أكّد خبراء بيانات أن خبرات دبي وتجربتها الناجحة في تطبيق التقنيات الذكية في القطاعات الحكومية والخاصة في دبي، وجهودها الرامية إلى تعزيز التعاون وفتح وتبادل البيانات بين الأفراد والمؤسسات والجهات الحكومية في دبي، يمهد الطريق لإنشاء سوق «بورصة» لتداول البيانات تجارياً في الإمارة سيساهم ضمن فوائد عدة في تعزيز أداء العديد من القطاعات الحيوية مثل البنوك والسياحة والصحة والتعليم وغيرها، إضافة إلى تفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما يدعم الإمارة في خطط تنويع مصادرها الاقتصادية واستخلاص الأفكار والرؤى الجديدة وابتكار نماذج أعمال وخدمات جديدة.
اقرا ايضا :
"أوبر" تتحدى المخاوف العالمية وتطرح أسمهما في بورصة "وول ستريت"
وأكد الخبراء أهمية توفير إطار حوكمي وبيئة آمنة تضمن تبادل ونقل البيانات ضمن إطار أخلاقي يحمي بيانات المستهلكين وينظم استخدامات هذه التقنية وفقاً للقيم الاجتماعية السائدة.
وقال جوني كرم، نائب الرئيس الإقليمي للأسواق الناشئة لدى «فيريتاس تكنولوجيز» إن إنشاء سوق لتبادل البيانات في دبي مثل التي تم إنشاؤها في شنغهاي ينضوي على العديد من المنافع المحتملة.
وأوضح: على سبيل المثال، ستوفر هذه السوق الفرصة لبناء منصة إلكترونية لتداول البيانات مثل سجلات الائتمان الشخصية والمعلومات الاستهلاكية، فضلاً عن استخدام تقنيات البيانات الضخمة لتقييم مخاطر المعاملات بدقة، مثل عمليات منح الائتمان أو تحديد جوانب الطلب الاستهلاكي. ويتيح ذلك للشركات والهيئات الحكومية على حد سواء إمكانية إنشاء وتقديم خدمات أكثر كفاءة واتساقاً، وخفض التكاليف التشغيلية.
وأضاف: تحديد المعلومات، والذي يشار إليه أيضا باسم «معلومات تحديد الهوية الشخصية» (PII)، يشكل أحد الضوابط الرئيسية التي تحتاجها الشركات لوضع الأولويات. وقد تتطلب التشريعات على شاكلة اللائحة التنظيمية لحماية البيانات العامة الأوروبية - والتي تنطبق على الشركات التي تزاول أنشطة تجارية أو تتعامل مع الشركات التابعة للاتحاد الأوروبي في الإمارات - تطبيق الكثير من الضوابط المتعلقة بنوعية المعلومات التي من الممكن أو غير الممكن مشاركتها أو تخزينها أو جمعها.
وتابع: لذلك، يتعين على الشركات أولاً امتلاك القدرة على فهم وتحليل البيانات ومدى امتثالها لمتطلبات «معلومات تحديد الهوية الشخصية» بصرف النظر عن موقع تلك البيانات (سواء كانت مادية أو افتراضية أو سحابية أو بنيوية أو غير بنيوية)، وتطبيق الضوابط الملائمة لاحترام خصوصية المستخدمين النهائيين.
وحول البنية التحتية اللازمة لتأمين البيانات في مشروع بهذا الحجم، قال كرم: امتلاك دبي استراتيجية قوية قائمة على البيانات والمدن الذكية، وإطلاق عدد من الهيئات المتعلقة بالمدن الذكية وتحديد خارطة طريق لدعم التنمية الاقتصادية، يساعد الإمارة في تجاوز التحديات الملازمة لإنشاء مثل هذا السوق من خلال اتباع منهجية مرنة للبنية التحتية وأنماط الإدارة الذكية للبيانات بهدف الحفاظ على قابليتها للتكيف مع المتطلبات المتغيرة لعمليات تبادل البيانات«.
وقال نيكولاس نحاس مسؤول إداري أول في»بوز ألن هاملتون«للاستشارات إن تبادل البيانات التجارية وتسهيل مشاركة المعلومات بين مؤسسات دبي يعزّز تحسين سهولة ممارسة الأعمال وتشجيع الابتكار، وهو ما يدعم تحقيق أحد أهم أهداف خطة دبي 2021 والرامية إلى تعزيز مكانة دبي كـ»مركز محوري في الاقتصاد العالمي. وأضاف: في الوقت الحالي، وفي غياب أي نشاط لتبادل البيانات التجارية، يبقى تبادل البيانات بين المؤسسات مبنياً فقط على العلاقات القائمة بين هذه المؤسسات.
