كشف وزير "الشباب" والثقافة وتنمية المجتمع الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، أنّ الابتكار جزء أساسي في مسيرة دولة الإمارات الرائدة التي ترى فيه أداة مهمة لرفع الإنتاجية، والتعامل الناجح مع مختلف التغيرات المتلاحقة في المنطقة والعالم
مُضيفًا أنّ الدولة تحرص على تشجيع الابتكار لتجسيد النظرة الواثقة إلى المستقبل، وأنّ الاستثمار في هذا النهج هو استثمار ناجح، وأنّ التفكير المبدع والخلّاق يجب أن يكون منهجًا رائدًا يمس جميع أوجه الحياة في المجتمع.
وبيّن أنّ الإمارات ترى بوضوح أنّ القدرة على الابتكار النافع والمفيد لدى جميع السكان ومؤسسات المجتمع هي تعبير عن نجاح مسيرة الوطن، والإيمان بما ينتظره من مستقبل زاهر، مؤكدًا أنّ الدولة كذلك على قناعة بأنّ الأفكار الرائدة التي تتحوّل على أرض الواقع إلى ممارسات ناجحة ومشروعات منتجة، هي جزء أساسي من سعيها إلى تحقيق الجودة في جميع مناحي الحياة، في وقت أشار فيه إلى أنّ لدى الدولة كذلك القدرة على تحديد مجالات الإبداع والابتكار التي ترتبط بالنمو الاقتصادي والاجتماعي، بالاستفادة من فرص بناء اقتصاد المعرفة، وتقوية مؤسسات المجتمع العامة والخاصة.
جاء ذلك خلال كلمة معاليه في افتتاح الدورة الرابعة لمؤتمر وجائزة أفكار الإمارات التي نظمتها مجموعة دبي للبيئة الخميس، تحت رعاية رئيس دائرة الطيران المدني في دبي، ورئيس مجموعة طيران الإمارات والراعي الفخري للمجموعة أحمد بن سعيد آل مكتوم، بهدف تعزيز الأفكار الوطنية المبدعة من قبل المخترعين الإماراتيين، وتجسيد معاني الإبداع والابتكار بما يتماشى مع رؤية نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نحو تخصيص أسبوع إماراتي إلى هذا النهج، حتى يكون وجهة رائدة ومنصة واسعة للإبداع والمبدعين من أبناء الدولة، وكذا من أجل تكريم أصحاب العقول الإبداعية المواطنة من خلال جائزة أفكار الإمارات.
وكشف وزير "الثقافة" والشباب وتنمية المجتمع في كلمته الافتتاحية، أنه لمن دواعي اعتزازه وافتخاره أنّ دولة الإمارات، في ظلّ القيادة الحكيمة لوالد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وبفضل الجهود المستنيرة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانه أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للإتحاد حكام الإمارات.
وكذلك بفضل الرؤية الثاقبة والعمل المتواصل لولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هي دولة يتفق فيها الجميع على أهمية الابتكار، والتشجيع عليه، وتوفير المناخ الملائم إلى دعمه، والإصرار على النجاح فيه، بل أن تكون هذه الدولة دائمًا، بعون الله، دولةً جاذبة، إلى كافة المواهب والأفكار الناهضة والمتطوّرة، على مستوى المنطقة والعالم.
كما أوضح أنّ الابتكار والإبداع هما السبيل إلى الارتقاء بالجودة وتحقيق التطوير الدائم نحو الأفضل، سواء في ذلك تحسين جودة الحياة وتأكيد الاعتزاز بالهوية الوطنية، أو الانتقال بالاقتصاد الوطني إلى اقتصاد متنوع، يقوم على المعرفة ويوفر فرص عمل جديدة للمواطنين، لتكون الإمارات موطنًا ناجحًا لريادة الأعمال، وإنشاء الشركات الجديدة المتنوعة، مع تأكيد أهمية الاعتماد على البحوث والدراسات ومؤشّرات الأداء.
وأوضح أنه إذا كان تحقيق التميز والفاعلية في جهود الابتكار في الدولة هو الهدف الوطني المهم الذي يجتمع حوله هذا المؤتمر، فإنه يودّ أن يقترح عليهم أن يقوموا دائمًا بمتابعة مدى تحقق هذا الهدف، ورصد أبعاده وإنجازاته بصورة دورية، بحيث يكون هذا المؤتمر، في دوراته المتواصلة، سلسلة ممتدة تسهم في تعريف المجتمع بجميع جوانب أنشطة الابتكار فيه، خصوصًا في ما يتعلق بمعايير الجودة والتميز في أنشطة الابتكار، وأوْجه المقارنة بيْنها، وبين المعايير والمستويات العالمية في هذا المجال، بل تحديد مجالات وقطاعات الابتكار أيضًا، ومتابعة أهميته في مسيرة الاقتصاد الوطنيّ.
