أكد المشاركون في "مجلس رمضان الاقتصادي في الشارقة"، الذي أقيم مساء أول من أمس، بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق"، أهمية الابتكار في تعزيز النظام الاقتصادي لدولة الإمارات، وزيادة قدرته على التجاوب بمرونة مع المستجدات التي تطرأ على الساحتين المحلية والدولية، مشيرين إلى أن الدول التي لا تنتهج الابتكار سرعان ما ستجد نفسها خارج المنافسة.
وأوضح المشاركون في المجلس، الذي انعقد في عامه الثالث تحت شعار "الاقتصاد المبتكر"، ونظمته "شروق" بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة الشارقة، ومكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، أهمية استشراف آليات عملية تجعل الاقتصاد المحلي قادرًا على مواكبة الاقتصادات العالمية المتقدمة، وقيادة حقبة "الاقتصاد المبتكر"، لافتين إلى أن الإمارات تتمتع ببيئة اقتصادية فريدة، أهم ما يميزها اللامركزية في اتخاذ القرار، ما يجعل قراراتها أكثر كفاءة وأسرع استجابة لمختلف الظروف.
وشارك في المجلس مسؤولون حكوميون، وعدد من السفراء والقناصل، ومستثمرون، وأرباب أعمال من القطاع الخاص، حيث طرحوا أمام نحو 200 من الحاضرين، رؤاهم بشأن ما توفره الدولة أو تحتاجه لإنجاز تحول ناجح نحو الاقتصاد المبتكر القائم على المعرفة، بالإضافة إلى ما تمتلكه الشارقة من مؤهلات تضمن انتقالها السلس نحو منظومة اقتصادية قائمة على الابتكار.
ونوهت الشيخة بدور القاسمي، بأهمية المجلس الرمضاني، الذي بات تقليدًا سنويًا، يجمع تحت سقف واحد أصحاب المصلحة من القطاعين الحكومي والخاص، فضلًا عن خبراء الاقتصاد والاستثمار في الإمارات، لتبادل الآراء والخبرات، وتحديد ملامح الوضع الاقتصادي الإقليمي والعالمي، وانعكاساته على اقتصاد الإمارات، واستشراف آليات مواكبة التطورات الاقتصادية العالمية والاستفادة منها.
وتناول المجلس الرمضاني، الذي أدارته رلى الطراونة، مقدمة البرامج في قناة "سي إن بي سي"، الإجراءات التي اتخذتها الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية في الإمارات لمواكبة التطورات الاقتصادية العالمية والإقليمية، وتطرقت كذلك إلى أهم المبادرات التي تم إطلاقها في الآونة الأخيرة، وتركيزها على مفاهيم الابتكار والاستدامة، وما تمتلكه الدولة من مقومات تؤهلها للعب دور رئيس في حقبة الاقتصاد المبتكر، وتحقيق أكبر استفادة منه.
وأكد عبدالله سلطان العويس رئيس مجلس إدارة غرفة الشارقة، على أهمية المجالس الرمضانية في تعزيز الوعي بدور حكومات المستقبل التي ستكون جزءًا من الاقتصاد المبتكر على المستوى التشريعي والتنظيمي إلى جانب القطاع الخاص الذي سيتولى دور التنفيذ والمتابعة وأخذ زمام المبادرة في تعزيز موارد الدولة واقتصادها، معتبرًا أن أصحاب الأعمال وغرف التجارة والصناعة في الإمارات سيكون لهم الدور الأكبر في هذا الإطار وخاصة في ظل وجود أكثر من 468 ألف منتسب على مستوى الدولة لهذه الغرف. ودعا الجهات المعنية بالشأن الاقتصادي في الإمارة إلى تعزيز التفاعل والتعاون المشترك وتكاتف الجهود وتوحيد الرؤى واستكمال نهج التطوير للوصول إلى مستويات أعلى من التقدم والنمو الاقتصادي المستدام.