واستكمل: علاوة على ذلك، يتطلب الأمر وقتاً طويلاً وموارد كبيرة لنقل البيانات المتداولة وإعدادها والتحقق من صحتها. وهذا الأمر يفرض حواجز تمنع الوصول إلى البيانات والتي تعدّ بشكل متزايد مورداً قيّماً وأصولاً نقدية بالنسبة للشركات«.
وتابع: يعمل تبادل البيانات التجارية على تقليل هذه الحواجز عن طريق ضمان مركزية البيانات وتوحيدها وإدارتها وتصنيفها وفهرستها وأرشفتها، مما يسهّل عملية الوصول للبيانات ومشاركتها واستثمارها من قبل المؤسسات. وتقليل الحواجز التي تحول دون الوصول إلى البيانات، سيخلق بيئة عمل أكثر ودية. ويمكن لمؤسسات دبي أن تحصل بسهولة أكبر على البيانات الضرورية لتنمية نشاطها والحصول عليها واستخدامها عن طريق توليد رؤى والوصول إلى متعاملين جدد.
وأضاف أن هذا الأمر يجعل المعلومات سهلة المنال كذلك بالنسبة لمجتمع الشركات الناشئة. يمكن للشركات الناشئة الوصول إلى هذه البيانات لإنشاء تطبيقات ومنتجات جديدة تولّد قيمة للشركات وللمجتمع كذلك. وفي حين قد يكون المستفيدون الرئيسيون المباشرون من نظام تبادل البيانات التجارية من المسوّقين أو ربما من الشركات الناشئة، إلا أن هذا النظام يمكن أن يفيد أيضاً الوظائف الحكومية بشكل مباشر.
وتوقع فوائد مباشرة على الاستثمارات الأولية حيث تنتشر القيمة الاقتصادية المباشرة عبر سلسلة القيمة الاقتصادية، وسيؤدي هذا بدوره إلى إنشاء حركة اقتصادية مباشرة لدبي من شأنها زيادة الإنتاج الاقتصادي.
وقال معن نافع، الاستشاري الأول في قسم الحلول في شركة كونسانسيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن وجود سوق لتداول البيانات يتطلب وجود آليّات للمراقبة والحوكمة تضمن تبادل البيانات بصورة سليمة، بحيث يكون أصحاب البيانات الحقيقيون على علم بذلك، مع إمكانية حصولهم على تعويضات، هذا إلى جانب عدم انتهاك خصوصية أي بيانات ضمن أي معلومات شخصية.
وفي ظل الانتهاكات العالمية الأخيرة للبيانات وظهور اللوائح التنظيمية، مثل النظام الأوروبي العام لحماية البيانات، تسعى الجهات التنظيمية على الصعيد العالمي إلى وضع لوائح وضوابط تدعم هذه الأسواق وتتطور تدريجيًا لمواكبة نموها.
ولفت إلى أن تقنية البلوك تشين يمكن أن تعالج هذه المشاكل من خلال تزويد أصحاب البيانات بنظرة على بياناتهم وكيفية استخدامها والجهات المستخدمة لها، إلى جانب الضوابط الضرورية التي تمكّنهم من اختيار الأجزاء التي يمكن مشاركتها من بياناتهم، حتى أدق التفاصيل.
وقال نافع: في ظل التحول الهائل نحو الخدمات والقنوات الرقمية، أصبحت البيانات في كل مكان وأصبح الجميع يحتاج إليها. تمتلك المؤسسات مقدارًا هائلاً من المعلومات التي يمكن الاستفادة منها واستخلاص الأفكار لتحسين الخدمات المقدمة واكتشاف طرق لتحسين مكانة منتجاتها. ويمكن لمُجمّعي البيانات تسويق هذه البيانات وبيعها إلى المستفيدين. وفي ظل توافر البيانات الخارجية، يمكن للمستفيدين المحتملين للبيانات تحسين عملية صُنع القرارات.
وأضاف: نحن في شركة «كونسانسيس» نرى أن هناك عاملين إضافيين يجعلان تبادل المعلومات التجارية من محركات النمو. أولاً، يتيح ذلك تحقيق القيمة بين القطاعات على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال، عندما يُتاح لمقدمي خدمات الرعاية الصحية الوصول إلى سجلات التسوق، سيصبح بإمكان الأطباء مراقبة عوامل الخطورة الغذائية بالنسبة لمرضاهم وتنبيههم عند الحاجة.
