استدعى المؤتمر السنوي السادس لندوة الثقافة والعلوم، الذي عُقد على مدار خمس ساعات متتالية، الأربعاء، إلى مائدة نقاشية موسعة، العديد من ممثلي مؤسسات الثقافية في الدولة، لمناقشة تحديات وطموحات مرتبطة بفعل "القراءة" تحت عنوان "الإمارات تقرأ" المستند إلى مبادرة عام القراءة، وصاحَبَ المؤتمر معرض كتب لإصدارات عدد من المؤسسات.
وأوضح رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي أن هناك حالة من الإجماع، ليس بين أعضاء مجلس إدارة الندوة فقط، بل بين المثقفين والمبدعين عمومًا، على أن "القراءة" هي موضوع "الساعة" في الإمارات الآن، مضيفًا: "لكن القضية الأساسية يجب أن تكون: كيف تتحول القراءة إلى موضوع كل ساعة وكل وقت، لتتحول إلى فعل وواقع دائم وليس إلى ظاهرة". وأكد أن الندوة سعت، من خلال تنظيم المؤتمر، إلى مناقشة التحديات والوقوف على جملة من الأهداف والطموحات المشتركة، التي ينظم عقدها مبادرة عام القراءة، وحقيقة أن المعرفة والاطلاع والثقافة، هي عماد أي تنوير ونهضة حضارية راسخة.
وقدم السويدي، في أولى جلسات المؤتمر، الأديب محمد المر، الذي تطرق عبر ندوة "نحو مجتمع قارئ.. رؤى مستقبلية" إلى أسس ودعائم هذا المجتمع، معتبرًا البيت هو الدعامة الأولى لتنشئة جيل قارئ، من خلال العديد من الوسائل المادية التحفيزية، والتثقيفية.
وتوقف عند دور المدرسة باعتبارها الدعامة الثانية لترسيخ ثقافة القراءة في المجتمع عمومًا.
وعقد بعض المقارنات بين كتب تتكئ على مناهج أجنبية، وأخرى عربية، لافتًا إلى الاهتمام الكبير بالشكل والمضمون في الأولى، وافتقار ذلك في الثانية، وهو الأمر الذي شدد على ضرورة تعديله.
وتابع: "المنهج التعليمي يجب أن يرتقي بجماليات القراءة، من دون الوقوف عند أساسياتها فقط، كما يجب تفعيل حصص المكتبة والقراءة، على نحو يصب في مصلحة دعم ثقافة القراءة، وتحبيب الطالب في المطالعة باعتبارها فعلًا ترفيهيًا أيضًا".
وذكر "هناك ميزانيات يجب أن تخصص لشراء الكتب لإثراء المكتبات المدرسية دومًا، وتدريب المعلمين، فضلًا عن توفيرهم، كي لا تكون حصص المكتبات عبئًا إضافيًا بالنسبة للمدرس، وغير ذلك من التفاصيل التي ترتبط بوجود استراتيجية متكاملة تدعم القراءة في المدارس"، وشدد على ضرورة تهيئة البنية التحتية الملائمة لترسيخ ثقافة القراءة في المجتمع.
ووصف الأديب، محمد المر، دور الإعلام في تبني ثقافة القراءة مجتمعيًا بـ"المحوري"، موضحًا أنه "من دون قيام الإعلام بدوره، فليس من الممكن تحقيق أي نجاح في مختلف الخطط مهما توافرت لها مقومات أخرى"، مستشهدًا ببعض النماذج التي حققت فيها الكتب مبيعات مضاعفة، بعد أن تمت مناقشتها في وسائل الإعلام المختلفة. وشدد على ضرورة أن تكون هناك استراتيجية وطنية واضحة، وتوفير ميزانية مخصصة لها، ومتابعة تنفيذها في الوقت نفسه. كما تطرق إلى دائرة أدب الأطفال خصوصًا، مثمنًا الجهود المهمة التي تقوم بها بعض المؤسسات في هذا الإطار، مثل مشروع "كلمة" الذي قام بترجمة مئات الكتب الثرية للأطفال، لكنه أشار إلى أن هناك حاجة ماسة للترويج لهذه النتاجات الثقافية وأهميتها في وسائل الإعلام المختلفة. تحدث المستشار في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، الدكتور حبيب غلوم، ممثلًا عن الوزارة في المؤتمر، في مستهل المحور الثاني: "المؤسسات الثقافية وتعزيز ثقافة القراءة"، في جلسة أدارها الأديب علي عبيد الهاملي.
وتساءل غلوم: "الإمارات تقرأ"، هل هي عبارة تشير إلى هدف أم أمنية؟ مشيرًا إلى أنها مادامت هدفًا واضحًا فإننا جميعًا مطالبون بدور أكبر مما هو قائم الآن، سواء بالنسبة للوزارة أو مختلف المؤسسات المحلية المعنية بالثقافة. ورأى أن هناك حاجة لخلق همزة وصل بين مختلف الأجيال من جهة، وجيل الشباب من جهة أخرى.
وأكد الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، الدكتور علي بن تميم، الدور الرائد الذي لعبته الجائزة في تفعيل ثقافة القراءة منذ تأسيسها قبل نحو 10 أعوام. وأشار إلى أن الاهتمام بالثقافة فعل جوهري في الإمارات، لكن التحدي كان يرتبط وقت تأسيس الجائزة، هو كيف يكون ذلك جوهريًا أيضًا داخل المؤسسات المختلفة، وهو التحدي الذي صاحبه إطلاق العديد من المبادرات تحت مظلة الجائزة. وذكر أن القراءة المطلوبة التي يجب التشجيع عليها في هذه المرحلة هي القراءة المعززة للهوية، وهو ما يستدعي تحفيز الأطفال والشرائح العمرية الصغيرة على القراءة. ومن جائزة الشيخ زايد للكتاب، تحدث أيضًا الباحث والكاتب سعيد حمدان، الذي استهل ورقته بعرض فيلم قصير عن الجائزة، استحضر بعض مقولات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وطرح سؤالًا قام بالإجابة عنه، وهو عدم فوز مؤلف إماراتي بالجائزة حتى الآن، لافتًا إلى أن هناك مشاركات متواترة من الكتاب الإماراتيين وصلت في إحدى الدورات إلى 90 مشاركة، في حين بلغت 50 مشاركة في الدورة الماضية، وأضاف "الموضوعية والشفافية هما عنوان للجائزة التي تحكمها شروط وقواعد وأسس، وهي جائزة دولية يبقى الفوز فيها للأفضل وفق الشروط الموضوعة".
واستبق سالم عمر سالم، ممثلًا عن هيئة الشارقة للكتاب، حديثه في المؤتمر بعرض فيلم عن أهم إنجازات الهيئة، مشيرًا إلى أنه لا أحد كان يتوقع، عندما انطلقت الدورة الأولى لمعرض الشارقة للكتاب، الذي بدأ حلمًا فتحول إلى حقيقة بإمكانات بسيطة وحضور متواضع عددًا، أن تكون ثمة دورة ثانية له، في حين أن الجميع فوجئ بمعرض ثانٍ للكتاب في العام نفسه، قبل أن نصل للدورة رقم 34 العام الماضي. وأكد سالم أن الهيئة أطلقت مبادرات مختلقة، لمصلحة الناشر والمؤلف والقارئ في آن واحد.
أرسل تعليقك