أفاد محللون ماليون بأن هناك عوامل عدة أسهمت في تحسن أداء الأسواق خلال الربع الأول من العام الجاري، أهمها الإعلان المبكر عن النتائج التي تجاوزت توقعات المستثمرين، بجانب التوزيعات السخية، إضافة إلى تراجع تأثير العوامل الخارجية في الأسواق. وأكدوا أن التحدي الأكبر أمام الأسواق المحلية خلال الربع الثاني هو جذب مزيد من السيولة للحفاظ على مكاسب الأداء في الربع الأول.
وبحسب بيانات هيئة الأوراق المالية والسلع، حقق المؤشر العام لسوق الإمارات المالي، خلال الربع الأول، ارتفاعًا نسبته 5.22%، مستقرًا عند مستوى 4503 نقاط، فيما بلغت قيمة التداولات 56.5 مليار درهم. وحققت أسهم الشركات المدرجة مكاسب سوقية فصلية بحدود 36.6 مليار درهم، منهية الربع الأول عند قيمة إجمالية قدرها 730.5 مليار درهم.
وأوضح المحلل المالي، وليد الخطيب، إن "معظم تعاملات الأسواق خلال الربع الأول اتجهت نحو الصعود، حيث حققت ارتفاعات جيدة على مدار شهري فبراير ومارس، مقارنة بأدنى مستوى سجلته المؤشرات خلال شهر يناير الماضي"، مضيفًا أن "معظم الأسهم المدرجة ارتفعت أيضًا بنسب جيدة، ما عزز مجمل الأداء".
وأضاف الخطيب أن "هناك عوامل عدة أسهمت في تحسن الأسواق، منها النتائج الإيجابية التي أعلنتها الشركات المساهمة العامة، والتوزيعات التي جاءت ضمن المتوقع، إضافة إلى تحسن أسعار النفط قرب 40 دولارًا للبرميل، ارتفاعًا من 27 دولارًا تقريبًا في يناير الماضي". وأشار إلى أن الأسواق استفادت من هذه العوامل، وحافظت على حالة من الثبات والاستقرار في مواجهة الأخبار السلبية عن تراجع معدلات النمو العالمي، خصوصًا الاقتصاد الصيني، مع انحسار ملموس لتأثيرات العوامل الخارجية لمصلحة نظيرتها داخليًا، بما أسهم في عودة الثقة نسبيًا للمتعاملين، ما أدى إلى زيادة ملموسة في أحجام التداول.
ولفت الخطيب إلى أن "أحد المحفزات القوية التي أثرت إيجابًا في الأسواق خلال الربع الأول، هو قيام شركاء استراتيجيين بالاستحواذ على حصص في الشركات المدرجة، بما لعب دورًا قويًا في تعزيز التعاملات، وزيادة الإقبال عليها، وعدم التسرع في عمليات البيع أو التخارج في فترات هبوط المؤشرات".
وأكد الخطيب أن "التحدي الأكبر الذي يواجه الأسواق خلال الربع الثاني، هو استقطاب ومضاعفة السيولة، والحفاظ على مكتسبات الربع الأول، خصوصًا خلال الفترة المقبلة، التي تصادف بدء موسم الصيف، الذي ربما يمثل ضغطًا على الأسواق، إضافة إلى أن مخاوف تراجعات النفط لم تنته بعد". أسعار النفطمن جانبه، توقع مدير إدارة الأصول في شركة "المال كابيتال"، طارق قاقيش، أن "تعتمد حركة السوق على عوامل عدة خلال الربع الثاني، منها أسعار النفط العالمية، ونتائج اجتماع أعضاء (أوبك) المقرر خلال الشهر الجاري، بجانب مستويات السيولة التي تدخل للاستثمار، سواء من قبل أفراد أو مؤسسات".