واستطرد: ثانيًا، وهو الأهم، من شأن تبادل المعلومات التجارية أن يمهد الطريق أمام تمكين أصحاب البيانات (المستهلكين) من المشاركة في الاستفادة من بياناتهم، بمجرد أن تصبح الهوية الذاتية السيادية أمرًا واقعًا. وفي هذه الحالة، لن تصبح القيمة الاقتصادية المحققة من تبادل البيانات وتحليلها مركزة بصفة حصرية لدى جهات تجميعها ووسطاء توزيعها، لكن المستهلكين سيستفيدون منها أيضاً«. وأضاف أنه يمكن للشركات التي تتمتع بمنظومة جيدة لحوكمة وإدارة البيانات استخدام بياناتها كأحد الأصول لبيعها وتوفير منتجات أو خدمات جديدة لعملائها.
من جانبه، قال ياسر زين الدين، الرئيس التنفيذي، في»إي هوستينغ داتا فورت «إن توفير بيانات العملاء يدخل في صميم الجهود التي تبذلها الشركات والحكومات في هذه المرحلة لتعزيز الارتباط المباشر مع العملاء بهدف تحسين جودة الخدمات، مشيراً إلى وجود زيادة في حركة تبادل البيانات على أسس تجارية بهدف تحسين الإنتاجية بشكل ملموس.
وأكد زين الدين في الوقت نفسه إلى أن وجود تشريعات صارمة في هذا الصدد يفرض على المستخدمين الانتباه إلى تداعيات عدم الامتثال، كما أن عليهم أن يكونوا مدركين تماماً للمعايير القانونية والتنظيمية ومعايير الخصوصية المتعلقة بذلك.
وأضاف: لا يقتصر الأمر على ما يتضمنه التبادل الفعلي، بل يشمل كذلك مدى تأمين تبادل البيانات وكيفية تخزين المعلومات. ولهذا السبب، لا بدّ من وجود بيئة داعمة تتضمن التشفير المتكامل للعملية، ويجب أن يتم تبادل ونقل الملفات في بيئة آمنة.
وتستثمر الشركات العاملة في قطاعات الرعاية الصحية والنفط والغاز والخدمات المالية بصفة خاصة مبالغ ضخمة للحصول على الخدمات الآمنة والمحكمة لتقنيات البيانات وتركّز تركيزاً كبيراً على البنية التحتية للأمن السيبراني وآليات الأمن.
وأكّد عبود غانم، نائب الرئيس الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لشركة»ألتيريكس«المتخصصة بعلم البيانات والتحليلات وجود زيادة كبيرة في تحليلات البيانات المتقدمة داخل الإمارات، مشيراً إلى أن عدداً أكبر من كبرى الشركات والهيئات الحكومية أصبح يدرك بالفعل أهمية البيانات في عملية اتخاذ القرارات، ما يمهد الطريق أمام إنشاء سوق تداول البيانات. في المقابل تدرك العديد من المؤسسات أن الحوكمة ليست ضرورية فحسب، بل بالغة الأهمية في تمكين العاملين في مجال البيانات والمحللين من اكتشاف رؤى جديدة.
وأضاف: هناك الكثير الذي يمكننا القيام به فيما يتعلّق بالبيانات، فهي تغطي كل ثانية من حياتنا. ليس هذا فقط، إذ تُعتبر البيانات شريان التحول الرقمي. وهناك درجة كبيرة من الحماس في دبي حول البيانات والتحليلات الضخمة كما هو واضح في المبادرات التي تم إطلاقها على مستوى الإمارة.
وتابع: تُعدُّ البيانات من الأصول الأساسية القيّمة لكل شركة، وأدرك الجميع أخيرًا حقيقة مهمة، ألا وهي أنّ البيانات ليست النفط الجديد فقط، بل العملة التي يمكن أن تدفع الاقتصاد للمضيّ قدمًا. وهذا الطلب المتزايد على تحليل كميات كبيرة من البيانات الدقيقة يساعد على إعادة تطوير وتصوّر الكثير من القطاعات والأعمال في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
أشار الخبراء إلى أنه في عصر المعلومات الذي يعيشه العالم حالياً، تمثل البيانات محركاً رئيسياً للشركات، وتعتمد الاقتصادات الحالية وكذا المستقبلية بدرجة كبيرة على المعلومات وطريقة نشرها، إلى جانب تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوفير البيئة الملائمة لتنمية الابتكار.
ووفقاً لإحصاءات معهد ماكينزي العالمي، تمتلك تقنيات الذكاء الاصطناعي القدرة على زيادة الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 16% أو ما قيمته 13 تريليون دولار بحلول العام 2030.
قد يهمك ايضا
مؤشرا بورصة البحرين العام والاسلامي يقفلان على انخفاض
البورصة الفلسطينية تغلق تداولاتها على انخفاض بنسبة 0.36%
أرسل تعليقك