منازل بني مزاب في غرادية الجزائريّة تتسم بالطابع الإسلامي التاريخي
آخر تحديث 22:58:45 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

تحدد مبانيها ومعالمها الهويّة العمرانيّة وتعكس المساواة الإنسانيّة

منازل بني مزاب في غرادية الجزائريّة تتسم بالطابع الإسلامي التاريخي

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - منازل بني مزاب في غرادية الجزائريّة تتسم بالطابع الإسلامي التاريخي

بني مزار
الجزائر ـ إيمان بن نعجة

تختلف مدينة غرادية عن جميع المدن الجزائرية. إذ تعدّ جزءًا من التراث العالمي، وموقعًا سياحيًا ذو أهمية كبرى في الجزائر، لهندستها المعمارية الفريدة، ما تحمله من طابع تاريخي.

وتضمّ غرادية سبعة قصور، حملت تسميات عربية وبربرية، هي "العطف" أو "تجنينت" ، "بنورة" أو "أث بنّور"، "وسط غرداية" أو "تغردايت"، و"بني يزقن" أو "أث ييزجن"، و"مليكة" أو "أث امليشيت"، و"القرارة" وأخيرًا قصر "بريان".

وصنّفت غرداية، عام 1982، كمعلم تاريخي ومكسب للحضارة الإنسانية، من طرف الـ"يونسكو"، بفضل الهندسة المعمارية الفريدة من نوعها في الجزائر، وهي بلدية في ولاية غرداية، وتقع على بعد 600 كيلومتر إلى الجنوب من الجزائر العاصمة. كما تعدّ عاصمة وادي مزاب، ويبلغ عدد سكانها 170 ألف نسمة.

ويعود تاريخ عاصمة بني مزاب إلى الفترة بين 1048 أو 1053، وهي مستوحاة إلى حد بعيد من العمارة التقليدية، من خلال عمل لو كوربوزييه.

وتتميّز المنطقة بمبان ومعالم عدة، تحدد الهوية العمرانية لها، كمدخل المدينة، والمسجد، والمنازل، السوق، الأبراج والمنشآت الدفاعية، والنسيج العمراني للقصر والواحة.

ويعتبر الفن المعماري المزابي، من أهم المظاهر الحضارية لهذه المنطقة، وهو جزء لا يتجزأ من الفن المعماري الأمازيغي الإسلامي عامة ، نظرًا لاشتراكه في خصائص عدة مع المعمار الشمال - إفريقي والإسلامي، الأمر الذي جذب العيون والعقول لعقود عدة، لدراسة خصائص "ظاهرة مْزاب".

وامتد وفاء المزابيين لتعاليم الدين والقرآن الكريم إلى عمارتهم، فظهرت تأثيراتها في مساكنهم وقصورهم، في صورة رائعة للاستغلال الأمثل للطبيعة دون تبذير، إذ تستعمل كل مادة لغرض معين، مع الاحتفاظ بالشكل الجمالي.

ومن أهم خصائص المعمار المـِزابي التقليدي، أنّ هذا النسق قد تغير إلى حد بعيد في المساكن المزابية الحديثة، منذ ستينات القرن العشرين تقريبًا، مع الحفاظ على المكونات الرئيسة للمسكن المِزابي.

فالمنزل مثلاً هو العنصر الثاني في العمارة المزابية، ويظهر فيه خضوع المعمار المزابي بشكل كامل للتعاليم الإسلامية السّمحة، والمنازل المزابية التقليدية كثيرة التشابه، مساحتها لا تتجاوز 100 متر مربع عادة، تشتمل على طابقين وسطح، وطابق تحت أرضي.

والملاحظة الأولى عند مدخل المنزل هي "العتبة"، وهي درجة صخرية متوضعة عند مدخل المنزل، قبل الباب، يبلغ ارتفاعها حوالي عشرة سنتيمترات، هذه العتبة تقي الدار من دخول الأتربة الرملية، ومياه الأمطار، و الحشرات الضارة، وخروج الهواء البارد أيام الحر الشديد.