من جانبه، قال عبدالله أحمد آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد لقطاع التجارة الخارجية والصناعة، إن الوزارة، التي تتولى وضع استراتيجية واضحة للاستثمار المبتكر، تسعى إلى تعزيز مكانة الإمارات مركزًا جاهزًا ومريحًا للاستثمار، وإنها في سبيل القيام بهذا الدور تتولى اقتراح مشاريع القوانين والسياسات الاقتصادية الداعمة لهذا التوجه. وأضاف: ما يميز البيئة الاقتصادية في الدولة، تمتعها باللامركزية، ومرونة مراكز اتخاذ القرارات بها، وتكاملها مع بعضها البعض من جانب، ومع القطاع الخاص من جانب آخر، حيث لا يصدر قرار اقتصادي من دون مشاركة من قبل القطاع الخاص في صناعته.
وتطرق سلطان بن هدّه السويدي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في الشارقة إلى التحولات التي شهدتها الدائرة، التي لم يعد دورها يقتصر على تولي إنجاز العمل اليومي المعتاد من منح التراخيص والموافقات فقط، بل أصبحت فاعلة وبشكل قوي في تحفيز مناخ الأعمال وحركة الاقتصاد.
من جانبه، أكد خالد بن جاسم المدفع، رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة، أن السياحة من أهم القطاعات التي تؤثر وتتأثر بالابتكار، خصوصًا في دولة تسعى إلى تنويع مصادر الدخل، لافتًا في هذا الصدد إلى أن قطاع السياحة الذي يسهم بنسبة 9% من الناتج المحلي للإمارة، يحظى بحصة كبيرة من الوظائف الجديدة في العالم، تصل إلى وظيفة واحدة من كل 11 وظيفة متوافرة في كل القطاعات. وأضاف: "لا بديل عن الابتكار والتكامل في سبيل تحقيق طفرات اقتصادية".
بدوره، أكد فهد عبيد التفاق، مدير إدارة الشؤون الاقتصادية والتجارية بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، أن الوزارة عملت على مدى السنوات الثلاث الماضية لتأسيس ما أسماه بالدبلوماسية الاقتصادية، الرامية إلى تعزيز التدفقات الاستثمارية ودعم قطاع السياحة والطيران إلى دولة الإمارات. وكشف التفاق أن الوزارة قطعت شوطًا طويلًا في الطريق لتأسيس بنك للاستيراد والتصدير، تتركز مهمته في تعزيز الصادرات، وإدارة التدفقات الاستثمارية إلى الدولة، وحماية الاستثمارات الإماراتية في الخارج، وذلك بالتعاون مع وزارتي الاقتصاد والمالية وصندوق أبوظبي للتنمية.
بدوره، قال حسين المحمودي، الرئيس التنفيذي لشركة الأعمال التجارية للجامعة الأميركية، إن الفترة الأخيرة شهدت بتوجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تفعيلًا كبيرًا لدور الجامعات، وتوسيعه من مجرد قاعات للدرس إلى معامل ومختبرات للأبحاث، وهو ما تمت ترجمته في إنشاء مجمع الشارقة للتكنولوجيا والبحوث والابتكار.
وقال جمال سيف الجروان، الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين، إن المجلس، نجح في استقطاب عدد من أهم الشركات الوطنية التي تصدر خبرتها وتدير أصولًا خارج الدولة مثل اتصالات وإعمار وموانئ دبي العالمية، ومبادلة، وبروج، ومجموعة الفهيم، ومجموعة الخليج للسكر، ودبي للاستثمار، ودبي القابضة، وغيرها.وذكر الجروان بأن القيمة الإجمالية لاستثمارات الصناديق السيادية الستة للدولة في الخارج بلغت نحو 1.5 تريليون دولار (5.52 تريليونات درهم)، وهو ما يعكس نجاعة نموذج التنوع الاقتصادي الذي تتبعه الدولة.
إلى ذلك، قال مروان بن جاسم السركال، المدير التنفيذي لـ"شروق": عندما نتحدث عن الثورة الصناعة الرابعة، فإننا نجد أن كل شيء في الإمارات يمنحها الفرصة والأحقية لتصدر هذه الموجة الجديدة من التطور، بفضل ما تحظى به من حكومة وتشريعات وإمكانيات بشرية، أهلتها لتكون موطنًا لأحدث التقنيات في العالم، مثل تقنية التنقل السريع الرائدة (هايبرلوب)، وأفضل الممارسات على أكثر من صعيد، ما يجعل الإمارات الأقدر على قيادة حقبة الاقتصاد المبتكر.
أرسل تعليقك