دبي – صوت الإمارات
من عالم الأساطير تأتي لوحات الفنان العراقي ستار كاووش، فهو يدخلنا من خلال معرضه الاخير "أناشيد شهرزاد" الذي افتتح في غاليري "لمياتوس" في أجواء حكايات ألف ليلة وليلة، حيث يرصد العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة، ويحيك عبر الألوان قصص الحب والعشق، بأسلوب يطغى عليه الفرح والرومانسية، فنجد لوحاته منسوجة كثوب مطرز يشع بالأمل والحياة. تحمل لوحات كاووش الكثير من الألوان، فتبدو كرنفالية النزعة، وعاكسة لثقافة خاصة ومتفردة تجمع بين جذور الشرق وتأثيرات الغرب.
ويقدم الفنان العراقي في معرضه، الذي يستمر حتى 31 الجاري، مجموعة من الأعمال يصل عددها الى 46 لوحة متعددة الأحجام، يستحضر من خلالها العلاقة بين المرأة والرجل، فيستدرجهما الى لوحاته بأساليب عديدة يهيمن عليها الحب. ويقدم الفنان الكثير من الاحتمالات لهذه العلاقة وانما في اطار رقيق، فغالبًا ما نجد الثنائي في اللوحة يتشاركان لحظات سعيدة، ثم لا يلبث أن يزيد من جرعة الفرح في اللوحات عبر الآلات الموسيقية التي تجعل الألوان تبدو كما لو أنها نغمات يتردد صداها في صالة المعرض.
ويفتح كاووش لوحاته على تعددية الاحتمالات، فالعلاقة بين الثنائي تطرق أبواب الغواية التي بدأت مع آدم وحواء، ويوجدها من خلال التفاحة التي تتساقط في أسفل اللوحة، واللافت في أعماله أن المرأة حاضرة على الدوام كحالة طاغية، فهي لا تغيب عن أي لوحة، ويجسد من خلالها نظرته الى الكائن الرقيق، ويضعها في خانة جمالية بحتة.
كرنفالية المنحى هي ألوان كاووش، وتحمل ألوان قوس قزح، فقد استعان الفنان بمجموعة محدودة أو أنها منتقاة بعناية في كل اللوحات، فركز على التركواز، والأزرق والأخضر الفاتح، وكذلك حضرت الألوان الزاهية كالزهري والأصفر. هذا المزيج نجده السمة الغالبة والمتكررة في كل اللوحات، الأمر الذي يجعل كل عمل منها يبدو كما لو أنه حلقة من سلسلة طويلة، أو أنه يضعنا أمام صياغة درامية في قالب لوني احتفالي ومبهج. هذا القالب اللوني يوقع الفنان في عملية تكرار يبدو أنها متعمدة في قولبة تكوينات خاصة في اللوحة، فنجد الشخوص وهم في حالة حركة، تقطعهم التكوينات البصرية المتداخلة، والانحناءات المتكررة.
ويجمع كاووش، المولود في العراق والمقيم في هولندا، بين الجذور العربية، وما اكتسبه من الثقافة الغربية في أعماله، فنجدها غنية ببعض التفاصيل الشبيهة بالزركشات التي تستمد أصولها من المنطقة، بينما تحضر بعض التفاصيل والملامح الغربية، ومنها القبعات التي على رؤوس نسائه. يتقن الفنان لعبة الجمع بين الثقافتين في سياق بصري متفرد وذي نزعة قريبة من العين، يستقبلها المتلقي بشكل بسيط وسهل. وتبدو الجذور العربية هي الأساس في لوحة كاووش، فمنها يستمد ألوانه، وكذلك الزخرفة والخطوط والتقاطعات والتفاصيل التي يضعها في اللوحة، فيما التأثير الغربي، يضيف الى النكهة العربية التي تحملها اللوحات الانسيابية الخطوط والمعالجة السطوح عبر الطبقات التي تنتج الشفافية في اللون.
أرسل تعليقك