وتصميم المدخل عبارة عن رواق صغير، ينتهي بحائط مقابل، ليُـكَوّن المدخل إلى وسط الدار منعرجًا. وعند تجاوز المدخل الثاني تجد نفسك في رواق يسمى "سقيفة"، به مقعد حجري منخفض، بني للجلوس أمام المنسج صيفًا، ورحى، تثبت في أحد زواياه، لطحن الحبوب. ولا يحتوي المنزل المزابي على أثاث عادة، إذ يكون أثاث البيت مبنيًا.

من هذا الرواق تنقل مباشرة إلى وسط الدار المضاء بواسطة فتحة (شـبّاك) تصل الطابق الأرضي بالطابق الأول (السطحي)، و تعتبر هذه الفتحة عوضًا عن النوافذ، إذ أن المسكن المزابي يعتمد على الإضاءة العلوية، ونادرًا ما يحتوي على نوافذ، وإن وُجدت ففي الطابق السطحي، وتكون عبارة عن فتحة صغيرة في الحائط.

وتعتبر غرفة استقبال النساء "تيزفْري" أنسب موقع للجلوس وسط الدار، هذه القاعة التي لا تكاد تخلو منها دار مزابية، هي عبارة عن غرفة لها مدخل عريض نوعًا ما، لكنه دون باب، متجه نحو القبلة، أو نحو الغرب، للاستفادة أكثر من الضوء الطبيعي ، غدوًا وأصيلاً.

وللقاعة  دوران رئيسيان، أولهما إقامة المنسج الذي تصنع به الفرش والملابس الصوفية، وثانيهما أنها غرفة الأكل وسمر العائلة واستقبال النساء . 

أما المطبخ فهو فضاء صغير مفتوح على أحد جوانب وسط الدار، ولا تكون له غرفة مخصصة عادة. ويتكون من موقد حجري، متصل بفتحة تهوية إلى السطح، وتعلوه رفوف وأوتاد وبعض الكوات التي تستعمل لوضع لوازم وأواني الطبخ. 

ويكون المطبخ ضمن منطقة وسط الدار، حيث لا تحس الجالسة أمام الموقد أنها في معزل عن باقي نساء الدار.

وفي إحدى جوانب وسط الدار، يقع مدخل غرفة النوم الخاصة بربة البيت، وجانبه تقع عادة طاولة مبنية، تحتها أواني الماء العذب وماء الغسل.

ويخصص الطابق الأرضي، لاستقبال النساء نهارًا عادة، أما الطابق الأول، وهو الطابق السطحي، فيصعد إليه من مدخلين، الأول من أدراج تنطلق من وسط الدار تقع بجانبها عادة غرفة صغيرة لحفظ المؤونة والأغذية، والثاني عن طريق حجرة صغيرة داخلها أدراج، تقود إلى قاعة استقبال الضيوف الخاصة بالرجال في الطابق الأول، هذه الأدراج المستقلة عن وسط الدار، تجعل حركة الرجال ممكنة من الطابق الأول إلى الخارج، دون إحراج النساء غير المحارم.

وفي قاعة الاستقبال المسماة "لَعْلِي"، أو "ادْوِيـريتْ"، نافذة متوسطة الحجم نلاحظها من الشارع فوق باب الدار. 

وتحيط بالطابق الأول من بعض جوانبه غرف للنوم، علاوة على غرفة الاستقبال الخاصة بالرجال التي لها باب إلى وسط هذا الطابق . 

أما الباقي من هذا الطابق فضاء نصفه مسقف و نصفه مفتوح إلى السماء، يفصل بينهما عدد من الأقواس. النصف المسقف يسمى "إيكومار". والنصف المفتوح يحتوي بأحد زواياه على الفتحة المطلة على الطابق الأرضي، و تكون محاطة بعتبة صخرية تتوسطها قضبان معدنية، و لها فوائد عتبة مدخل الدار نفسها. 

