دبي - صوت الإمارات
تستعد هيئة دبي للثقافة والفنون لإطلاق فعاليتها المسرحية السنوية "مهرجان دبي لمسرح الشباب" في دورته الثامنة، وقد انتهت من الدورات التدريبية والورش التحضيرية التي تسبق المهرجان، وتعكف الفرق المسرحية على التدريبات الأولية للعروض التي ستسهم بها في المهرجان.
وستختار لجنة متخصصة في وقت لاحق العروض التي ستدخل المنافسة هذا العام، وأصبح المهرجان موعدًا سنويًا تنتظره الفرق للدفع بالطاقات الشبابية فيه حتى تختبر
إبداعاتها، وتستفيد من فرصة الظهور أمام الجمهور التي يتيحها المهرجان للشباب، وعلى مدى دوراته السبع الماضية استطاع هذا المهرجان أن يملأ فراغًا كبيرًا في الساحة المسرحية الوطنية، ويوجد جسرًا بين مهرجانات الأطفال والمدارس وبين مهرجان أيام الشارقة المسرحية الاحترافي، حيث كان التوجه للشباب هو الحلقة المفقودة في الفعاليات المسرحية الوطنية الإماراتية.
من منطلق توجهه للشباب عمل المهرجان على إطلاق الطاقات في مجالات المسرح جميعها، بدءًا بالتمثيل حيث ظهرت أسماء كثيرة لممثلين شباب اقتحموا الساحة الدرامية وأصبح لهم حضور، ليس فقط في المهرجان، بل وصل بعضهم إلى مهرجان أيام الشارقة، وإلى الدراما التلفزيونية، ومن هذه الأسماء إبراهيم استادي وعذاري وبدور وعبد الله بن حيدر وحسن يوسف وحميد فارس وعبد الله الرشدي ورشا العبيدي وأيمن الخديم وغيرهم من الذين أظهروا قدرات جيدة، ونالوا الجوائز الأولى في المهرجان عن أدوار متعددة ومتنوعة قدموها، سواء في مجال التمثيل الجاد أو الكوميديا.
وفي مجال الإخراج ظهر مروان عبد الله ومرتضى جمعة وحمد عبد الرزاق وعبد الله الرشدي وحمد الحمادي، الذين اقتحموا مجال الإخراج بعزيمة وحماس شبابي كان له أثر مهم في تقدمهم خلال دورات المهرجان فنالوا جوائز الإخراج المختفلة، وقدموا عروضًا مسرحية نالت إعجاب لجان التحكيم بما تسعى إليه من تكاملية وما تقدمه من رؤى إخراجية تلتصق بواقع حياة الشباب، وتجاذباتها المختلفة في عالم يزداد كل يوم انفتاحًا على الجديد.
وفي مجال التأليف المسرحي ظهر طلال محمود وحميد فارس وجاسم الخراز وغيرهم من الكتاب الذين تركوا بصمة في المهرجان، وأثبتوا أنَّ الشاب الإماراتي قادر مع قليل من التشجيع والتحدي أن يكتب وأن يقدم نصوصا أصيلة، لصيقة بواقع مجتمعه، تعبر عن الإشكاليات التي يعيشها، وآفاق الأحلام التي يهفو لها، وكان من الملامح الدالة في هذا أنَّ أغلب النصوص المقدمة خلال دورات المهرجان هي نصوص باللغة العربية الفصحى، ما يعني أنَّ هناك مواهب أدبية كثيرة وقابلة للتطور.
في مسألة اللغة كانت استراتيجية المهرجان منذ البداية أن يشجع العروض المكتوبة بالفصحى، وأن يدفع الكتاب الشباب إلى الكتابة بها، كي يروّج بين أهل المسرح استخدامها، وقد أدَّى هذا أيضًا بالممثلين الشباب إلى التعاطي بها، واستخدامها في الحوارات مما نتج عنه تقدم كبير وتطور مستمر في مستوى الحوار المسرحي على خشبة العرض في المهرجان، وتفاعل للفنانين والجمهور معه.
وهذا التشجيع يرمي إلى تأكيد الهوية القومية للمسرح والمسرحيين الإماراتيين، وتأهيل الفنانين للتعامل مع نصوص عربية غير إماراتية، كما يهدف إلى تزويدهم بأهم أداة ثقافية ألا وهي اللغة التي هي آلة القراءة والفهم، والتمكن منها تمكن من مفاتيح الثقافة المعاصرة، وقد خطت الهيئة في الدورة الأخيرة من المهرجان خطوة كبيرة في هذا المجال حين فرضت أن يكون نصف النصوص المسرحية المشاركة على الأقل بالفصحى.
وأصبحت العروض اللافتة في المهرجان تلقى الاهتمام خارجه، فيُعاد عرضها في مناسبات عدة، وقد درجت اللجنة المنظمة لأيام الشارقة المسرحية على استضافة عرض أو اثنين من عروض من مهرجان دبي للشباب، وكان عرض الدومينو لمروان عبد الله وتأليف طلال محمود هو أحد تلك العروض التي حظيت هذا العام باحتفاء كبير ليس في أيام الشارقة وحدها، لكنَّه أيضًا قدم على هامش مهرجان المسرح العربي الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح واحتضنته الشارقة في كانون الثاني/ يناير الماضي .
أرسل تعليقك