فقهاء الشريعة يؤكدون سماحة الدين في المعاملة مع أصحاب الأديان الأخرى
آخر تحديث 16:14:23 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

شريعتنا تأمرنا ببر غير المسلمين والاحسان إليهم

فقهاء الشريعة يؤكدون سماحة الدين في المعاملة مع أصحاب الأديان الأخرى

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - فقهاء الشريعة يؤكدون سماحة الدين في المعاملة مع أصحاب الأديان الأخرى

الحرية والعدالة
القاهرة - سعيد فرماوي

تتجلى عدالة الإسلام ورحمته وإنسانيته في جملة التشريعات التي تنظم العلاقة بين المسلمين وغيرهم من أصحاب العقائد الأخرى، حيث رسمت شريعة الإسلام شكلاً مثالياً للعلاقة بين الفريقين لكي تحقق التعايش السلمي والتعاون والمصالح الحياتية، بعيداً عن اختلاف أو تنوع العقائد والديانات .

ولا غرابة في ذلك فالذي رسم شكل العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين هو الله سبحانه وتعالى- المشرع الأول للمسلمين - فهو سبحانه وتعالى القائل في كتابه العزيز: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم، أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين" . فالآية الكريمة تجعل العلاقة بين المسلمين وغيرهم، قائمة على أمر أعظم من العدل - الذي هو إعطاء كل ذي حق حقه- حيث ترتقي هذه العلاقة إلى مرحلة الإحسان - وهو الزيادة على الحق فضلاً - ولقد قدمت الآية لفظ البر على لفظ القسط - وهو العدل - وقد سمى الإسلام غير المسلمين داخل مجتمعه (أهل الذمة) أي أهل العهد والضمان والأمان، لأن لهم عهد الله، وضمان رسوله، وأمان جماعة المسلمين على أن يعيشوا في حماية الإسلام وتحت راية المجتمع الإسلامي آمنين مطمئنين .

داخل المجتمع الإسلامي كفلت الشريعة الإسلامية- كما يؤكد أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث في الأزهر د . محمد الشحات الجندي - جميع حقوق غير المسلمين مثلهم مثل المسلمين تماماً، ولخص فقهاء الإسلام هذه الحقوق في قاعدة ذهبية هي:(لهم ما لنا، وعليهم ما علينا)، أي: لهم مالنا من الحقوق والحريات، وعليهم بعض الذي علينا من الواجبات وقد فصل الفقهاء هذه القاعدة في جملة من الحقوق تشمل:
- حماية غير المسلم من العدوان الخارجي: حيث يجب على المجتمع الإسلامي أن يوفر كل وسائل الحماية لكل من رضي العيش بداخله، وهذا هو ابن تيمية يترجم هذا المبدأ عملياً ويقف بقوة في وجه التتار عندما أرادوا إطلاق سراح أسرى المسلمين فقط، وإبقاء النصارى بالأسر فقال: "إنا لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسرى من المسلمين وغيرهم، لأنهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيراً لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة" .

- توفير الحماية الداخلية لغير المسلمين داخل المجتمع الإسلامي، وهذه الحماية متنوعة وتشتمل على حقوق ومظاهر تكريم كثيرة، منها: حماية أرواحهم ودمائهم، حيث جرمت الشريعة الإسلامية إلحاق أي أذى أو ظلم بأي إنسان مواطن أو زائر غير مسلم هو في ذمة المسلمين وعهدهم من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من آذى ذمياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة" .
أيضاً، واجب المجتمع الإسلامي حماية غير المسلمين من أي أذى يمس أعراضهم أو ينتقص من كرامتهم، فلا يجوز في الإسلام إلحاق أي أذى بالمسلم أو غير المسلم من شتم أو قذف أو تجريح أو حتى غيبة . . وأموال غير المسلمين في نظر الشريعة الإسلامية لا تقل حرمة عن دمائهم وأعراضهم، ومن بين نصوص المعاهدة التي وقعها رسول صلى الله عليه وسلم مع نصارى نجران قوله: "ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أموالهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير" . . وسجل التاريخ الإسلامي صفحات مشرقة من حماية حكام المسلمين لأموال وممتلكات غير المسلمين . والواقع التطبيقي لأحكام الشريعة يظهر بوضوح هذه الحماية لكل ممتلكات غير المسلمين، فلهم الحق في دخول كل المعاملات الاقتصادية وممارسة كل الصفقات إلى غير ذلك من الحرية الاقتصادية، وحق التملك .
ومن مظاهر التسامح والعدل والرحمة التي جاءت بها شريعة الإسلام - كما يوضح د . الجندي - أن الدولة الإسلامية مطالبة بكفالة الفقراء غير المسلمين وتوفير مقومات العيش الكريم لهم . . كما أن المجتمع الإسلامي مطالب بكفالة المسلم وغير المسلم وتوفير كل الاحتياجات الضرورية وأحياناً التحسينية له، خاصة عند العجز عن الكسب والعمل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع، ومسؤول عن رعيته . . ." وشواهد التطبيق العملي للمسلمين في ساحة العطاء الإنساني مع غير المسلمين كثيرة ولا تحصى، وهي شاهدة على عظمة شريعة الإسلام وعدالتها، حيث جعلت أهل الذمة من أولى الناس مع المسلمين بالبر والصلة، وكانت ضمانات المجتمع المسلم واضحة ضد الفقر والعجز والشيخوخة لكل فئات المجتمع، حيث لا تفريق بين المسلم وغير المسلم .
وحريات غير المسلمين داخل المجتمع الإسلامي مصونة ومكفولة، وفي مقدمة هذه الحريات حرية إقامة شعائرهم وحماية دور عباداتهم، حيث أقر الإسلام حرية الاعتقاد لكل الناس، فلا إكراه لأحد على دخول الإسلام، وإن كان يدعوهم إليه، فالدعوة إلى دخول الإسلام لا تعني أبدا إكراه أحد على ترك دينه واعتناق الإسلام، ومنهج الدعوة إلى الإسلام بين المسلمين وغير المسلمين حدده الخالق سبحانه وتعالى في قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن" وقوله عز وجل: "لا إكراه في الدين"، والقاعدة في ذلك هي قول الإمام علي كرم الله وجهه: "تتركهم وما يدينون"، والشواهد التاريخية على تطبيق هذه الحرية على أرض الواقع كثيرة من زمن النبي إلى عصرنا الحاضر .

 

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فقهاء الشريعة يؤكدون سماحة الدين في المعاملة مع أصحاب الأديان الأخرى فقهاء الشريعة يؤكدون سماحة الدين في المعاملة مع أصحاب الأديان الأخرى



GMT 22:46 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

GMT 08:03 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:59 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"حقيبة الأبط" تتربع على عرش موضة خريف وشتاء 2018

GMT 01:19 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رشاد ومي حلمي يتفقان على إتمام حفل الزفاف

GMT 20:07 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

شركة "سامسونغ" تطلق غالاكسي في بلس" في ماليزيا

GMT 15:47 2014 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

شركة Xolo تطلق هاتفها الذكي متوسط المواصفات Opus 3

GMT 18:19 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

ترجمة لکتاب صید الخروف البري لهاروکي موراکامي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates