شهد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس جامعة الشارقة، أمس الثلاثاء ، بمبنى مكتبة الطلاب بالجامعة، وضمن مواصلة الإمارة لاحتفالاتها بلقب عاصمة الثقافة الإسلامية ،2014 فعاليات المؤتمر الدولي الثاني في تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين بالتزامن مع المؤتمر العربي الحادي عشر في علوم الفضاء والفلك واللذين يشرف على تنظيمهما جامعة الشارقة بالتعاون مع الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك .
بدأت فعاليات المؤتمرين بعزف السلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة وتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، ثم كلمة لمدير جامعة الشارقة الدكتور حميد مجول النعيمي رئيس المؤتمر رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، تقدم فيها بالشكر والتقدير والامتنان إلى الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رئيس جامعة الشارقة، ليس لتفضله برعاية المؤتمرين وحضوره حفل افتتاحهما فقط، وإنما لرعايته المثلى للعلم والعلماء وعلى جميع الآفاق والمستويات، لاسيما مؤتمر تاريخ العلوم الذي رعاه ومنذ انطلاقته الأولى في العام ،2008 وتفضل بقبول الرئاسة الفخرية للاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، وذلك لأن هذا المؤتمر يبحث في التاريخ العلمي العربي والإسلامي الذي يعد واحداً من أهم أركان تاريخ الحضارة العربية والإسلامية، الأمر الذي يشكل أحد أهم أدوات في سعيه العالمي لتلاقي الحضارات، وفي كتابة التاريخ كأحد أعظم المؤرخين المعاصرين لما عرف عن أمانته المطلقة في رصد هذا التاريخ في مؤلفاته الغنية والعديدة ونقله هذا التاريخ إلى الحاضر بصورة أمينة ودقيقة لا تشوبها شائبة، كما رحب بالعلماء والمتخصصين العالميين المشاركين في هذين المؤتمرين .
وأوضح النعيمي أن جامعة الشارقة، ومنذ أن أسسها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في العام ،1997 اتخذت من العلم والبحث العلمي منهجا موازيا تماما لمنهجها الأكاديمي من حيث قوته وجزالته ورصانته، وقد كان للتراث العلمي والإنساني النصيب الأكبر من هذا المنهج، وليس هذا فحسب، بل سخرت لمثل هذه الأبحاث أحدث التقنيات وأكثرها تطورا، لأنها تعد أحد أهم أركان التاريخ العربي والإسلامي، ولأن كثيرا من هذا التاريخ أو الإرث العلمي العربي والإسلامي شكل جوهراً للعديد من الحضارات العالمية ومنه لا يزال مستمرا حتى الآن في كثير من دول العالم، خاصة في مجالات الفضاء والفلك والرياضيات وغيرها، فالحسن بن الهيثم والكندي والخوارزمي والبتاني والطبري وابن حيان والإدريسي، وغيرهم، هم أعلام علم عربية وإسلامية لا تزال راياتها العلمية خفاقة حتى يومنا هذا .
ونوه بمركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك الذي أنشأه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ليكون قلعة تقنية علمية ومعرفية وتراثية وسياحية، بل ويمثل أصالة التراث العربي والإسلامي في رصد الفضاء والفلك وربطه بالمعاصرة وأعظم وأحدث تقنياتها فضلا عن كونه مركزا علميا وتقنيا وثقافيا وتربويا وتراثيا وسياحيا، بل وتدريبيا أيضا ليعمل على تنشئة أجيال من الشباب تهتم بعلوم الأجداد من العرب والمسلمين الذين برعوا في علوم الفضاء والفلك هذه العلوم التي كانت ولا تزال أحد أهم محاور فكر وثقافته على مدى سنوات طويلة إلى أن جاء اليوم الذي جسد فيه هذه الفكرة بمركز تربط فيه التكنولوجيا الخاصة بعلوم الفضاء والفلك بأحد أهم أركان التاريخ العلمي العربي والإسلامي، والمتمثل بالفضاء والفلك، وليس هذا فحسب، بل وليكون فريداً من نوعه على مستوى المنطقة من حيث تكامل هيكله مع مضمونه من المكونات التكنولوجية في مجالات علوم الفضاء والفلك مضيفاً إليه تحفة فنية نادرة على شكل فيلم إبداعي عظيم تحت عنوان "دين القيمة" والذي يجسد الحياة منذ أن خلق الله تعالى الكون إلى نهايته مرورا بسير الأنبياء والرسل عليهم السلام، وسيصار إلى افتتاح المركز قريبا ضمن فعاليات احتفالات الشارقة باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية 2014 .
