بيروت ـ سليم ياغي
بدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى المؤلفة الموسيقية هبة القواس، أقام الكونسرفتوار الوطني حفلاً موسيقياً لـ الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية بقيادة المايسترو غارو أفيسيان وعزف آرون ريباس على آلة الأرغن، في كاتدرائية القديس لويس للآباء الكبوشيين– وسط بيروت، وذلك ضمن "مهرجان الأرغن في لبنان، الأسبوع اللبناني لآلة الأرغن" في نسخته التاسعة (The 9th Lebanese Pipe Organ Week)، بالتعاون مع السفارة الإسبانية في لبنان، وجامعة سيدة اللويزة، ومهرجان الأرغن في الأراضي المقدسة، والأسبوع اللبناني لآلة الأرغن.
حضر الاحتفال سفيرا إسبانيا خيسوس سانتوس أغوادو، وأوستراليا أندرو بارنز، وسفيرة منظمة فرسان مالطا المعتمدة في لبنان ماريا كورتيزي، والسكرتير الأول في السفارة البابوية المونسينيور Giuseppe Bichieri، وممثلة وزير الثقافة أمينة بري، وممثل مهرجان الأرغن في الأراضي المقدسةRiccardo Ceriani ، ومديرة مكتب اليونيسكو الإقليمي في بيروت كونستانزا فارينا، والوزيران السابقان محمد المشنوق وطارق متري وشخصيات دبلوماسية وسياسية ودينية وثقافية وإعلامية وحشد من جمهور الموسيقى الكلاسيكية.
افتتح الأمسية رئيس دير وكاتدرائية القديس لويس للآباء الكبوشيين الأب إيلي رحمة مرحباً بالحضور باسم الرئيس الإقليمي للرهبنة الكبوشية الأب عبدالله النفيلي، "الكاتدرائية التي تخدم الكنيسة اللاتينية في لبنان وعلى رأسها سيادة المطران سيزار أسايان، النائب الرسولي للاتين في لبنان". وأضاف رحمة: "بعد حرب العام 1975 الأرغن الذي كان في الكنيسة سُرق، ومنذ ذلك الحين والكنيسة من دون أرغن كنسي كبير. ولكن بفضل الخيرين والأيادي البيضاء، أصبحت لدينا هذه الآلة منذ سنة". وشكر رحمة من ساهم في هذا العمل وهم: مؤسسة Jean-louis Mainguit ومؤسسة نبيل كتانة وال Ordre de Malte. وشكر منظمي الحفل الموسيقي وعلى رأسهم رئيسة الكونسرفتوار الوطني والجهات التي تعاونت مع المعهد للإقامة هذا الحفل.
تحدث بعده مؤسس "الأسبوع اللبناني لآلة الأرغن" وأستاذ الموسيقى في الكونسرفتوار ومدير الجوقة ومدرسة الموسيقى في جامعة سيدة اللويزة الأب خليل رحمة، مرحباً وشاكراً الكونسرفتوار وجميع من ساهم في إنجاح الأمسية، شارحاً عن أهمية الآلة ومهرجان الأرغن في لبنان وأهدافه، وضرورة تنظيمه وأهدافه الموسيقية.
وكانت كلمة لرئيسة الكونسرفتوار هبة القواس جاء فيها:" الليلة تختلف عن حفلاتنا الأسبوعية، لأن فيها الكثير من الخصوصية، ولأنها خاصة بهذه الآلة الفريدة وللأسبوع اللبناني التاسع لآلة الأورغن الذي يضم كل هذه الوجوه التي تحرص على الاحتفاء بالآلة كما يليق بها، والتي تحرص ايضاً على الموسيقى في لبنان ونحن نعتز بكم وبكل هذه الجهود. الأرغن آلة خاصة جداً ونادرة جداً في لبنان، وآن الأوان لأن ندعم هذه الآلة ويصبح لديها عازفون وأصدقاء، ونحن كمؤسسة موسيقية وطنية يسعدنا أن نحتفي بها بالتعاون معكم، لأنها إحدى الآلات التاريخية العريقة، ولأننا حريصون على الثقافة الموسيقية وهذا هو دورنا، وهذه هي رسالتنا التي نكمل بها رغم كل الظروف المحيطة بنا، إلا أننا عقدنا العزم أن نكمل إلى ما لا نهاية في الحفاظ على هويتنا الثقافية، والموسيقى والكونسرفتوار يمثلان هذه الهوية..."
وقبل دخول المايسترو لقيادة الأوركسترا، صدح من الطابق العلوي للكاتدرائية الصوت الشجي لآلة الأرغن، التي اتخذت مكانها في الشرفة الداخلية للكنيسة وهي تطل على المذبح والحضور، فيزيدها مكانها وقاراً، فضلاً عن جو الخشوع الذي تضفيه هذه الآلة الموسيقية الضخمة جداً التي تتصدر المذابح الإلهية في الكنائس والمعتمدة حالياً في الموسيقى الكنسية. وهي تتمتع بمناخ موسيقي راقٍ وعميق تبثه أنغامها الخاصة وصوتها الفريد. بالإضافة إلى عظمة هذه الموسيقى والتي تضاهي في ضخامتها، وتعدد ألحانها ونغماتها وإيقاعاتها، جمال الزخارف والنقوش التي تزين بها شكلها الخارجي. بالإضافة إلى عراقتها التاريخية الضاربة في القدم، بحيث يكون من الصّـعب تحديد تاريخ اختِـراع الأرغن ومخترعه، إلا أن أول ذكر لهذه الآلة يعود لعام 250 قبل الميلاد، وأن كتيسيبيوس اليوناني، مهندس من سكان الإسكندرية، هو أول من صنع الأرغن.
العازف الإسباني آرون ريباس، كان سيد الأرغن في الأمسية، وهو العازف المتمرس بالآلة ومن أمهر عازفيها المتمكنين من صعوبة عزفها ودقتها وفرادتها. استطاع أن يجذب الأسماع والأبصار إلى عزفه الآتي من الأعلى حيث تتربع هذه الآلة المبهرة، وكأنها صوت رقراق من السماء ينثر أنغامه على جمهور الكنيسة، أو كأنه قطرات من المطر تنعش الروح المتعطشة إلى الجمال والسحر الموسيقي.
وأكملت سطو حضور الآلة، قيادة المايسترو غارو أفيسيان للأوركسترا الفلهارمونية المتربعة على عرش الموسيقى الكلاسيكية اللبنانية بما تؤديه من أناقة ومهارة في العزف، وعلى رأسها قائد محترف يتقن أدوات اللعبة العزفية والتوزيع والإدارة. فحفلت أمسية الأرغن الفريدة بأرقّ وأرقى السيمفونيات لباخ Bach (Prelude and Fugue in C Major) وC.Debussy (Suite Bergamasque, Claire de Lune) ، M.Migo (Toccata Iberica) ،Strauss (Die Fledermaus Overture) ،Mozart (Symphony No. 35) وWider (Symphony for Pipe Organ and Orchestra op. 42). بحيث حملت الحضور إلى أقاصي المتعة الموسيقية والروحية.
قد يهمك أيضــــاً:
أرسل تعليقك