سجلت الصين ارتفاعًا في صادراتها فاق التوقعات في يوليو / تموز، في حين لم يتراجع العجز التجاري مع الولايات المتحدة سوى بقدر طفيف، بينما يحذر خبراء من أن الوقت لن يطول قبل أن يظهر تأثير التعريفات الجمركية الأميركية القاسية.
وتصدر هذه الأرقام في حين يتبادل أكبر اقتصادين في العالم التهديدات بتشديد التعريفات الجمركية، على بضائع ومنتجات بمليارات الدولارات، الأمر الذي يثير مخاوف من حرب تجارية معممة.
وسجل العملاق الآسيوي الشهر الماضي فائضًا بلغ 28.09 مليار دولار في المبادلات مع الولايات المتحدة، أي بقدر أقل بقليل من الرقم القياسي المسجل في يونيو / حزيران؛ حين بلغ 28.9 مليار دولار، وفق ما أعلنت الأربعاء هيئة الجمارك الصينية؛ لكن الرقم الأخير يزيد بنسبة 11 في المائة عما سجلته الصين في يوليو/ تموز 2017.
وتراجع الفائض التجاري الصيني على المستوى العالمي كذلك من 41.5 مليار دولار في يونيو/ حزيران، إلى 28 مليارا في يوليو/ تموز , وارتفع إجمالي الصادرات الصينية على مستوى العالم في يوليو/ تموز بمعدل 12.2 في المائة، في حين زادت الواردات كذلك بنسبة 27.3 في المائة، وكلا النسبتين أعلى من المتوقع.
ويُعتقد أن هذه الأرقام لن تستطيع تهدئة التوتر مع إدارة دونالد ترامب التي تسعى إلى خفض الفائض التجاري مع الصين، والتي يتهمها الرئيس الأميركي بممارسات "غير نزيهة" وبأنها تسرق الوظائف الأميركية والمعرفة التكنولوجية.
وقالت بيتي وانغ، الخبيرة في الاقتصاد الصيني لدى مؤسسة أبحاث مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية "آي إن زد ريسرتش"، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "التغير الطفيف لن يكون قادرًا على تخفيف حدة التوتر التجاري بين البلدين".
ويعتقد أن التراجع الأخير في سعر صرف اليوان أعطى دفعة إلى الصادرات الصينية؛ لكن من شأنه زيادة التوتر مع ترامب الذي اتهم بكين كذلك بالتلاعب بسعر عملتها؛ لكن وانغ قالت إن تراجع سعر اليوان "جرى إلى حد كبير بدفع من السوق، وهو ليس أداة يحبذها صانعو القرار الصينيون كجزء من إجراءات الرد".
ويختلف المحللون بشأن مدى تأثير الإجراءات الأميركية على نتائج يوليو/ تموز , ونقلت وكالة "بلومبيرغ" عن إيريس بانغ، الخبيرة الاقتصادية الصينية لدى "آي إن جي هولسيل بانكنغ" في هونغ كونغ، أن "تأثير التعريفات الجمركية على الصادرات لم تظهر بعد، سنرى في أغسطس / آب تأثيرها على شهر بأكمله ".
وقال جوليان إيفنس - بريتشارد، من مؤسسة "كابيتال إيكونوميستس"، إن "حركة الشحن إلى الولايات المتحدة تراجعت بشكل طفيف , وهذا يشير إلى تأثير طفيف للتعريفات الأميركية" , وأضاف "لكن التأثير لا يزال ضئيلًا بشكل عام على نمو التجارة الخارجية للصين، وقد يعكس تباطؤًا أوسع في الزخم الاقتصادي بين الاقتصادات المتقدمة، نظرًا لأن الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي تراجعت أيضًا".
و يبدو أن الصادرات الصينية نحو شريكيها الرئيسيين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تفقد زخمها، فقد تسارعت باتجاه أسواق نامية مستفيدة من التراجع الكبير لليوان ,والمفارقة أن العقوبات الأميركية الهادفة إلى معاقبة بكين زادت الضغط على اليوان الذي وصل أدنى مستوى له منذ سنة أمام الدولار، وهو ما زاد في تحفيز الصادرات الصينية.
وارتفعت في الوقت ذاته بشكل كبير الواردات الصينية من جنوب شرقي آسيا والاتحاد الأوروبي وأستراليا تباعًا، بنسبة 30 و20 و34 في المائة على التوالي وهو ما يدل على أن الصين تسعى إلى الحصول على إمداداتها من خارج الولايات المتحدة , وفق بيتي وانغ , وأضافت أن زيادة الواردات تعكس طلبًا داخليًا قويًا بفضل سياسات تحفيز الاقتصاد التي تتبعها بكين.
لكن الخبراء يتوقعون أن يتغير المشهد قريبًا مع استمرار التصعيد؛ حيث يرون أن سياسة "العين بالعين والسن بالسن" لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، إذ تستورد الصين من الولايات المتحدة ربع ما تصدره إليها، وهذا يعني أنه سيكون عليها البحث عن طرائق أخرى.
ولقد كانت هذه الإجراءات متوقعة؛ لكن مع استعداد الصين للرد تتعزز المخاوف بشأن حرب تجارية معممة تلقي بثقلها على الاقتصاد العالمي، إذ قدرت مؤسسة «أكسفورد إيكونوميكس» الثلاثاء أن يخسر إجمالي الناتج الداخلي العالمي بسببها نسبة 0.7 في المائة حتى 2020.
وأعلن ترامب أنه "من السهل أن نربح الحرب التجارية"، وحذر من أنه قد يستهدف "كل الواردات الصينية" إذا لم تتراجع الصين وتخفض الفائض التجاري البالغ 335 مليار دولار مع بلاده.
وقال الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر، إن تحقيقًا شاملًا أجراه بيّن أن ممارسات وسياسات الصين المتصلة بنقل التكنولوجيا والملكية الفكرية والابتكارات هي غير منطقية وتمييزية، وتشكل عبئًا على التجارة الأميركية.
و أعلنت واشنطن إمكان زيادة الرسوم الجمركية من 10 إلى 25 في المائة، على واردات صينية إضافية تصل قيمتها إلى 200 مليار دولار، و دعت بكين المسؤولين الأميركيين إلى التروي مع توعدها بالرد.
أرسل تعليقك