وأردف قائلًا في هذا السياق، "يصحب ذلك التأكد من مدى توافر العلاقات والشّراكات، سواء داخل الدولة أو خارجها، وخصوصًا تلك التي تكفل أنْ تكون أنشطة الابتكار في الدولة على مستوىً رفيع من الكفاءة والفاعلية، كجزء مهم من البيئة الداعمة إلى الابتكار التي تشمل أيضًا توفير الموارد ووسائل المساندة المجتمعية، بل كذلك إتاحة الفرص أمام الشباب، وتدريبهم على الابتكار، وتعريفهم بالنماذج الناجحة في هذا المجال، لا سيما أنّ الشباب في هذا الوطن لديْهم طموحات واسعة، وقدرات فائقة على الابتكار، إلى جانب رغبتهم الأكيدة في الريادة والمبادرة، والعزم القوي على الأداء والإنجاز، على أعلى المستويات، وهم كذلك مدركون تمامًا مكانة المعارف والتقنيات الحديثة بوصفها عاملًا مُهمًّا للتغيير نحْو الأفضل، وكذلك قوة إيجابية في حياة الفرد والمجتمع على السواء".
وكرم وزير "الثقافة" والشباب وتنمية المجتمع معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، الرعاة الرئيسين للمؤتمر، وهم جمارك دبي، ومواصلات الإمارات، وبلدية دبي، ودائرة الأراضي والأملاك، وهيئة كهرباء ومياه دبي، وكذا الشركاء الذهبيين، وهم بلدية دبي، والإمارات العالمية للألمنيوم، والمتحدثين والمخترعين.
كما أشار إلى مبادرة ثانية ستبدأ فيها الوزارة بإتخاذ إجراءات تعمل على تشجيع فئات المجتمع على إطلاق كلّ طاقات الابتكار باللغة العربية التي ستكون ذاتها مجالًا للإبداع والابتكار، والتعامل بذكاء وحكمة مع كل التحديات التي تواجهها هذه اللغة الخالدة في هذا العصر، موضحاً أنّ المبادرة الثالثة هي تنظيم برامج تدريبية للشباب تشجعهم في المقام الأول على الابتكار والإبداع.
وتوفر لهم سبل التوجيه والاستشارات، وغير ذلك من وسائل الدعم والمساندة، بما يجعلهم قوةً دافعة تسهم في مواجهة تحديات البطالة والتّطرف، ونشْر ثقافة العمل المنتج، والحرص على تطوير الذات، والاعتماد على التقنيات الحديثة على أوسع نطاق.
كما تطرق إلى مبادرة رابعة تعتمد على تحليل البيانات الضخمة كأداة مبتكرة للتنمية الثقافية والشبابية، وهو مجال جديد ومهم للابتكار على مستوى العالم، على أن تكون له إسهامات مدروسة، مؤكدًا أنّ الابتكار المفيد والاستخدام الواعي لمعْطيات هذا العصر هما خصائص إيجابية للمجتمع الناجح، وعلامة بارزة على نجاح جهود التنمية البشرية في الدولة، من أجل أنْ تظل الإمارات الدولة الناجحة والرائدة في هذا المضمار.
وأجمع المتحدثون في المؤتمر على أنّ الإبداع بات من الضروري بمكانٍ لفتح المجال أمام الأفكار المضيئة وجعل الإبداع ركيزة للاستدامة والتطور، فضلًا عن النوعية في الإنتاج، حيثُ لفت نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة "دبي" للجودة الدكتور عبد الرحمن المعيني، إلى أنهم يسعون من خلال مؤتمر وجائزة أفكار الإمارات في دورته الرابعة لهذا العام إلى إيجاد أفضل الحلول للارتقاء بمستويات جودة الخدمة إلى أعلى معدلاتها، لتطابق المعايير العالمية، والعمل على إسعاد العملاء بشكل عام والمواطن الإماراتي بشكل خاص.
وأشاد بأهمية تعزيز اللغة العربية والهوية الإماراتية، لافتًا إلى أنّ مؤتمر الأفكار الإماراتية يحرص على أن تضمن فئات الجوائز على سبيل المثال أفضل إبداع في مجال تعزيز اللغة العربية، حرصًا من المجموعة على الحفاظ على هويتهم العربية، وكذلك جائزة أفضل إبداع في مجال تعزيز الهوية الوطنية، وجائزة أفضل إبداع في مجال تفعيل وتمكين المواطنين، وجائزة أفضل إبداع في مجال تسويق وتمثيل دولة الإمارات خارج الدولة وغيرها من الجوائز العديدة.
وأضاف المعيني قائلًا "كما نحرص على دور وأهمية الإبداع في رفعة واستدامة قطاع الخدمات في الدولة، والكيفية التي يمكن من خلالها استثمار الفكر الإيجابي في العمل".
وبدورها، بيّنت رئيسة مجموعة الأفكار العربية فريال توكل أنه تطبيقًا إلى مبادرة نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتخصيص أسبوع الإمارات للابتكار في شهر نوفمبر "تشرين الثاني" الجاري، يعقدون جائزة "أفكار الإمارات" للعام الرابع على التوالي، باعتبارهم سباقين في دعم الفكر الإبداعي للكوادر الإماراتية والعربية، مُشيرةً إلى زيادة نسبة المشاركات في الجائزة لهذا العام، وهي دلالة على مدى ثقة المشاركين فيها، وهو ما يعد أكبر دليل على ترسيخ ثقافة الإبداع لدى جميع المواطنين والمقيمين على أرض الدولة.
