أظهرت أسعار النفط، رد فعل قويًا إثر استهداف ضربة جوية أميركية قائدًا عسكريًا إيرانيًا كبيرًا، الجمعة، مؤججة المخاوف من تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، بما قد يضر بإمدادات الخام في المنطقة، بعدما تعهدت إيران بالثأر بعد الضربة الجوية الأميركية في بغداد، التي أودت بحياة قاسم سليماني، القائد العسكري الأبرز لطهران والمسؤول عن تنامي نفوذها في الشرق الأوسط.
وقفزت العقود الآجلة لخام برنت نحو 3 دولارات يوم الجمعة، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ سبتمبر (أيلول) بعد مقتل سليماني، ما يثير المخاوف من تصاعد للتوترات في الشرق الأوسط قد يعطل إمدادات الخام، وسجل خام القياس العالمي برنت 69.16 دولار للبرميل، في أعلى مستوياته منذ 17 سبتمبر، لكنه انحسر لاحقًا إلى 68.21 دولار، لتصبح مكاسبه 1.96 دولار، بما يعادل 3 في المائة، بحلول الساعة 06.18 بتوقيت غرينتش، كما ارتفعت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 1.68 دولار، بما يعادل 2.8 في المائة، لتسجل 62.86 دولار للبرميل، بعد أن قفزت أثناء الجلسة إلى 63.84 دولار للبرميل، أعلى مستوى منذ أول مايو (أيار).
وتوقع أولي هانسن مدير استراتيجية السلع الأولية في "بنك ساكسو"، "بتصعيد كبير". لكن، طفرة السعر الملحوظة يوم الجمعة "لم تكن، على النقيض من هجوم (أرامكو)، مدفوعة بتعطل المعروض"، موضحًا أن طفرة السعر تأتي "بسبب تعطل في المعروض، وليس بفعل الطلب، تنطوي على خطر دفع الأسعار للانخفاض بشدة فور استقرار الوضع".
ونقلت تقارير أمس، عن بنك "يو بي اس"، أنه في حين لا ترغب الولايات المتحدة، ولا إيران، في تصعيد التوترات، "فلا أحد يعلم إن كانت إيران سترد، ولا متى، أو كيف. في ضوء هذه المخاطر، أضافت السوق علاوة مخاطرة، نظرًا للمخاوف من أن تتصاعد التوترات"، وأضاف البنك: "نعطي احتمالية أكبر لتجدد الهجمات على ناقلات النفط والسفن و - أو البنية التحتية للطاقة في المنطقة وأقل لإغلاق مضيق هرمز"، فإيران "تعتمد على المضيق هي الأخرى لتصدير خامها"، على الرغم من العقوبات الأميركية.
من جانبه، قال جيم ريتربوش، رئيس "ريتربوش وشركاه"، إن "توترات الشرق الأوسط تتصاعد في وقت يشهد بالفعل شحًا في إمدادات النفط، كاستجابة لتخفيضات إنتاج (أوبك)، وتنامي توقعات تحسن الطلب على النفط بفعل اتفاق تجارة المرحلة 1 المتوقع"، مشيرًا إلى أن التطورات الإيرانية من الممكن أن تطلق نوبة قوية من زيادة المخزون عن طريق سلاسل توزيع الخام أو المنتجات (النفطية).
غير أن ريتربوش قال إن "زيادة الطاقة الإنتاجية الفائضة في السعودية من الممكن أن تصبح طبقة عازلة، إذا تعرضت إمدادات النفط العالمية لتعطل كبير".
وقال إدوارد مويا، المحلل لدى "أواندا للسمسرة"، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى "رويترز"، "المخاطر على صعيد المعروض تظل كبيرة في الشرق الأوسط، وقد نرى استمرارًا في تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والجماعات المدعومة إيرانيًا في العراق".
وأبدت حليمة كروفت، المديرة العالمية لتحليلات أسواق السلع الأولية، في مذكرة، تخوفها من "ثمة خطر دائم من أن يصبح العراق ساحة الصراع الدائر بين الولايات المتحدة وإيران". والعراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول، ويصدر نحو 3.4 مليون برميل يوميًا من الخام، معظمها من ميناء البصرة في الجنوب.
وقال بول شيلدون، مدير تحليل المخاطر الجيوسياسية في "ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس"، إن فرص اندلاع صراع أوسع نطاقًا ما زالت دون الـ50 في المائة، لكن المخاطر تدخل أرضًا جديدة، موضحًا أن "الانتقام الإيراني قد يأخذ شكل رد سريع من وكلاء ضد حلفاء الولايات المتحدة ومصالحها، لكن أي رد أكبر، من المرجح أن يخضع لحسابات أدق، وأن يكون غير مباشر في مسعى لتحاشي الدخول في حرب صريحة".
آندي ليبو، رئيس "ليبو أويل أسوسيتس" الاستشارية، يقول: "سوق النفط تحاول تقييم مدى احتمالية أن يقود هذا إلى تعطل في المعروض. إيران شهدت بالفعل... صادراتها تتقلص إلى أحجام في حدها الأدنى، وبالتالي ليس لديهم ما يخسرونه على صعيد صادرات النفط الخام".
في حين، كان رأي كارلو ألبرتو ديكاسا، كبير المحللين في "أكتيف تريدز"، أن "رد فعل النفط على الهجوم الأميركي ضد إيران ليس مفاجأة كبيرة"، وإن "توقعات النفط ترجح كفة ارتفاع الأسعار بشدة في ضوء هذا التوتر الجيوسياسي الأحدث الذي يفرض مخاطر على صعيد المعروض".
إدوارد مويا، كبير محللي السوق في "أواندا" يقول، وفق "رويترز"، إن "أسعار النفط تحلق في عنان السماء مع تصاعد المخاوف من أن تكون منطقة الشرق الأوسط بصدد صراع محتدم قد يفضي في النهاية إلى حرب... قتل قائد إيراني كبير سيكون على الأرجح مجرد ضربة البداية لردود أفعال محركة للسوق".
ويختم بنجامين لو، المحلل في "فيليب فيوتشرز"، بقوله: "الخطوات العسكرية المحتدمة ستولد علاوة مخاطرة في أسعار النفط مع تفكر المتعاملين في التوترات المتصاعدة بالشرق الأوسط". فيما "تبدو أسعار النفط بصدد الارتفاع، حيث تستشرف الأسواق مستويات معروض أشد شحًا وبواعث قلق جيوسياسية تلوح في الأفق".
قــــد يهمـــــــــك أيضًــــــــــا:
الأمم المتحدة والبنك الدولى يُشيدان بفرص التنمية الشاملة فى العالم العربى
السعودية تقترح تعزيز مشاركة القطاع الخاص لتمويل خطة الأمم المتحدة
أرسل تعليقك