رأس الخيمة – صوت الإمارات
عشق عبدالله الشحي التراث منذ طفولته، وفي شبابه شهد التكنولوجيا تطغى على الحياة الحديثة، فخشي على التراث من الاندثار تحت وطأة التكنولوجيا الحديثة، فقرر تسخير جل وقته لجمع التراث وحمايته من الضياع، وقضي الـ30 عامًا الماضية في جمع كل ما يتعلق بالتراث الإماراتي في مكان واحد، وأطلق عليه اسم "قرية التراث".
وبدأ عبدالله الشحي، وهو أحد أهالي منطقة وادي شعم، في إمارة رأس الخيمة، في تأسيس بيت صغير تراثي، ليعرض فيه الأدوات التراثية والأغراض التي ورثها عن الآباء والأجداد، مثل السيوف والبنادق القديمة، وقِرب المياه التي كانت تستخدم في البيوت قديمًا، واستمر على مدى الأعوام الـ30 الماضية في توسعة مشروعه التراثي، ليشمل تسع غرف وزوايا محملة بالتراث الإماراتي.
وروى الشحي قصة تأسيس قرية التراث قائلًا إنه بدأ مشروعه عام 1986، بعد أن جمع عددًا من التحف والأواني الشعبية، التي ورث معظمها من عائلته، واشترى الجزء الآخر من المصانع القديمة في منطقة وادي شعم والمناطق المحيطة، وحوّل غرفة واحدة في باحة قديمة يملكها إلى غرفة تراثية، عرض فيها مجموعة "الخرص" (قرب المياه)، وأدوات الحراثة القديمة.
وأضاف أنه بدأ "القرية" بنفسه، لذا كانت أكبر صعوبة واجهها هي عدم توافر بعض الأدوات القديمة، وندرتها في ذلك الوقت، وبعد أن أسس الغرفة الأولى زارها عدد من أقربائه وأصدقائه الذين شجعوه على الفكرة، وأخذوا يجمعون ممتلكاتهم التراثية ليعرضها في قريته المصغرة.
وأوضح الشحي أن مشروعه أصبح الآن قرية تراث تضم تسع غرف وزوايا لعرض القطع التراثية، وأولها بيت التراث الذي عرض أمامه أبوابًا قديمة الصنع، أحدها يسمى باب القفل الذي لا يمكن فتحه إلا بوجود صاحب القفل أو صاحب المنزل، والذي صنع قبل 90 عامًا، وأبواب أخرى توضِّح كيفية تطورها على مدى السنوات السابقة.
وتابع "في البيت وضعت الأدوات التي جمعتها، ومنها بنادق قديمة كنا نستخدمها في الاحتفالات السنوية، وحفلات الأعراس، إذ إنها جزء من تراثنا، إضافة إلى (خروص)، وعددها 12، يتعدى عمرها 50 عامًا تقريبًا"، مضيفًا أنه عرض ميزانًا قديمًا، وصورًا لعدد من الأهالي، وصور أسرته، لافتًا إلى أن والده كان طبيب القبيلة، وتسلم أخوه الأكبر هذه المهنة بعد وفاة الأب، وعرض أدوات الحراثة التي لم يعد يستخدمها أحد في القرية.
وأضاف الشحي أن قاعة التراث هي أكبر الغرف، ومكونة من ثلاث غرف، يحتوي كل منها على جزء من تراث عائلته الشخصي، وأدوات أخرى قدمتها له الأسر الموجودة في وادي شعم، موضحًا أن الغرفة الأولى فيها أدوات الطب الشعبي التي كان يستخدمها والدي، والسيوف والبنادق القديمة التي ورثتها منه، والغرفة الثانية فيها أدوات الحراثة والأدوات القديمة التي كنا نستخدمها في الزراعة والتخزين، والغرفة الثالثة تحتوي على الأدوات الموسيقية مثل "البشتختة" (غجرامافون) ومكائن الخياطة التي كانوا يطلقون عليها اسم "الكرخانة"، و"التلي" لخياطة الملابس النسائية.
وذكر أنه حاول توسعة قريته التراثية وأضاف إليها زاوية "الوعب" (مكان زراعة الحبوب في المناطق الجبلية)، وبجانبها غرفة "الرحى" لطحن الحبوب، والتي يمكن للزوار استخدامها بأنفسهم لمعرفة كيف كان يتم طحن الحبوب في السابق، مضيفًا أن الغرفة التي تليها عبارة عن مخزن للحبوب والتمور والأدوات الغذائية التي يطلق عليه اسم "الينز"، ومن ثم زاوية "التنور" التي لاتزال تستخدم في صناعة الخبز.
وأشار الشحي إلى أن القرية التراثية لم تتوقف على زوايا صغيرة فقط، بل أضاف إليها المطبخ الذي يحوي كل أواني الطبخ القديمة، وكيف تغيرت من الأدوات الفخارية إلى المعدنية في غضون سنوات قليلة، وقنديل "الصراي"، وهو مصنوع من الخشب والتمر والفتيل لإنارة الغرف قديمًا، قبل استخدام "الفنر".
أرسل تعليقك