الشارقة – سعيد المهيري
شارك معهد الشارقة للتراث في ملتقى التراث العمراني الوطني، في نسخته الخامسة التي عقدت في مدينة القصيم في السعودية، واختتم في الثالث من الشهر الجاري، بتنظيم من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية، بحضور عربي ودولي كبير، تحت شعار: "من الاندثار إلى الازدهار"، وجاءت مشاركة المعهد في ظل حرصه على المشاركة في الأنشطة والبرامج والفعاليات التراثية، الهادفة إلى الحفاظ على التراث وصيانته ونقله للأجيال القادمة. وقدم رئيس المعهد، عبدالعزيز المسلم، ورقة عمل مميزة بعنوان: "التراث غير المادي في التراث المادي"، ولاقت تقديرًا وتفاعلًا من قبل المشاركين، لتفردها وأصالتها، وكان المعهد قد أعدها خصيصًا من أجل المشاركة في الملتقى. وقال المسلم: "نحرص دومًا على المشاركة في مختلف الفعاليات والأنشطة والبرامج التي تركز على التراث بشقيه المادي وغير المادي، على مستوى العالم عمومًا، وعلى المستوى العربي خصوصًا، في ظل سعينا المستمر من أجل تحقيق مستويات عليا من العمل المشترك والتفاعل والتكامل في ما بيننا وبين المؤسسات والهيئات والجهات المشتغلة في عالم التراث بشقيه المادي وغير المادي، ونركز بشكل خاص على دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يجمعنا معها الكثير من المكونات والعناصر التراثية والثقافية، وهو ما يشكل عاملًا مساعدًا إضافيًا لأجل المزيد من التعاون والتنسيق والعمل المشترك، ومن هنا تأتي مشاركتنا في فعاليات النسخة الخامسة من ملتقى التراث العمراني الوطني في السعودية". وأشار إلى أن الورقة التي قدمها باسم المعهد، خلال فعاليات الملتقى، لاقت استحسانًا وتقديرًا وإشادة من قبل المشاركين، وحظيت بنقاشات وحوارات مهمة جدًا. وأوضح أن "الورقة ركزت على مشروع الشارقة للتراث الثقافي، الذي يرعاه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، من خلال إحياء التراث المادي وغير المادي، وهو بمثابة بث الروح في الجسد، فما تم من مشروعات الحفاظ العمراني في الشارقة القديمة، وأيام الشارقة التراثية، وملتقى الشارقة الدولي للراوي، ومركز الحرف الإماراتية، ومجالس التراث، وإحياء الأسواق الشعبية، وبشارة القيظ، وبرامج الطفل الأخرى الموجهة، هو حفاظ على ذاكرة المكان وذاكرة الإنسان، وهو بمثابة بث الروح في الجسد".
وأكد المسلم أن "المعهد بمختلف أنشطته وبرامجه وفعالياته يسعى إلى التعريف بالموروث المادي والمعنوي، والإسهام في خلق جيل يعتز بأصالته ويبني عليها ويطورها بما يضمن تميزها وديمومتها وتفاعلها مع واقعه ومستقبله في ظل الاستفادة من خبرات الماضي، وبما يسهم في خلق جيل مرتكز في تطلعاته على الأصالة، وعلى خبرات عريقة، آخذًا بعين الاعتبار أهمية وضرورة تعزيز فرص التواصل بين الأجيال".
وأشار إلى أن المعهد هو أحد المشروعات الثقافية الكبرى، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، كصرح ثقافي علمي كبير، فالتراث يحتل مكانة متميّزة عند سموه، ودومًا هناك مبادرات وإسهامات من طرف سموه في مجال التراث بصفة خاصة والثقافة بصفة عامة، بالإضافة إلى الدعم اللامحدود والمتابعة الدقيقة والتفصيلية لعالم الثقافة والتراث، والبحث عن كل ما يسهم في استمرار وديمومة تنميته وتطوره وتميزه. واعتبر المسلم هذه المشاركة جزءًا من نشاط المعهد الخارجي، الذي من خلاله يتم الاطلاع على تجارب وخبرات الآخرين، وفي الوقت نفسه تقديم خبرات وتجارب المعهد وفرق التراث الإماراتية، والتعريف بها، وإطلاع الجهات المعنية والمشتغلة في التراث على تجربة الإمارات الغنية في عالم التراث. ولفت إلى أن برنامج الملتقى كان حافلًا جدًا، من خلال جلسات عمل، ورش، زيارات، معارض، فعاليات ثقافية، وبرنامج سياحي متكامل، كما صدر عن الملتقى عدد من الكتب المتخصصة، والتقارير، والمطبوعات والنشرات، وتضمن الملتقى العديد من ورش العمل والجلسات التي أقيمت بمركز الملك خالد الحضاري، حيث وصل عددها إلى 22 ورشة بمشاركة أكثر من 100 خبير عربي وأجنبي، وتناول الملتقى في نسخته الخامسة موضوعات عديدة، منها التراث العمراني والمجتمع، دور البلديات في تنمية التراث العمراني، تكامل موارد التراث العمراني في دول الخليج العربية، وغيرها من الموضوعات ذات الصلة، كما شهد الملتقى بالإضافة إلى الجلسات وورش العمل معرضًا مصاحبًا يشمل أجنحة لعدد من الجهات الحكومية ومجالس التنمية السياحية حول السعودية، وعددًا آخر من الفعاليات التراثية. وحلت سلطنة عمان ضيف شرف الملتقى، حيث قدمت وزارة الثقافة والتراث بالسلطنة معرضًا عن التراث العمراني العماني، للتعريف أكثر بما تملكه عُمان من تراث عمراني غني ومتنوع.
وضم الملتقى نخبة من المتحدثين البارزين في تخصصات مختلفة، من بينهم كبار الدعاة، مثل الشيخ عبدالرحمن السديس، والشيخ صالح المغامسي، ومن أبرز المتحدثين كان مدير عام الإيكروم، والدكتور صالح لمعي، ومدير البنك الدولي، وغيرهم، ما يزيد على ٢٠ شخصية عالمية مهمة في مجال التراث الثقافي المادي. إلى ذلك جاءت انطلاقة الملتقى في نسخته الخامسة، بعد أن أسهمت الملتقيات السابقة في تأسيس البنية الإدارية، والفنية والتشريعية لإدارة التراث العمراني بالسعودية، من خلال تأسيس مركز التراث العمراني الوطني وصدور نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، وبالتالي جاءت هذه الدورة لتنقل عمل مركز التراث العمراني الوطني من مرحلة التأسيس إلى مرحلة الاستثمار والتنفيذ، إذ أصبح المركز يعمل ضمن شعار "من الاندثار إلى الاستثمار"، الذي أطلقه الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وبناء عليه بدأ مركز التراث بمساعدة الشركاء في التخطيط لمرحلة الاستثمار والانتقال بمواقع التراث إلى الترميم والتشغيل، ويغطي الهيكل الإداري لمركز التراث جانب الحماية والتوعية وجانب الترميم والتشغيل، محققًا بذلك نموذجا إقليميًا ودوليًا لإدارة التراث.
أرسل تعليقك