وأضاف قاقيش أنه "بعد انتهاء موسم توزيعات الأرباح، تترقب السوق نتائج الربع الأول، والمتوقع أن تكون متفاوتة من قطاع إلى آخر، فمثلًا قطاع العقار ربما تنخفض أرباح شركاته نتيجة لضعف المبيعات، وانخفاض قيم الأصول". وتوقع قاقيش أن يكون قطاع البنوك الأقرب إلى الاستقرار، إلا أن هوامش الربحية فيه ستتقلص بنسب بسيطة، أما قطاع الاتصالات فسيشهد ارتفاعات بسيطة في أرباحه.
وأشار قاقيش إلى أن أسواق المال فقدت منذ بدء انخفاض أسعار النفط بريقها، نتيجة تخوف المستثمرين المتوقع لتباطؤ النشاط الاقتصادي، وشح السيولة، لافتًا إلى أنه إذا نظرنا إلى الارتفاعات الأخيرة في أسعار النفط، نجد أن سعر النفط ارتفع بنسبة 40%، إلا أن الأسواق تعافت بنسبة ضئيلة نتيجة ضعف ثقة المستثمرين.
ونوه بأن المعادلة ستتغير، حيث لاحظنا ارتفاع أحجام التداول الناتج عن النسب المجزية للتوزيعات السنوية للشركات المدرجة، مؤكدًا أن عودة السيولة إلى البنوك الإماراتية أمر إيجابي لبعض الشركات، وبالتالي ستتجه السوق إلى مرحلة انخفاض عامل الترابط مع التذبذبات في أسعار النفط.
وأشار إلى أنه على الرغم من ارتفاع نسبة الاستثمار المؤسسي في الأسواق، إلا أن الأخيرة تتأثر بصورة أكبر مع تفاعل المستثمرين الأفراد مع العوامل الداخلية والخارجية، وبالتالي زيادة نسبة التذبذب. ولفت إلى أن اجتماع منظمة "أوبك" المقرر في الشهر الجاري سيكون العامل الأبرز في المرحلة المقبلة من حيث التأثير في الأسواق، يليه قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الخاص برفع نسبة الفائدة.
البنوك المركزية
وأوضح العضو المنتدب لشركة أبوظبي الوطنية للأوراق المالية، محمد علي ياسين، إن "شهر يناير الماضي كان الأصعب على الأسواق المحلية منذ بداية فترة التعافي عام 2012، وكذلك على نظيرتها العالمية، حيث كانت التذبذبات قوية جدًا، ما أدى إلى تدخل البنوك المركزية في أوروبا واليابان والصين".
وأضاف ياسين أنه على المستوى المحلي كانت هناك عمليات بيع كبيرة على كل الأسعار، التي وصلت إلى مستويات متدنية جدًا بنهاية يناير الماضي، حيث انخفضت دون القيمة الاسمية أو الدفترية، مشيرًا إلى أنه مع بداية إعلان النتائج المالية وما صاحبها من توزيعات، رأينا تحولًا كبيرًا باتجاه الارتفاع، وسادت حالة من الإيجابية على أداء الأسواق، وارتفعت المؤشرات والأسعار خلال فبراير الماضي، ووصلت ذروتها في الثلث الأول من شهر مارس الماضي، وذلك نتيجة انحسار العوامل السلبية، خصوصًا أسعار النفط.
وتابع ياسين أن التوزيعات السخية للشركات كان لها أثر إيجابي بجانب دخول مستثمرين استراتيجيين على شركات متذبذبة من حيث القيمة السوقية، إذ كان يتم تداول أسهمها بأقل من 50 فلسًا، ما أسهم في رفع السعر إلى نحو 80 فلسًا للسهم، ما حفز الأداء العام للسوق. وشدد ياسين على أن الحفاظ على مكاسب الربع الأول يستلزم جذب المزيد من السيولة، والحفاظ على المستويات الموجودة حاليًا، لدعم ارتفاع أحجام التداول اليومية، وإعادة الثقة للمستثمرين.
أرسل تعليقك