واستضاف المؤتمر، مجموعة من المختصين والمخترعين الذين تحدثوا عن الابتكار وطرائق ممارسته، واستعرضوا تجاربهم التي خاضوها حتى وصلوا إلى هذه المستويات، كما ناقش خلال جلساته موضوعات عن الإبداع والتجديد، وكيفية تقديم الخدمات بصورة مبتكرة وفاعلة إلى مُستخدميها، وسبل الوصول إلى التميز وأعلى درجات الجودة في خدمة المجتمع وقطاعاته المختلفة التي تتسم بالتنافسية، وبتسارع تقديم الخدمات المتميزة.
وضمت قائمة المُتحدثين، كلًا من رئيس جامعة دبي رئيس نادي الإمارات العلمي الدكتور عيسى البستكي، الذي استعرض ورقة عمل بعنوان "نحو مدن ذكية مستدامة"، ورئيس الاستراتيجية والتميز في هيئة المعرفة والتنمية البشرية الدكتور وافي داود، الذي تحدث عن "السعادة والابتكار" وركائز تحقيقها، إلى جانب الخطوات التي يجب أن يتبعها الأفراد في الوصول إلى الابتكار.
وأوضح رئيس جامعة دبي، ورئيس نادي الإمارات العلمي الدكتور عيسى البستكي، في ورقة عمل له في المؤتمر أنّ "المدن المستدامة تحتاج إلى عوامل وركائز من بينها القيادة والابتكار، والمنظومة الحيوية لمجتمع المعرفة التي تتطلب جودة تعليم، وبحثًا وتطويرًا، وحاضنات التكنولوجيا، إضافةً إلى ركيزة البنية التحتية التكنولوجية، والتوجهات المستقبلية.
ولفت البستكي إلى أنّ الدولة توفر دعمًا كبيرًا للابتكار، وأنّ ثمة نواقص في عملية الإبداع، من أبرزها عدم وجود بحث علمي يقوم على المنهج التجاري والتسويقي للمخترعات والابتكارات بصفة توصلهم إلى الاستدامة، مُشيرًا إلى أنّ جائزتي الطائرة دون طيار والروبوت للخدمات الإنسانية هما الدرجة الأولى على سلم الإبداعات التجارية.
وكشفت أنّ الإمارات ركبت موجة الإبداع التجاري، وسلكت الطريق نحو التنمية المستدامة والمدن الذكية، بعد توفير الدعم المادي والمعنوي والبيئات الحاضنة ومراكز التدريب في الجامعات للمبتكرين، مُشيرًا إلى أنّ تطبيق عناصر الابتكار التجاري والمدن الذكية يحتاج إلى 10 أعوام.
كما كشف رئيس جامعة دبي عن مبادرة لاعتماد مساقات خاصة في الابتكار وريادة الأعمال في الجامعات، وتدريب المدرسين فيها على هذه المساقات والبرامج، بالتعاون مع جامعة ستانفورد الأميركية، مُرجحًا أنّ تصبح تلك المساقات تخصصات منفردة في غضون خمسة أعوام.
من جانبه، تحدّث رئيس الاستراتيجية والتميز في هيئة المعرفة والتنمية البشرية الدكتور وافي داوود، عن السعادة والابتكار، مُستحضرًا تجربة الهيئة في صناعة السعادة والرضا لدى الموظفين والمتعاملين، وقدّم شرحًا عن طريقة العمل والتوظيف في الهيئة، وكيفية تحفيز الموظفين، وتوفير البيئة الحاضنة للتميز والابتكار.
كما استعرض المخترع الإماراتي أحمد عبد الله، مجان قصة دخوله إلى عالم الاختراع التي بدأت من ابتكارات والديه وورشته البسيطة التي أنتجت العديد من الابتكارات، حيثُ كان يتأملها ويتعمق في أسرارها منذ نعومة أظفاره، وهو ما أشعل شغفه لخوض غمار هذه التجارب التي وجد فيها نفسه يوماً بعد آخر.
واستطاع على إثرها أن يغير في تقنية ألعاب الطفولة وطرائق عملها، ومع مرور الوقت توسعت مداركه، وأصبحت تستجيب إلى طموحاته، فتمكن من تقديم ابتكارات ملموسة، وإنجازات متتالية، سواء كانت في حياته الشخصية أم في مجال وظيفته التي حصد من خلالها ميداليات وجوائز عديدة.
وأضاف مجان أنه بعد (43 عامًا) من الابتكارات والإنجازات يؤكد أنّ كل إنسان مبتكر، ويستطيع أن يُقدم اختراعات عديدة، ولكن بشرط أن لا يستسلم إلى التحديات وجمل الإحباط التي قد تعترض طريقه، مُشيرًا إلى أنّ الدعم والحرص اللذين تقدمهما القيادة الرشيدة هما فرصة ذهبية أمام المبتكرين.
أرسل تعليقك