أكد ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي المشرف العام على مبادرة "دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي" الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، أن المبادرة التي أطلقها نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عام 2013 لم تكن مجرد إضافة كمية إلى الأنظمة الاقتصادية القائمة، بل جاءت في إطار رؤية سموه لإنشاء نظام متكامل يشكل نموذجاً ملهماً للأجيال القادمة التي ترغب في بناء مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة.
وجاء ذلك في تصريحات له، بمناسبة إعلان مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي عن تحديث استراتيجية "دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي" لتتلاءم مع متطلبات المرحلة المقبلة بعدما نجحت في تكريس دبي والإمارات مركزاً عالمياً لقطاعات الاقتصاد الإسلامي.
وأوضح أن تحديث استراتيجية دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي يهدف إلى تطوير النظام الاقتصادي الإسلامي وتعزيز قطاعاته بالمعرفة والتكنولوجيا والطاقات الشابة، وبمؤشرات جديدة لرصد معدلات النمو وحجم مساهمته في الاقتصاد الوطني.
وذكر: "إن تطوير الاستراتيجيات بشكل عام يتطلب قبل كل شيء تأهيل الكوادر البشرية القادرة على تطبيقها، وهذا يحيلنا إلى الحديث عن أهمية العقول والمواهب الشابة وضرورة الاستمرار في تأهيلها وتمكينها بأفضل ما توصلت إليه العلوم الحديثة، بدون إغفال ترسيخ الأسس والمبادئ التي تضمن للاقتصاد الإسلامي أن يكون كما أردناه منذ إطلاق مبادرة "دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي"".
وأكد أن المرحلة المقبلة تتطلب تعزيز مكانة دبي كمرجعية عالمية لمعايير التمويل والصناعة والتداول، ولثقافة الاقتصاد الإسلامي التي تحدد غاياته وأهدافه، وكمركز رائد للتجارة الحلال والسياحة العائلية، منوهاً بدور الشباب الأساسي في استكمال هذه المسيرة لأنهم يمتلكون من التكنولوجيا ما يجعل من تحقيق هذا الهدف أكثر سهولة، بما لديهم من أدوات تمكّنهم من رسم ملامح المستقبل.
وأضاف: "الاقتصاد الإسلامي بما يمثله من أنماط في الحياة والعمل هو الحاضر والمستقبل، وليس الماضي كما يظنه البعض، فالحداثة والتطور والرقي لا معنى لها بدون استدامة وأمن مالي واستقرار اقتصادي. شباب اليوم يميل إلى الابتكار والإبداع في إنتاج أدوات التنمية الحقيقية. إن الرهان على الغد هو رهان العقول، والشكل الذي سيأتي به هذا الغد يحدده الإبداع في إطار النظام الاقتصادي الإسلامي الأخلاقي".
وتهدف الاستراتيجية المحدّثة إلى التركيز على الأثر الاستراتيجي بعيد المدى لمنظومة الاقتصاد الإسلامي من خلال تفعيل مساهمة الاقتصاد الإسلامي في الناتج المحلي الإجمالي لدبي والإمارات، وذلك استكمالاً للجهود التي شهدتها المراحل الأولى للاستراتيجية في وضع دبي والإمارات على خريطة الاقتصاد الإسلامي العالمي من خلال إطلاق عدد من المبادرات الرامية إلى تطوير قطاعاته.
وتستهدف الاستراتيجية المحدّثة ترسيخ المكانة الرائدة التي حققتها دبي والإمارات في قيادة نمو الاقتصاد الإسلامي محلياً وإقليمياً وعالمياً لتكون مرجعية عالمية موثوقة لمنظومة الاقتصاد الإسلامي.
وتركز الاستراتيجية المحدّثة على ثلاثة قطاعات رئيسة هي: التمويل الإسلامي، وقطاع الحلال ونمط الحياة الإسلامي الذي يجمع الثقافة والفنون والسياحة العائلية. وتدعم هذه القطاعات ثلاث ركائز هي: المعرفة، والمعايير والاقتصاد الإسلامي الرقمي نظراً إلى أهمية كل ركيزة منها في خلق بيئة مشجعة على الابتكار والاستثمار المستدام والتنمية الحقيقية.
وكان مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي قد نظّم في ديسمبر الماضي ورشتي عمل لشركائه الاستراتيجيين بهدف الوقوف على أبرز الإنجازات التي تحققت منذ إطلاق مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي، ومناقشة التحديات التي شهدتها مسيرة تطوير قطاعاته على مدى السنوات الثلاث الماضية من حيث تحفيز النمو عبر دعم المبادرات التي تتيح الارتقاء بالبنية التحتية التنظيمية والتشريعية لهذه المنظومة وتوفر فرصاً استثمارية مستدامة.