وأعلن أن الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي قد أمر بإنشاء مؤسسة الشارقة الدولية لتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين في جامعة الشارقة لتبحث في هذا التاريخ على المستوى العالمي، وتجسد جميع آفاقه وميادينه وفضله في بناء الحضارات الإنسانية منذ أن كان وحتى يومنا هذا .
بعدها ألقى الدكتور حسين المهدي رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر كلمة أشار فيها إلى أن فكرة المؤتمر الدولي في تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين انطلقت في دورتها الأولى في آذار/ مارس ،2008 من خلال الدعم الذي يوليه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رئيس الجامعة .
وأشار "عملنا على أن تكون أهداف المؤتمر في دورته الثانية مكملة للمسيرة التي بدأناها في سنة ،2008 حيث إننا نهدف من تنظيم هذه التظاهرة لتعزيز التواصل بين العلماء والباحثين المهتمين بتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين وتجسيد أثر العلماء العرب والمسلمين في تقدم الحضارات في الجوانب العلمية وتوثيق شهادات العلماء من غير المسلمين في إنصاف إنجازات العرب والمسلمين العلمية وإحياء التراث العلمي العربي وربطه بالمعاصرة" .
يشارك في المؤتمرين 423 من علماء وأساتذة مختصين وطلبة دراسات عليا وهواة العلم والفلك من 41 دولة من أرجاء المعمورة كافة، من بينهم 43 عالماً وعالمة في علوم الفضاء والفلك وشتى فروع العلوم التطبيقية والهنسية والطبية والعلوم الإنسانية والاجتماعية .
وقد عكفت اللجنة التنظيمية على إعداد برنامج علمي وثقافي شمل، إضافة إلى 27 جلسة عمل موزعة خلال أيام المؤتمر، 13 محاضرة يلقيها علماء مختصون وسيكون هناك حفل عشاء لضيوف المؤتمر وعدد من البرامج الترفيهية ورحلات التسوق .
كما تم تخصيص ندوة خاصة يشارك فيها عدد من العلماء من المملكة المتحدة والولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة تناقش سبل تطوير طرائق التدريس في المدارس الثانوية، وطرح إنجازات وابتكارات العلماء المسلمين الأوائل في المناهج التعليمية وربطها بمخرجات التعليم في مراحل مبكرة من التعليم، إضافة إلى جلسات عمل خصصت للهواة والشباب وكذلك للجمعيات الفلكية والفضائية العربية، فضلاً عن الجلسات الإدارية للمجلس الأعلى للاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك لمناقشة استراتيجية ومستقبل علوم الفضاء والفلك في الوطن العربي وانتخاب المجلس الأعلى للاتحاد ورئيسه ونواب الرئيس والأمين العام في دورته الثانية عشرة .
وقد تم تخصيص جلسة لمناقشة آخر ما توصل إليه العلماء في تكنولوجيا الاستشعار عن بعد ومراقبة ورصد الأرض من الفضاء الخارجي وفيزياء الشمس والنشاطات الشمسية وأثرها في الغلاف الجوي والتراث العلمي العربي في الفلك والجو .
