الشارقة – نور الحلو
عقدت ندوة "موسيقى الوجود والإيقاع الشعري"، في ملتقى الأدب، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الثالث والثلاثين، حيث تناولت موسيقى الشعر وتنويعاتها وقدرتها على استيعاب المعاني والتعابير الشعرية المؤثرة، حيث تلامس الوجدان والروح.
وأكّد المشاركون أنَّ الموسيقى حاضرة في كل النصوص الإبداعية، لاسيما في الشعر، كما أنها لا تنتهي ولا تنضب، حيث تحدث في الندوة الباحث إيه إيغوني باريت، والباحث عبد اللطيف الزبيدي، والدكتور أياد عبد المجيد.
وأبرز الكاتب إيه إيغوني باريت، "أنا لست شاعرًا، لكن عندما أكتب نصًا نثريًا أجد فيه موسيقى بكل وضوح، ما يعني أنَّ الموسيقى وسحرها حاضران في الكتابة الإبداعية"، ولفت إلى أنَّ "الجيل الجديد، الذي تربى على أغاني الراب مثلًا، هي من وجهة نظرهم شعرًا زاخرًا بالموسيقى الساحرة".
وأوضح أنَّ "المرء يتأثر بالأصوات في محيطه، فتتجلى على شكل موسيقي، ومن المهم أن تكون حاضرة في نصوصه الإبداعية، فمن يكتب اليوم في ضوء هذا الزخم الكبير من السيارات وحركتها وضجيجها، يتعامل معها باعتبارها جزءًا من المشهد الإبداعي والكتابة، لا مصدر ضجيج، كما كان في فترات زمنية سابقة مثلًا، والمهم اليوم أن يتعامل الكاتب والمبدع مع تلك الأصوات ويتفاعل معها، ولا يتجاوزها أو يلغي وجودها في نصوصه، لأنها تحمل موسيقى تستحق الاستماع".
وأضاف "ما أريد قوله هو أنَّ هناك أصواتًا في محيطنا تعكس الطريقة التي يكتب بها الكاتب عباراته ونصوصه، بمعنى أنه قد لا يدرك بالضرورة ذلك، لكن تلك الأصوات ستكون حاضرة في جوهر النص، وهي ذات طابع موسيقي جذاب وساحر".
ومن جانبه، تناول الباحث عبد اللطيف الزبيدي الشعر العربي، لاعتباره شعرًا موزونًا وملتزمًا بالبحور الشعرية والقافية، عبر أنماطه الأربعة الأساسية، المتمثلة في الشعر العمودي، وشعر التفعيلة، والشعر المرسل، وقصيدة النثر.
ولفت إلى أنَّ "الموسيقى حاضرة في كل هذه الأنماط، وكل هذا الشعر، سواء كانت تلك الموسيقى الخارجية الظاهرة، أو الموسيقى الخفية وغير الظاهرة".
وتساءل "هل يعقل أنَّ يكون هذا الإبداع والموسيقى في الشعر العربي وليد تلك البدايات، فما نعرفه من شعر عظيم وكبير في العصر الجاهلي لأولئك الكبار وما وصلنا من نحو 400 شاعر جاهلي، لا يعقل أنَّ يكون قد ولد حينها دفعة واحدة، بل هناك ما سبقه وتم البناء عليه، ومثل هذه الفكرة تستوجب من الباحثين الأنثروبولوجيين البحث في الذاكرة الشفهية، وما قبل التدوين والتوثيق، وفي المخلفات المادية واللقى قبل الكتابة والتوثيق، كي نصل إلى تلك البدايات التي قادت إلى هذه المحطات الإبداعية".
وأردف "في الشعر العربي تدفق موسيقي ساحر ومشاهد متحركة وحركة مستمرة"، لافتًا إلى أننا "نحتاج إلى الموسيقى في الشعر سواء كانت موسيقى خفية أو ظاهرة"، ومبيّنًا أنَّ "تلك الموسيقى تظهر أيضًا في أحاسيس وتجربة الشاعر". مؤكدًا أنَّ "الشعر العربي يحتاج دائمًا إلى الموسيقى والإيقاع والغناء".
وبدوره، اعتبر الدكتور إياد عبد المجيد، أنَّ الحياة دون موسيقى لا وجود لها، وأشار إلى انحسار الإحساس بالإيقاعات في الشعر على المستوى العالمي، لافتًا إلى أنَّ "الشعر الجاهلي كان يجهل الموسيقى، ولم ينشأ على أيدي وعقول أكاديميين، لكنه قدم لنا 16 وزنًا شعريًا".
وأوضح أنَّ "عالم الإيقاع والموسيقى في الشعر لا ينضب ولا ينتهي"، مبرزًا أنَّ "العرب قديمًا وصفوا الشاعر الأعشى بأنه (صناجة العرب)، والصناجة كما هو معلوم آلة موسيقية مهمة، ما يؤشر على مدى غزارة الموسيقى في شعر الأعشى".
أرسل تعليقك