المسرح في الإمارات حافظ على كينونته بخطوات محسوبة نحو للمستقبل
آخر تحديث 16:54:37 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

عدد لا يستهان به من المخرجين طواهم الغياب

المسرح في الإمارات حافظ على كينونته بخطوات محسوبة نحو للمستقبل

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - المسرح في الإمارات حافظ على كينونته بخطوات محسوبة نحو للمستقبل

المسرح
أبوظبي - صوت الإمارات

حافظ المسرح على ديمومته منذ القدم من خلال البحث والاكتشاف، ولارتباطه الوثيق بحركة الحياة فإنه شكل انسجاما مشحوناً بالأسئلة، ومشاكسة للمجتمع خلخلت بعض الثوابت فيه من أجل إدامة عجلة التوقد الحضاري، بسبب تأثير المسرح الفعّال في حياة الناس وتشكيله للمتغيرات التي تكونت من صور درامية تحولت إلى أفعال تعبيرية تميزت بالدهشة واستفزاز عقل المتلقي، وهذا فعل لا يؤكده إلا القادر على الابتكار.

تأسست التجارب المسرحية وفق أُطر وأساليب تعمقت في اختبارات عدة، لكن بعضها توقف والآخر استمر متأثراً بما قبله وتلك حقيقة المسرح ، فهو لا يخضع لقانون ولا قاعدة بيانات تحدد مستواه بل هو هاجس يتعامل مع المدرك ويعيد ترتيبه وهو لغة بعيدة عن المألوف ويفاجئ الجمهور بما لا يتوقع، وعليه بات من الطبيعي أن يكون المسرح مجالاً لاختبار الوعي ويرفع معاً الذائقة، والفكرة هنا ليست في أسلوب العرض ودهشته وحسب بل في الأثر الذي يقلب القناعات ويبعث على التفكير، إنه يدعونا لاختبار الرغبات ويعاكس باستمرار الوعي المعرفي.

إن نظرة فاحصة لأسباب استمرار المسرح تتطلب منا قراءة تاريخه المترامي الأبعاد فالتجربة صارت تجارب، ولم تستقر عند جغرافيا بعينها ، ولذلك فالمؤلفون والمخرجون تفاعلوا مع استمرارية الحياة من أجل اللحاق بركبها ليواجهوا الصادم من أفعالها، وظلت حلولهم عاجزة عن توحيد وجهات النظر، لأن النظريات فيه تنوعت مشاربها في تثبيت المفاهيم والاشتغالات ، كلٌ حسب تجربته الميدانية واجتهاده في البحث.

نحن هنا بصدد الحديث عما يشكله غياب عدد لا يستهان به من المخرجين الإماراتيين الذين شكّل غيابهم علامة استفهام فارقة في نمو وتطور حركة الإخراج المسرحي في الإمارات، والتركيز على المخرج نعني به قيادة العملية المسرحية التي تدفعنا لأسئلة بحاجة إلى إجابات: هل أثر ذلك الغياب في العروض النوعية في المسرح؟ هل أثر في التنافس في تجويد لغة العروض؟ هل هو السبب في قلة العروض؟ هل هي محطة استراحة لمراجعة النفس من أجل إعادة النظر فيما قدموه سابقاً؟ وهل سيبحثون عن أساليب مغايرة في الإخراج ؟ ومن الجيل القادم من المخرجين الشباب؟ تساؤلات بحاجة إلى فك ألغازها حين نجد مخرجين أثروا الحركة المسرحية في الإمارات وكانت تجربتهم قد وضعت لبنات التأسيس لمسرح حديث، وهنا لا نتحدث عن مستويات المنجز بالتأكيد، فهذا العزوف والرحيل الجماعي عن دفة قيادة حركة الإخراج المسرحي، حالة تؤرق الكثيرين ولطالما طُرحت هذه التساؤلات من دون إجابة المعنيين، نتحدث عن قامات مسرحية أرست تجارب يُشاد بها (جمال مطر، ناجي الحاي، أحمد الأنصاري، د.حبيب غلوم، عمر غباش... وغيرهم) من الذين أسهموا إسهامات مؤثرة في الإخراج والتأليف بل والبحث عن أُطر جديدة لتجربة أثبتت نجاعتها في المحافل الإقليمية والعربية.

إن الابتعاد عن العمل الإخراجي أحدث حالة قطع في استمرارية جيل آخر من المخرجين، وإذا ما تعلق الأمر بشماعة "العمل الإداري" فإنه ليس مبرراً، لأن اجتزاء بعض من الوقت يكفي لتقديم عرض مسرحي ومساهمة فعالة في تقديم عروض مسرحية ليس للمهرجانات وحسب، بل وفي مناسبات عدة، فهل يتقبلون الدعوة في الموسم القادم والتفكير بجدية والعودة لإغناء الحراك المسرحي في الإمارات والحفاظ على مكتسبات المسرح ؟

