دبي ـ جمال أبو سمرا
نال كتاب "الحياة بعين ثالثة" للشاعر عادل خزام "الختم الذهبي"، كونه واحدًا من أفضل الكتب الصادرة حديثًا في مجال الآداب، بعد صدوره مترجمًا الى الإنجليزية في أكتوبر الماضي عن دار "ترافورد" في الولايات المتحدة الأميركية. ورشّح الكتاب لجائزة إيريك هوفر الأدبية في الولايات المتحدة. وربما تكون المرة الأولى التي ينال فيها كاتب من الإمارات هذه المكانة الرفيعة في عالم صناعة الكتب في العالم الغربي، الذي تحكمه معايير دقيقة في الاختيار والطرح.
وتم منح الكتاب "الختم الذهبي" بعد ردود الفعل الإيجابية التي وردت للدار، وما نشر عنه في مجلات عروض الكتب هناك، خصوصًا في نشرة "ذا يو إس ريفيو أوف بوكس"، وهي إحدى الجهات المرموقة التي تقدم عروض الكتب وتعد مرجعًا لعشاق وصنّاع الكتاب والمتابعين، حيث وصفت كاتبة المقال بريسيليا إستس الكتاب بالقول: "احتفظوا بهذا الكتاب بالقرب من سريركم، وغوصوا فيه ببطء للتمتع بترف ما فيه من تناقضات الليل والنهار لكي يغمركم ضوء الوعي والإدراك". وهي العبارة التي تم إدراجها على الغلاف الأخير للكتاب في النسخة الجديدة التي تتضمن أيضًا "الختم الذهبي". واسترسلت الكاتبة في شرح مضمون الكتاب، واعتبرته يقدم دليلًا للإنسان للخلاص من أزماته الوجودية، وقالت "ينهي الشاعر كل فصل من الكتاب بمقتطف شعري يلخّص بحكمة كل ما سرده. ويا لها من فرحة في العثور على كتاب يشرح القصيدة بالنثر للمرّة الأولى".
وينتظر أن تتبع هذه الخطوة مجموعة من الإجراءات في التعامل مع الكتاب، من بينها إعادة إرساله الى قوائم الناشرين لتسويقه عبر شراكات عابرة للحدود، ورفعه أيضًا الى منتجي السينما والجامعات التي تهتم بالآداب. كما رشّح الكتاب الى جائزة إيريك هوفر الأدبية العريقة التي تمنح سنويًا لأفضل الكتب في الولايات المتحدة. وتعود الجائزة الى ذكرى الفيلسوف الاميركي إيريك هوفر الذي يعد أحد أهم المفكرين في القرن العشرين. وهي واحدة من أكبر الجوائز الأدبية التي تمنح لقطاعات النشر المستقل في مجالات عدة، أكاديمية وأدبية وفلسفية، وفي الشعر أيضًا. وتم ترشيح كتاب عادل خزام في ثلاثة حقول مختلفة هي الشعر والفلسفة والرواية، كون الكتاب يضم كل هذه الأساليب.
وصدر كتاب "الحياة بعين ثالثة" باللغة العربية، عن مجلة "دبي الثقافية" في أبريل من عام 2014، وتناولته الصحافة العربية بكثير من التقدير، ووصفه الناقد سعيد بوكرامي بالقول "إنها رواية بعين ثالثة عن الحياة. هي في المقام الأول رواية ذهنية، تعتمد تصورات فلسفية وجمالية. يمررها الكاتب بوسائط سردية وشعرية للتعبير إجمالًا عن المصير الملتبس والغامض للإنسان المعاصر، أمام تحديات الحياة. وفي المقام الثاني رواية شعرية لا يكتبها إلا شاعر راكم من الحياة والمعرفة والشعر ما يجعله قادرًا على كتابة رحلة ذهنية تضاهي الأعمال السردية الفلسفية العالمية".
وكتب محمد غنيم في "اليوم السابع" المصرية "محظوظ من قرأ هذا الكتاب واستمتع بنهر المعرفة الفائض بالكثير من الحكم والمواعظ والخبرات الحياتية المسالة عذوبًا من هذا الكتاب القيم. المؤلف هنا يعتمد على أسلوب المزج بين فنون الأدب المختلفة ليخلق شكلًا جديدًا مبتكرًا خالطًا السرد الروائي والحبكة بالشعر والنصوص الفلسفية". كما تناولت الكتاب صحف الإمارات جميعها بعروض ودراسات كثيرة.
وكتاب "الحياة بعين ثالثة" هو عبارة عن رحلة يقوم بها كل من الشاعر والحكيم، وهما يعبران الأرض، ويسجلان مشاهداتهما حول الوجود وأزمة الإنسان في مسعاه نحو الحقيقة والجمال. ويتناول الفصل الأول رحلتهما إلى الشرق الأوسط، حيث يكونان شاهدين على الحروب والديكتاتوريات المريضة، وانسلاخ القيم الإنسانية، وانحلال المعاني، وضياع الحب، ما يضطرهما إلى الفرار بسرعة من هذا الواقع المر. أما في الفصل الثاني فيصل الشاعر والحكيم ومعهما الراوي، إلى نيويورك، حيث يستقبلهما هذا المجتمع بذهول لافت، فيتلقيان الدعوات لإلقاء الخطب والقصائد في الكنائس والحفلات الخيرية، وينهال عليهما مجتمع السينما بالأسئلة الوجودية، ويتلقيان دعوة من جنرال حرب فيحاورانه عن فلسفة القوة، ويكونان شاهدين أيضًا على محنة التشرد التي يعيشها بشر كثيرون في بلاد الحرية تلك.
وفي الفصل الثالث يتوقفان في بلاد الفنون ويلتقيان بحشود الفنانين والموسيقيين والشعراء الذين يأتون لسماع خطب الحكيم وقصائد الشاعر، وفي الفصل الأخير ينتقلان إلى الهند بحثًا عن المعرفة وسر الحياة، لتنتهي رحلتهما بشكل درامي غريب.
واستغرق عادل خزام أكثر من أربع سنوات في تأليف الكتاب، وفي عنوانه "الحياة بعين ثالثة" إشارة إلى رصد الأبعاد غير المرئية من الحياة، وهي الأبعاد التي لا ترى إلا بعين الشاعر وبقلب الحكيم. وقال خزام "اضطررت إلى تحييد الراوي في هذا العمل، وجعله مجرد شاهد على الرحلة الأسطورية التي يقوم بها الشاعر والحكيم حول البلدان ومع الناس". والكتاب مشحون بالنصوص الفلسفية والقصائد الشعرية التي تتناول كل وجوه الحياة، وأحيانًا يسترسل الشاعر أو الحكيم في وصف الصحراء أو الأنهار أو الغيمة في مونولوجات كتبت بلغة أدبية رفيعة تختلط فيها الفلسفة بالشعر
أرسل تعليقك