الأقصر – محمد العديسي
الأقصر – محمد العديسي
برغم حالة الإهمال والعشوائية الذي تعاني منه القرى في الأقصر, وتدني الخدمات التي تنوعت ما بين انقطاع متكرر للكهرباء وعدم وصول مياه الشرب للكثير من هذه القرى، وعدم وجود صرف صحي وعدم وجود مستشفيات أدمية , إلا أن الأثريين والمثقفين بالأقصر لم يكن يتخيلون أن يصل الإهمال إلى احد أهم القلاع المعمارية
والتراثية في العالم وهى " قرية حسن فتحي " في منطقة القرنة الأثرية غرب الأقصر . المهندس حسن فتحي الذي قال في حديث اذاعي إن" فقراء العالم الثالث محكوم عليهم بالإعدام بسبب سوء السكن هؤلاء هم زبائني " . و لكن على ما يبدو أن مهندس السعادة كما أطلق عليه سكان قرية دار السلام ب"مكسيكو سيتي" لم تكن لديه القدرة على أن يختار زبائنه , وذلك بعد أن قام سكان القرية التي صممها واشرف على بنائها في منتصف القرن الماضي بإزالة معالمها , واستبدال الخامات المحلية والطبيعية بالقرية التراثية بمواد بناء تقليدية حيث أقاموا العمارات الخراسانية الضخمة ذات الشكل القبيح , بمساعدة من المسؤولين بالمحليات الذين أعطوا الأهالي الحق في البناء على المساحات الفارغة أمام المنازل , والتي صممها حسن فتحي لخلق لمسة جمالية لهذه المنازل ومتنفس للسكان ,وهو الأمر الذي جعل بعض المناطق تتحول إلى عشوائيات وصارت البيوت التراثية تجاور العمارات الخراسانية دون مراعاة للجماليات والنسق العام للقرية . القرية التي شيدت لإيواء المهجرين من أبناء منطقة القرنة الأثرية الذين كانوا يعيشون فوق المقابر الفرعونية والتي كانت تضم 90 منزلا , أصبحت عنوانا كبيرا للإهمال والفساد حيث لم يتبقَ من معالمها الأصلية سوى 15 % بعد أن تآكلت جدران المنازل وتشققت أسقفها ومالت حوائطها وتغيرت معالمها ونال منها الإهمال وتحولت إلى عشش لتربية الماشية والدواجن , نفس الأمر ينطبق على قصر الثقافة الذي كان قبلة للمثقفين بالمحافظة , و حتى مسجد القرية لم يسلم من هذا العبث وتحول لفترة كبيرة إلى مقر إداري تابع لوزارة الأوقاف حتى نجح بعض الأثريين في إقناع مديرية الأوقاف بإيجاد موقع بديل إلا أن المسجد معرض للانهيار بعد الحالة السيئة التي وصل إليها , بسبب ظهور الشقوق والشروخ الضخمة فى الجدران خاصة فى الجانب الشرقي والجنوبي , أما سوق القرية الذي كان تحفة معمارية غاية فى الجمال والروعة فأصبح ورشة لصيانة السيارات التابعة للمحافظة . ويناشد احمد الجمل – مخرج مسرحي واحد أبناء القرية وزارة الثقافة ومنظمة اليونيسكو بتنفيذ مشروع " إحياء قرية حسن فتحي" المتوقف منذ عامين بدون أسباب ويضيف الجمل أن فرانسيسكو بندارين رئيس مركز التراث العالمي ونائب رئيس منظمة اليونيسكو زار القرية بصحبة 40 عالما وخبيرا ً دولياً في مجال العمارة وتم إجراء مسح الشامل وتشكيل ثلاث لجان لحفظ وحماية ما تبقى من القرية، إلا أن المشروع ذهب أدراج الرياح وأصبحت ما تبقى من القرية مهدداً بالانهيار على رؤوس السكان . ويؤكد احمد محمد على – طالب جامعي انه على عكس الشائع، فان سكان القرية يتمنون عودة القرية إلى سابق عهدها، وإنهم لجأوا إلى هدم منازل حسن فتحي وبناء مبانٍ خراسانية بعد أن تآكلت جدران المنازل وسقط بعدها على رؤوس ساكنيها, وذلك بسبب استخدام المهندس حسن فتحي لحجر جيري في البناء لا يصلح في ارض تختزن مياهاً جوفية حيث تسبب هذا الأمر في تأكل الجدران وأصابت هذه الأحجار بالأملاح .
أرسل تعليقك