ورغم قناعتنا بأن المسرح يحتاج إلى إسناد مادي لتدعيم قدرته على الاستمرار، فإننا نأمل في عودتهم وقد مُلئت جعبتهم بمشاريع تعيد الثقة باستمرارية العطاء وتفك الاشتباك بين ما نفكر به و أسباب الابتعاد، أو أنهم يسعون لتكوين أطر جديدة من الطاقات الشبابية، من مبدأ نقل التجربة للقادمين والمقبلين على عالم المسرح، فإننا لا نجد جيلاً جديداً من المخرجين ولا المؤلفين والأسماء التي نعرفها لا تتعدى عدد أصابع اليد و لا يشكلون ظاهرة بل هي اجتهادات فردية تحتاج للكثير من الصقل لأن بعضهم يخبو بعد تجربة واحدة يكتشف فيها وعورة الدرب الذي يسلكه أو بسبب تضخم الشعور بالأنا، ويجب ألا يفكر هؤلاء الشباب بأن تجاربهم البسيطة لابد أن تتوافر لها كل الإمكانات ، لأن المسرح في أحيان كثيرة يعتمد على فكرة الخلق الجمالي من مفردات بسيطة إذا ما توافر الإيمان بالمسرح من دون الانجرار خلف بعض الطارئين الذين يزرعون فكرة الإحباط في النفوس، إن ما قدمه من سبقهم من المسرحيين لم يأت من ترف أو سهولة بل من اجتهاد وقسوة في العمل، وعليه فالذين قدموا من المخرجين لا يفكرون بإحباط من يأتي من بعدهم بسبب من عدم قناعتهم بقدرات الشباب الذين يحاولون ملامسة الهم المسرحي، فهل سنجد مخرجين محترفين يأخذون بأيادي المخرجين الشباب ويرسخون فكرة المشرف الفني أو الدراماتورجي التي يتطير منها البعض، رغم أن التجربة المسرحية في بقاع الأرض ومنذ زمن تعتمد فكرة الدراماتورج في تقويم أي تجربة حتى المحترفين منهم وليس الشباب وحسب، لأن التجربة تبقى ناقصة من دون الأخذ في الاعتبار الاعتماد على الخبرة التي تذكي المعلومة وتؤسس التجربة وفق وتائر متصاعدة إبداعيا ، فحتى المعاهد والكليات المسرحية هناك أستاذ مشرف على طالب المسرح المتخرج بعد دراسته للمسرح أربع سنوات فهو يحتاج لمن يعضد ويقوم تجربته فما بالك بشاب لم يدرس المسرح أكاديمياً؟

ولنا أمل بعودة نوارس المسرح الإماراتي من المتغيبين عن الساحة المسرحية خلال السنوات السابقة ، فلهم الأثر الفعال في تجديد الدماء وإنعاش خشبات المسارح ببحثهم الدؤوب وإمكاناتهم التي تحتاج إلى إعادة صقل واجتهاد في أن يتواصلوا مع المسرح على أنه رسالة وليس عملاً فردياً يتمارض بفعل العلاقات الشخصية.

إن الورشة المسرحية أو الورش المسرحية بمجموعها لا يمكن أن تكون عوضا عن الدراسة والبحث، فالمسرح عالم الحياة وعلى المشتغل فيه أن يعتبر الورش مفاتيح للبحث والاستمرار لذلك البحث.

وعليه أجد من الضروري ألا نقف عند المسميات الرنانة بقدر ما يتسع وعينا لأفكار بناءة في العمل على توسيع أفق الرؤى في المسرح، وإذ نتكلم عن المستقبل من خلال أسئلتنا فهذا يعني أننا نبحث عن استشراف آخر للحراك المسرحي غير تلك النظرة التشاؤمية في تقييم واقعنا المسرحي في الإمارات، أن نعمل بعيدا عن المجاملات أو الوصفات الجاهزة التي يتبناها الطارئون على المسرح، فهذا امتداد مثمر لتجربة حقيقية تحاول ترسيخ جذورها في ظل التغيرات العصرية السريعة للحاق بركب الحضارة، لأن المسرح مناخ حضاري نحتاجه ويحتاج منا للبحث والحفر في عمق التجربة وليس تزيين القشور فيها.

أمام الدعم الذي يديم عجلة الحراك المسرحي في الإمارات، الذي لا يقف عند حدود الدعم المادي، بل يتعدى إلى اتجاهات متنوعة معنويا جعلت من المسرح حاجة اجتماعية وثقافية وأفردت له مساحة في المجالين الإقليمي والعربي بل طرق أبواب دولية في سلسلة من المهرجانات تبنتها الشارقة وأسندتها تجارب في مهرجان مسرح الشباب في دبي ومهرجان المونودراما الدولي بالفجيرة وتلك العروض التي تستضيفها العاصمة أبوظبي، اثبت أن المسرح لا يمر بسبات كما يدعي الكثيرون، ولكن هناك تراجعا في تلافي المشكلات التي تعترض العمل في المسرح وأهمها حالة عدم التكافؤ بين البنى التحتية للمسارح والدعم المادي، وبين النتاج المسرحي بشكل عام ! وكما هو معروف فإن الدعم المادي أساسي لإقامة تلك التظاهرات لا يأتي من فراغ أو لأغراض دعائية بل من اهتمام واضح لقيمة الإنسان واحترام توجهاته الفكرية والجمالية من خلال المسرح أو مجالات الثقافية الأخرى، وهو من الأهداف السامية لمعنى بناء الدولة العصرية، لذا، لا بد من التفكير بأن العطاء المطلوب يجب أن يوازي الدعم والتفكير بجدية باستراتيجية العمل في المسرح.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسرح في الإمارات حافظ على كينونته بخطوات محسوبة نحو للمستقبل المسرح في الإمارات حافظ على كينونته بخطوات محسوبة نحو للمستقبل



GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates