أبوظبي – صوت الإمارات
أكد الكاتب الفلسطيني ربعي المدهون الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، هذا العام، عن روايته "مصائر.. كونشرتو الهولوكوست والنكبة"، إن فوزه بالجائزة قد يمكنه من أن يكف عن العمل الصحافي، وهو عمل مرهق بالنسبة لرجل في عمر الـ70 مثله، ليتفرغ للكتابة في الفترة المقبلة.
ورأى أن الفوز يعني أنه حقق الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه من الكتابة، أو أنه قطع الشوط الأطول في مشروعه الروائي الذي بدأ في روايته "السيدة من تل أبيب"، التي وصلت للقائمة القصيرة للبوكر 2010، وقدم فيها بانوراما للواقع في قطاع غزة تحت الاحتلال في الشهور الأخيرة منه، وكانت هذه الصورة كافية لأن تعطي مدلولات كبيرة عن ما يعانيه الفلسطينيون، حيث ذهبت إلى تفاصيل الواقع الفلسطيني بكل تناقضاته، خارجة عن الإطار التلفزيوني والإعلاني، وعندما انتهى من هذه الرواية أصبح طموحه هو أن يغطي ما تبقى من المسألة الفلسطينية، وكان همه أنه يعود إلى فلسطيني 48، الذين يمثلون أساس بقاء وصمود المشروع الفلسطيني، وهو ما قام به في رواية "مصائر".
ودعا المدهون الفلسطينيين في الداخل والشتات إلى الفرح والاحتفال؛ مضيفًا: "أشعر بفخر ان الرواية الفلسطينية تتقدم ولدينا أسماء كثيرة ومهمة. وكما سبق وقلت نحن فشلنا في أن نحقق دولة على الأرض دعونا نحقق دولة من الثقافة والإبداع"، موضحًا أن الرواية الفلسطينية التي ازدهرت وقامت على أكتاف ثلاثة من الكتاب العظماء، هم جبرا إبراهيم جبرا وغسان كنفاني وإميل حبيبي، ثم أمضت شوطًا من التردد والضعف، وبعد سنوات طويلة تمكنت من أن تنهض، إذ خرج الروائيون الذين عاشوا فترة الكفاح المسلح في لبنان من السياسة المباشرة وبدأوا يتجهون إلى العمق الإنساني للقضية الفلسطينية، ثم تجاوزوا هذا إلى الحداثة وما بعدها، وبدأوا يقفون على مصاف الرواية العربية.
وعن اختياره لناشر من الداخل الفلسطيني وهو دار "كل شيء" في حيفا، ذكر المدهون خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد عقب إعلان فوزه بالجائزة، مساء أول من امس، أن الأمر لم يكن مصادفة، لافتًا إلى أن وجود ناشر من الداخل مثل صالح العباسي كان بمثابة وجود نافذة على الواقع الفلسطيني هناك؛ معربًا عن رغبته في ربط حيفا ومدن الداخل بعالمها العربي، وتتصل بالواقع المحيط بها. وأضاف: "حيفا تحتفل اليوم بهذا الفوز، وعندما نعود سيكون هناك احتفال بإقامة مهرجان ضخم في وسط المدينة ليفرح الجميع".
وذكر ربعي المدهون أنه يتوجه في كتاباته إلى القارئ الفلسطيني ثم القارئ العربي، ومن بعدهما القارئ الأجنبي إذا كانت هناك فرصة لوصول كتاباته إليه، مشيرًا إلى أنه لا يبحث عن العالمية، وكل ما يسعى إليه هو أن يجسد الواقع الفلسطيني في أعماله، وقتها يمكن للعمل الجيد أن يفرض نفسه وأن يصل إلى العالمية.
وأشارت رئيسة لجنة تحكيم الجائزة، الدكتورة أمينة ذيبان، إلى أن من أهم شروط نجاح العمل الأدبي هو أن يعكس ما يحدث في الواقع، فالكاتب وليد بيئته.
ووصفت تجربتها في لجنة التحكيم بالصعبة، ولكن لديها استعداد أن تخوض التجربة ذاتها مرة ثانية، وإعادة ما مرت به خلالها من تطورات بداية من الاشتغال على الكتب المرشحة، ومرجعية القراءة، واكتشاف أسماء جديدة، معتبرة أن الرواية كفن أدبي بمثابة ذاكرة، فهي تؤرخ للمرحلة الحالية.
في حين شدد رئيس مجلس أمناء الجائزة، ياسر سليمان، على حرص المجلس على تنوع اتجاهات وخبرات أعضاء لجنة تحكيم الجائزة، موضحًا أن الجائزة لا تتوجه إلى نقاد في مختبراتهم، ولكن لقراء الرواية الذين يزداد عددهم باستمرار في كل أنحاء الوطن العربي.
ونفى سيلمان أن الجائزة تضع شروطًا على مشاركة الروائيين في لجنة التحكيم، لافتًا إلى أن هناك روائيين شاركوا في لجان تحكيم في دورات ماضية، وقد يكون ضمن اللجنة العام المقبل روائي أو أكثر، وقد لا يكون.
وفي تعليقه على رواية "مصائر"، أشار عضو لجنة التحكيم، الكاتب عبده وازن، إلى انها تمثل إضافة فنية نوعية للرواية العربية، إذ اعتمدت أسلوبًا ساحرًا ولغة مخصوصة، ربما ليست لغة الفصاحة، ولكنها لغة الرواية التي تعبر عن التعدد في الشخصيات والهويات.
أرسل تعليقك