ويحمل الجزء المسقوف "إيكومار"، مع الغرف، السطح، الذي تقضي فيه الأسرة ليالي الصيف، وتخزن في جانب منه الحطب اللازم للطبخ والتدفئة. 

أما الطابق التحت أرضي، المسمى بـ"الدّهليز"، فالأدراج المؤدية إليه تكون من مدخل الدار، وهو مكان مكيّف طبيعيًا، يكون باردًا صيفًا، ودافئًا شتاءً، ويستعمل كمكان للنوم عادة.

ويستعمل المِزابيون في بنائهم الأقواس، وتحتوي الأقواس غالبًا على كوات صغيرة، تفيد كحوامل أو رفوف لوضع الآلات المضرة للصغار وغيرها. 

ولاتزال معظم المنازل الواقعة خلف سور المدينة المِـزابية محتفظة بالطراز القديم السابق ذكره إلى الآن، سوى بعض التعديلات البسيطة التي أدخلت عليها حديثًا، كالبلاط، والكهرباء والغاز، بينما تحتفظ البيوت الحديثة بأساسيات الطراز المعماري التقليدي إلى حد بعيد.

وعند بناء المنازل هناك قواعد عامة وموانع في الفن المعماري المزابي، أصدرها مجلس عمي سعيد (قديمًا) يلتزم بها السكان كافة، منها  أن علو الدار لا يفوق 15 ذراعًا، و لا يسمح بإقامة الجدار على حدود السطح من الناحية الشرقية أو الغربية له كي لا يحرم الجار من ضوء الشمس ضحى وعشية، كما لا يجوز إسناد الدرج إلى جدار الجار إلا بإذنه، وكذا المستراح أو مرابط الدابة، إلا إذا سبق أحدهما الآخر، فلا حق للجار الجديد أن يلزم جاره بتغيير الوضعية السابقة، لا يحدث أحد نافذة مهما كانت مساحتها إلا برخصة من الجيران، ليحددوا له المكان الذي يمكن أن يحدث فيه هذه النافذة أو الكوة، و في كل مدينة يعيَّن أمينين في عرف البناء، إليهما ترفع الشكايات فيما يتعلق بالبناء .

وينطبق الوصف السابق على الدار الكاملة التي مساحتها نحو 100 متر مربع تقريبًا. وهناك عدد كبير من المنازل أقل اتساعًا، وتسمى بنصف دار، مساحتها نحو 50 مترًا مربعًا. 

ولم يشيّد بني مْزاب منزلاً في أيّة مدينة من مدنهم، إلا ورئيس جماعة البلدة لا يمتاز عن سواه لا في ملبسه ولا في مأكله ولا في سكناه، وإن اتسعت داره فلكثرة عياله، وهذا يدل ثانية على الروح الإسلامية، التي أثرت على المزابيين في جميع جوانب حياتهم.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منازل بني مزاب في غرادية الجزائريّة تتسم بالطابع الإسلامي التاريخي منازل بني مزاب في غرادية الجزائريّة تتسم بالطابع الإسلامي التاريخي



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 14:42 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 19:08 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

طقس فلسطين غائمًا جزئيًا والرياح غربية الأربعاء

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

"سامسونغ" تطلق Galaxy S7 قريبًا

GMT 14:46 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق كتاب للشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان

GMT 22:58 2015 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

سامسونغ تربح المليارات والفضل للهاتف "S6"

GMT 14:40 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كلاب الدرواس تهاجم الناس وتقتل المواشي في مقاطعة صينية

GMT 07:31 2013 السبت ,24 آب / أغسطس

الصين ضيفة شرف معرض إسطنبول للكتاب

GMT 04:15 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ديمو P.T يعاد تطويره في لعبة Dying Light

GMT 09:00 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

شركة "سوني" تكشف رسميًا عن هاتفها "إكسبريا زي 4"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates