تعزيز الموظفين قليلًا مساء الثلاثاء، لكن الوضع عاد إلى طبيعته الأربعاء.
وتراجع التركيز على الجنيه الإسترليني، ليتركز الاهتمام على البورصات الأوروبية والثنائي اليورو والدولار. ولم يسمع إلا بعض المضاربين، وبالكاد كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لـ"بريكست"، وهو يصرح: "لم يكن خطر عدم التوصل لاتفاق أعلى مما عليه الآن".
وكان المستثمرون يتوقعون الفشل الذي منيت به رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مساء الثلاثاء في البرلمان، وهم يتفادون حتى الآن اتخاذ قرارات في السوق بالنظر إلى مناخ الشكوك السياسية الكبيرة ومذكرة حجب الثقة التي ستواجهها ماي مساء الأربعاء.
وأكد المحلل المالي غاسبر لولر "بالنظر إلى مستوى الشك بشأن السياسة البريطانية و(بريكست)، لا نتوقع أن يرتفع الجنيه الإسترليني".
ويعكس حذر الأسواق نوعًا من الخضوع إزاء الغموض الذي يلف "بريكست" واستحالة تفضيل هذا السيناريو أو ذاك. وعنونت صحيفة "سيتي إيه إم" الاقتصادية بالبنط العريض "الفوضى تعم"، لتعكس بذلك شعور أوساط الأعمال.
وبدا التشوش على كثير من أصحاب الشركات الذين يخشون أكثر من أي وقت مضى احتمال حدوث "بريكست" دون اتفاق، وانعكاسات ذلك الضارة على الاستثمار وسوق العمل.
وأوضح مايك حواص، المدير العام لجمعية صانعي السيارات وبائعيها، مساء الثلاثاء، بعد تصويت البرلمان: "الشركات تحتاج يقينًا... ويتعين على القادة السياسيين بذل كل ما بوسعهم لمنع أضرار غير قابلة للإصلاح" في قطاع صناعة السيارات، فيما حذّر ستيفان جونيس، المدير العام لجمعية البنوك وشركات التأمين "يو كي فايننس"، من أن "الوقت يضغط لتفادي (بريكست) دون اتفاق، يكون كارثيًا على الاقتصاد البريطاني".
ووعيًا منه بمشاعر القلق الشديد، عمل وزير المالية البريطاني فيليب هاموند ليل الثلاثاء على طمأنة الشركات أثناء مؤتمر بالهاتف.
وأكد الوزير، بحسب "بلومبرغ"، أنه يمكن تفادي "بريكست" دون اتفاق من خلال توقع تأجيل موعد "بريكست"، وقال رئيس مؤسسة "سي بي آي" جون ألان، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية: "كان مؤتمرًا هاتفيًا مشجعًا"، متحدثًا عن "خطوة حقيقية إلى الأمام، واعتراف بضرورة حدوث شيء، وأن يحدث سريعًا جدًا جدًا".
من جهته، قال بنك "غولدمان ساكس" الأربعاء، إن الهزيمة التي مُني بها اتفاق رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي في البرلمان الثلاثاء، تجعل التوصل لاتفاق أقل حدة، وتأخير موعد الخروج، حتى عدم الخروج على الإطلاق، أمرًا أكثر ترجيحًا.
وكتب أدريان بول، الخبير في الاقتصاد الأوروبي بالبنك في مذكرة "نعتقد أن إمكانية الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق تضاءلت بشكل أكبر".
والبنك متمسك بالسيناريو الخاص به بأن التوصل لـ"بديل مشابه" للاتفاق الحالي، سيحصل في نهاية الأمر على أغلبية في مجلس العموم.
ورفض البرلمان البريطاني مساء الثلاثاء بفارق كبير الاتفاق الذي أبرمته ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي، ما يثير اضطرابًا سياسيًا قد يؤدي إلى خروج البلاد من الاتحاد دون اتفاق، أو عدم الخروج.
قد يهمك أيضًا:
نمو الاقتصاد البريطاني بمعدّل 0.6% طبقًا للتوقّعات
الاقتصاد البريطاني يُعاني أسوأ أداء له منذ عشرة أعوام
أرسل تعليقك