وحول أسرار الكون وما يوجد من حولنا من كواكب ونجوم ومجرات تحدث عالم الفضاء الأميركي الأستاذ الدكتور جيفري هوفمان عن تجربته في هذا المجال، حيث قضى في الفضاء الخارجي ما يزيد على 60 ساعة، قام خلالها بتصليح تلسكوب هبل الفضائي وهو في الفضاء، وتناول خلال حديثه ما لاحظه وما تم اكتشافه خلال تلك الرحلة، ومن بين أهم تلك الاكتشافات على حسب قوله أن العالم والكون ما زال مستمرا في تمدده واتساعه، نظراً لوجود مجرات بعيدة تتجاوز سرعتها سرعة المجرة التي تقع الأرض من ضمنها، وتم خلال الرحلة تدوين العديد من الملاحظات حول إمكانية وجود حياة على كواكب أخرى غير الأرض وفي مجرات أخرى .
من جانبه، أوضح العالم الأستاذ الدكتور ديفيد كنج - الذي قضى أكثر من أربعين عاما في البحث في تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين - الدور الكبير والفاعل لأولئك العلماء في النهوض بالعلوم في المجالات المختلفة كعلوم الفضاء والفلك وعلم الرياضيات وعلم الجغرافيا وغيرها، حيث طاف من أجل ذلك في المكتبات والمراكز العالمية في شتى بقاع الأرض وخصص كلمته للحديث عن مرصد اسطنبول الفلكي الذي تأسس على يد تقي الدين عام 1580 إبان الدولة العثمانية متطرقا للأدوات الفلكية التي استخدمت في المرصد، ومنها ما أبدعه اليونان ومنها ما ابتكره المسلمون وغيرها مما أنتجه الأوروبيون، كما سلط الضوء على مجموعة من المراجع العربية الإسلامية في علوم الفضاء والفلك، وقال إن على رأس كل تلك المراجع والكتب يقع القرآن الكريم ومن بين أهم الكتب كتاب "الزيج الكبير" لابن يونس المصري الحاكمي والذي استند عليه في التحضير لرسالته في الدكتوراه .
ومن ضمن المتحدثين في المؤتمرين الأستاذ الدكتور سالم الحساني رئيس مؤسسة من أجل العلم والتقنية والحضارة التي تعتني بتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين وأكد أن المؤسسة قد وجدت من أجل عرض طرق جديدة لكيفية إبراز الإنجازات والإسهامات العلمية للحضارة الإسلامية في المدارس والمؤسسات العامة .
وتمنى في ختام كلمته أن يعمل هذا المؤتمر على إثراء المناهج الدراسية في مختلف بلدان العالمين العربي والإسلامي بالمعارف والعلوم التي أبدعها وابتكرها علماء المسلمين والعرب، حتى تكسب الأجيال القادمة منها الدروس والعبر .
وفي ختام فعاليات المؤتمرين تحدث الأستاذ الدكتور مارتين بارستو أستاذ فيزياء الفلك وعميد كلية العلوم والهندسة في جامعة ليسيستر في المملكة المتحدة عن علوم الفضاء والفلك الحديثة، ولاسيما في المملكة المتحدة خاصة وفي أوروبا عامة وعرض مجموعة من تجاربه البحثية في هذا المجال مقارناً بين الحال الذي كانت عليه البحوث قبل 20 عاما وبين الوقت الحالي في ظل تطور الأدوات ودخول التقنيات الحديثة في مجال التجريب والبحث .
بعد ذلك تفضل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رئيس جامعة الشارقة، بتكريم جميع المشاركين في المؤتمرين وافتتاح المعرض الذي أقيم على هامشهما .
حضر فعاليات المؤتمرين كل من عبدالرحمن الهاجري رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، وعبدالرحمن بن علي الجروان المستشار بالديوان الأميري، ومحمد ذياب الموسى المستشار بالديوان الأميري، والدكتور عمرو عبدالحميد مستشار حاكم الشارقة لشؤون التعليم العالي، وكيفن كوفندر ممثل رئيس الاتحاد الدولي للفلك، وعدد من المهتمين والمنشغلين بالبحث في علوم الفضاء والفلك وبالعلوم عند العرب والمسلمين، وجمع غفير من أساتذة وطلبة جامعة الشارقة .
أرسل تعليقك