وشكلت مخرجات ورشتي العمل أساساً لبلورة أهداف الاستراتيجية المحدّثة ولتحديد آليات تنفيذ بعض المبادرات التي تم إطلاقها في السنوات الماضية إضافة إلى اقتراح مبادرات جديدة تشمل عدداً من القطاعات الحيوية.
وخلال ترؤسه اجتماع مجلس إدارة مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي للبحث في ملامح الاستراتيجية المحدثة والمبادرات التي اقترحها الشركاء الاستراتيجيون للمركز، قال معالي سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد رئيس مجلس إدارة مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي: "إن هدف المركز اليوم، ليس التعريف بأهمية وماهية الاقتصاد الإسلامي، بقدر ما هو تبيان أثره الاقتصادي التنموي وانعكاس هذا الأثر على الواقع الاجتماعي. ولكي يتحقق هذا الأثر علينا البدء بوضع الإطار الهيكلي لهذا النظام الذي يشمل منظومات متكاملة من التمويل والإنتاج والاستهلاك، والتي يجب أن تأتي جميعها منسجمةً مع الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة خاصةً فيما يتعلق بإدارة الموارد والحكمة في استغلالها والحفاظ على استدامة البيئة والحرص على شمولية نتائج التنمية وعدالتها".
وأضاف معالي المنصوري أن رفع مساهمة الاقتصاد الإسلامي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، يشكل أحد أهدافنا الاستراتيجية للمرحلة القادمة التي تتسم بالتنوع في مصادر الدخل وتوسيع قاعدة الإنتاج والتداول وتعزيز الثقة بمكانة دبي العالمية كمركز للصناعة والمنتجات الحلال وكمرجعية ثقافية موثوقة للاقتصاد الإسلامي، وأن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى وضع خطط وبرامج مستقبلية تشكل حاصنة للمبادرات التي تطلقها دبي فيما يتعلق بتطوير هيكلية ومفاهيم الاقتصاد الإسلامي وتعزيز كفاءته وتنافسيته.
ونوّه معاليه بأن الكثير من الدول اليوم ترفع من نصيب الاقتصاد الإسلامي ضمن منظومتها الاقتصادية الوطنية، وبشكل خاص البلدان النامية والأسواق الناشئة في آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، التي تبدي كل يوم استعدادها ورغبتها لبناء الشراكات مع دبي والإمارات في قطاعات الاقتصاد الإسلامي المختلفة.
وأكد المنصوري أن الحديث عن اقتصاد إسلامي عالمي يتطلب استكمال الجهود من أجل توحيد المعايير الناظمة لآليات العمل في قطاعات الاقتصاد الإسلامي لتكون مقبولة على مستوى العالم في غالبية المراكز التي تتبنى هذه المنظومة. من هنا تتخذ المعايير حيزاً كبيراً من اهتمامنا في السنوات المقبلة لنكون في مقدمة الدول التي تساهم في إحداث توافق عالمي حول هذه النظم والآليات.
وأشار المنصوري إلى أن المركز سيسعى مع شركائه الاستراتيجيين إلى قيادة النمو والابتكار عبر أبرز قطاعات الاقتصاد الإسلامي من خلال تحديد وتنفيذ المبادرات التي تضمن توحيد معايير الاقتصاد الإسلامي والتي تشكل محركاً أساسياً لانتشاره ونموه على مستوى العالم.
وعن الأهداف الاستراتيجية للفترة بين 2017 و2021 قال عيسى كاظم، الأمين العام لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي: "إن الهدف الأول الذي سنسعى كمركز مع شركائنا الاستراتيجيين إلى تحقيقه هو أن يصبح الاقتصاد الإسلامي مساهماً أساسياً في النمو والتنوع الاقتصادي ومسيرة الاستدامة التي تنتهجها دبي والإمارات، وسنسعى كذلك إلى تطوير مؤشرات أداء لقياس دور الاقتصاد الإسلامي في هذا الإطار إضافة إلى قياس حجم تجارة المنتجات الإسلامية من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات. ويتمثل الهدف الاستراتيجي الثاني في الارتقاء بمكانة دبي كمركز رائد في قطاعات الاقتصاد الإسلامي ووجهة رئيسة للمستثمرين".
وتابع كاظم: "أما الهدف الثالث فهو تطوير منظومة الابتكار لتعزيز قيمة الاقتصاد الإسلامي ودوره عبر تحفيز قطاع المعرفة والبحوث والتشجيع على ابتكار مشاريع تسهم في الترويج لأخلاقياته ومبادئه وأهدافه. ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال تطوير مؤشرات الأداء وتعزيز الإنفاق على البحوث والدراسات".
أرسل تعليقك