أكّدت وزارة التجارة والصناعة الروسية، أن دخول الحزمة الأولى من العقوبات الأميركية الجديدة حيز التنفيذ لن يكون كارثيًا، وأشارت إلى حزمة تدابير تم اعتمادها للحد إلى أدنى مستوى ممكن من تأثير تلك العقوبات، وتوعدت بما في ذلك اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري. وعلى الرغم من دخول حزمة عقوبات أميركية جديدة ضد روسيا حيز التنفيذ, الأربعاء، فإن الوضع في السوق الروسية لم يخرج عن التوقعات، وكانت التقلبات ضمن حدود معقولة، من دون تسجيل هبوط حاد على سعر العملة الروسية؛ لأنها "دفعت الثمن مسبقًا" عن هذه الحزمة من العقوبات؛ إذ تراجع الروبل بشكل حاد، حين أعلنت الخارجية الأميركية عنها في مطلع أغسطس /آب الجاري.
وبدأت سوق المال الروسية عملها صباح الأربعاء وسط حالة من الترقب، بانتظار بدء العمل بالحزمة الأولى من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا، بسبب قضية تسمم الضابط سابقًا في الاستخبارات الروسية سيرغي سكريبال وابنته جوليا في بريطانيا. وشملت حظرًا على تصدير جملة من المنتجات إلى السوق الروسية، مثل التقنيات الإلكترونية، والتقنيات ثنائية الاستخدام لأغراض مدنية وعسكرية في آن واحد، وكذلك التقنيات المستخدمة في إنتاج النفط والغاز، وغيرها.
ويمكن القول، إن رد فعل العملة الروسية على بدء العمل بالحزمة الأولى كان محدودًا, إذ تراجعت قيمة الروبل أمام الدولار بنحو 48 كوبيك "الروبل 100 كوبيك"، حتى 67.65 روبل لكل دولار، وبنحو 80 كوبيك أمام اليورو، حتى 78.19 روبل لكل يورو.
ويعود هذا التأثر المحدود إلى أمرين، الأول أن الروبل كان قد هبط بشكل حاد تحت تأثير حزمة العقوبات ذاتها، فور إعلان الولايات المتحدة عنها في 7 أغسطس/آب، أي قبل أسبوعين من دخولها حيز التنفيذ. حينها هبطت العملة الروسية في 8 أغسطس/آب، من 63 حتى 67 روبلاً في المتوسط أمام الدولار، ومن ثم استعاد الروبل بعض خسائره خلال الفترة الماضية، قبل أن يعاود الهبوط الطفيف مجدداً أمس.
و شكّل ارتفاع سعر النفط، الأربعاء، عامل دعم للروبل، كانت هناك بالمقابل مجموعة عوامل ذات تأثير سلبي إلى جانب حزمة العقوبات الأميركية، منها شراء "المركزي الروسي" العملات من السوق، ودعوات مسؤولين غربيين لتشديد العقوبات ضد روسيا، بما في ذلك استعداد الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات جديدة، بسبب الوضع في سوريا، وأوكرانيا، والأزمة الكورية، وملفات أخرى.
و تبقى حالة القلق مهيمنة على الوضع في السوق الروسية، وقيمة العملة الوطنية. كما تبقى السوق بحالة ترقب بانتظار القرار بشأن "الحزمة الثانية" من العقوبات على خلفية "قضية سكريبال". و منحت الولايات المتحدة روسيا مهلة 90 يومًا، اعتبارًا من دخول الحزمة الأولى حيز التنفيذ، وخلال هذه المهلة على روسيا أن تتعهد بعدم استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وأن تسمح بتفتيش دولي على منشآتها المتصلة بالأسلحة الكيماوية، وإذا لم تلتزم بهذه الشروط عندها سيبدأ العمل بالحزمة الثانية، التي تشمل تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية، وحظر رحلات شركات الطيران الروسية إلى الولايات المتحدة، وقيودًا أخرى.
وقللت السلطات الروسية من شأن حزمة عقوبات الأربعاء، وعقوبات أخرى تدرسها الولايات المتحدة. وقال أليكسي مويسييف، نائب وزير المال الروسي، إن "روسيا باتت أقوى بفضل العقوبات,و ردنا الواضح كان عبر منظومتنا المالية التي لم تعد تعتمد على المنظومة المالية العالمية"، وأكد أن "روسيا تبقى دولة مشاركًا نشيطًا في الاقتصاد العالمي".
وأعلنت وزارة التجارة والصناعة، الثلاثاء، جملة تدابير أعدتها ردًا على العقوبات الأميركية. وقالت الوزارة في بيان رسمي "لقد قمنا بصياغة جملة تدابير من شأنها أن تجعل العقوبات الأميركية معدومة التأثير علينا. حيث سنتجه نحو دول جنوب شرقي آسيا لتأمين بديل عن الإلكترونيات الأميركية".
و علّق دينيس مانتوروف، وزير التجارة والصناعة الروسي، على العقوبات، وأقرّ بأن "الحظر الشامل لصادرات الإلكترونيات الأميركية إلى روسيا، سيوجّه ضربة بالطبع لبعض الشركات"، ووعد قائلًا "سنحاول تقديم أقصى أشكال الدعم لهم"، مؤكدًا أن الوزارة "استعدت مسبقًا لوضع كهذا، وفي إطار برامج فيدرالية. وتم خلال السنوات الست الماضية تصنيع أكثر من 1500 نوع من المكونات الإلكترونية".
وأشار الوزير مانتوروف إلى أنه يجري النظر حاليًا في إمكانية التحوّل نحو اعتماد العملات الوطنية في التجارة الخارجية، في إطار الرد على العقوبات الأميركية.
أرسل تعليقك