الشارقة - سعيد المهيري
ملتقى الشارقة للمسرح العربي الثاني عشر الذي انعقد في قصر الثقافة يومي 26 و27 يناير المنصرم مناسبة لاستطلاع آراء الخبراء المسرحيين المشاركين فيه حول فكرة التواصل في المسرح، وأهم السبل للرجوع بالجمهور إلى قاعات العرض التي بدأ يبتعد عنها، ويسود علاقته بها فتور، وكيف يمكن لمثل هذه النوع من الملتقيات أن يكون فاعلا في ترميم تلك العلاقة، وهنا بعض إجابات المشاركين .
وأوضح د . أحمد عبدالملك (قطر): "إن إقامة مهرجانات وملتقيات مسرحية متواصلة هي إحدى العادات التي عرفت بها الشارقة على مدى عقود من الإنجاز المسرحي المستمر، وليس غريباً على الشارقة إقامة مثل هذه الملتقيات، أما موضوع الملتقى (المسرح والتواصل) فيكتسب أهميته من راهن المسرح العربي الذي تتسم فيه علاقة الجمهور مع المسرح بالفتور ما انعكس على واقع العروض المسرحية وأداء المسرحيين عموما، وأرجع الانفصال والانقطاع بين المجتمع والمسرح إلى التطورات الاجتماعية والسياسية والنفسية التي تحدث في المجتمعات العربية، والتي ينتج عنها بالضرورة تبدل ذائقة المتلقي، فلم يعد يقنع بالشكل التقليدي من العروض بكيفياته المكانية والزمانية والفكرية، لأن سيل التكنولوجيا جرف كل ذلك، وغيّر مفهوم التواصل بين المرسل والمتلقي، ومفهوم العرض، وفضاء العرض، فلم يعد العرض مجرد حوار وممثلين وديكور، بل أصبحت التكنولوجيا تتخلله عبر أشكال الإقحامات الكثيرة التي تدخل في صناعة السينوغرافيا، ولم تعد الخشبة هي الفضاء الوحيد، بل أصبحت هناك فضاءات افتراضية لأشكال جديدة من العروض التي تنافس المسرح وتكاد تتغلب عليه، لأنها سرقت ذائقة المتلقي وحرضت لديه شهوة الجري وراء الجديد الذي لم يعد يتوقف عند حد" .
وأضاف عبد الملك "إن الجيد والجديد في هذا الملتقى أنه لفت الانتباه إلى نقاط مهمة في سياق البحث عن أسس عملية لإعادة بناء العلاقة بين الجمهور والمسرح، منها ضرورة أن تستوعب العروض المسرحية التقنيات الجديدة، ووسائل التواصل الاجتماعي، بطريقة تخدم العرض وتناسب الدراما وتستجيب للأذواق المتجددة لهذا الجمهور" .
وأشار المسرحي فهد الكغاط (المغرب): "أعتقد أن مثل هذه الملتقيات المسرحية تسمح للممارسين المسرحيين والباحثين بالتواصل وبتبادل الخبرات والمعارف، ما يكسب كلا منهم رؤية واضحة عن العمل عما يقوم به الآخر، ويفتح باب الاستفادة المتبادلة، وقد استمتعنا خلال هذا الملتقى بمداخلات قيمة حول توظيف التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي في المسرح، وهو توظيف أصبح ضروريا مع ما يشهده الوطن العربي من تطور وانفتاح، وما يتهيأ للأجيال الشابة من فرص الانخراط الكلي في عالم التقنية الحديثة، وكان مهما أن يجتمع خبراء مسرحيون من مشرق الوطن العربي ومغربه، ويتبادلوا أفكارهم وتجاربهم حول المسرح، ويضيف بعضهم إلى بعض، وهي فرصة يندر أن تتوافر خارج هذه الإمارة الساطعة بشعاع الثقافة" .
ورأى المسرحي سلامة علي (مصر) أن "قضية التواصل في المسرح هي أخطر القضايا المعاصرة لأن رسالة المسرح لا يمكن أن تصل أو تكون فاعلة إلا إذا كان هناك فضاء تواصل مع الجمهور، وقد عودتنا الشارقة على أن تكون رائدة في تنظيم مثل هذه الملتقيات التي تطرح قضايا ثقافية معمقة، وتفتح الباب أمام الخبراء لنقاشها، وطرح أفكار نيّرة حولها، وقد توقف المسرح في الوقت الراهن عن أن يقوم بدوره كمرآة للشعوب ووسيلة لتنمية أفكار التقدم في المجتمعات، وذلك بسبب تحول الجمهور عنه إلى غيره من وسائل الإعلام وتوصيل الأفكار" .
ولفت سعيد السيابي (سلطنة عمان): "إن اختيار الموضوع فيه جدة، ويتناسب مع التطورات الحاصلة في معالم المسرح، فاجتماع هذه النخبة من المختصين في مجال التنظير، وأصحاب التجارب خدم الملتقى بتقديم رؤى وأفكار تساعد على تطوير الحركة المسرحية وتوثيق التحولات والتصورات التي تحدث على الساحة المسرحية" .
وأضاف رشيد أمحجور (المغرب): "إن موضوع الندوة قديم ومتجدد في كل قطر عربي لأنه يطرح قضية ظلت على الدوام تبحث عن حل، فالإجابة عن سؤال التواصل في المسرح هو مفتاح لسياسة مسرحية متكاملة، لأن التواصل له امتداد في مجالات ثقافية واجتماعية وسياسية عديدة، وعندما نربطه بالمسرح فكأنما نستشرف مشروعاً ثقافياً اجتماعياً جديداً، أو نعيد النظر في المشاكل المزمنة لدينا، من أجل مقاربة جديدة لها، فنحن لم نعط الأصالة حقها من البحث ولم نستغل الحداثة بالشكل المطلوب، والتواصل يقوم على فكرة العطاء والأخذ، والبحث والتأمل، ومن المطلوب أن نخلق مشاركة بيننا نحن الباحثين أولاً، وبين المسرح والجمهور ثانيا، ومن الأفكار الجيدة التي طرحت في هذا الصدد فكرة استخدام التكنولوجيا في صناعة العرض المسرحي والترويج له" .
وأوضح المسرحي محمد سيد أحمد (السودان): "إن الملتقيات المسرحية بمثابة محفل علمي للبحث والتداول والحوار حول قضايا المسرح ونظرياته ومدارسه واتجاهاته المختلفة، ثلة من أهل الاختصاص والخبرة من مشارب وخلفيات متعددة يلتقون حول طاولات البحث ليقدموا أطروحاتهم حول قضايا كل واحدة منها مثار للبحث والتناول المعمق، مثل ثورات الربيع العربي والمسرح، والتغيير والمسرح، والتكنولوجيا والمسرح، والمسرح والتواصل، والمسرح والسياسة، والمسرح والمرأة" .
أرسل تعليقك