أعلنت جائزة "دبي الثقافية" للإبداع عن استحداث جائزة جديدة تنضم إلى فئاتها الـ10، وهي جائزة أفضل كتاب غربي، في خطوة تعد نقلة نوعية جديدة في مسيرة الجائزة التي ستضم 11 فئة بدءًا من دورتها المقبلة. وأكد مدير عام دار الصدى للطباعة والنشر رئيس تحرير مجلة "دبي الثقافية"، الأديب سيف المري، خلال حفل توزيع الجائزة، الأحد، في فندق "أبراج الإمارات" في دبي، على أهمية الحوار مع الثقافة الغربية بعيدًا عن السياسة.
وذكر "مللنا من ساسة الغرب، ونسعى للتحاور مع مثقفيه ومبدعيه"، وأوضح أن الفئة الجديدة للجائزة مخصصة لأفضل إصدار غربي مكتوب بإحدى اللغات الغربية، على أن يترجم وتقوم الجائزة بطباعته ونشره باللغة العربية.
وأضاف المري، خلال الحفل الذي حضره أكثر من 300 مثقف من الإمارات وبقية الدول العربية، يتقدمهم الشاعر أدونيس، والفائزون بالجائزة، ومن بينهم الروائية الفلسطينية سحر خليفة، أن "الجائزة الجديدة تهتم بالحوار مع الآخر ثقافيًا، وتبلغ القيمة المادية لها 100 ألف دولار"، مشيرًا إلى أن الجائزة جاءت بناء على اقتراح لجان التحكيم، وعلى الرغم من عدم وجود تفاصيل محددة عن فئة الجائزة الجديدة، إذ سيتم تحديد شروطها وتفاصيلها لاحقًا، أكد المري أن "لجنة متخصصة سيتم تشكيلها خصيصًا لرسم سياسات عملها، وآلية عمل لجنة تحكيمها، واستقبالها الترشيحات المختلفة".
وكان استحداث الفئة الجديدة "مفاجأة الحفل"، إذ إنها تضع جائزة دبي الثقافية على عتبة العالمية، واستقبل الحضور الإعلان عنها بإشادة وترحيب بارزين، لاسيما أنها، حسب إشارة المري، ستكون بمثابة "قناة جديدة للتواصل الثقافي بين الإبداع العربي من جهة، وبين الإبداع العالمي عمومًا، والغربي بصفة خصوصًا، في ظل سعي حثيث لتعزيز أواصر حوار حضاري تبقى الثقافة والإبداع في القلب منه".
ويتوقع أن يكون العمل الفائز بهذه الجائزة محل ترجمة ونشر باللغة العربية، وهو الخطوة التي قد تتواكب مع إعلان هوية الإصدار الفائز، في نهاية العام المقبل.
وحول جائزة "دبي الثقافية" للإبداع هذا العام، قال المري إن "مجلة دبي الثقافية وجدت من أجل المثقف العربي من الخليج للمحيط، تحمل أحلامه وتبري أقلامه، وتتألق به ومعه، ماضية إلى مستقبل أفضل للواقع العربي".
وحصدت "ندوة الثقافة والعلوم" جائزة شخصية العام الثقافية، لدورها الثقافي الكبير ودعم وتنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والإبداعية المهمة.
وتوجه رئيس مجلس إدارة "ندوة الثقافة والعلوم"، سلطان صقر السويدي، بالشكر لـ"دبي الثقافية"، واتساع رؤيتها وشموخ عطائها، ونبل رسالتها الفكرية والثقافية والإعلامية، ولاختيارها ندوة الثقافة والعلوم شخصية العام الثقافية.
وذكر أن "الاختيار يؤكد أهمية تضافر الجهود وتكامل العمل الثقافي والإبداعي والعلمي في الإمارات الفتية، الذي يشكل في النهاية ملحمة وطنية من الإنجازات تخلد للأجيال المقبلة معنى الوطنية وجدية العمل وسخاء العطاء".
وفي استهلالها لتقديم الحفل، قالت الشاعرة، سهام الشعشاع، إن "دبي تواكب الحداثة والتجديد جنبًا إلى جنب الحفاظ على التراث والهوية، وإن مجلتها الثقافية تعد انعكاسًا للحراك الفكري لأمة تبحث عن هويتها الثقافية وتنتصر للحداثة وقيمها، من دون أن تقطع صلتها بالتراث العريق، حيث تلعب دور المحرك والمحرض والراعي للإبداعات الأدبية والطروحات الإنسانية والحضارية، وترى في الشعر والرواية والفن قدرة على تغيير العالم، في وقت تتراجع الثقافة أمام الخسارات".
وتضمن الحفل عرض فيلم "فنار الروح"، للتونسية لبنى ظافر الخطيب، الفائز بالجائزة الأولى في فرع الأفلام التسجيلية، الذي أبحر في رحلة باتجاه الأمل لشخص من ذوي الإعاقة بُترت ساقه، لكن ظلت أحلامه وطموحاته يانعة يسعى إلى تحقيقها رغم التحديات.
وألقى الروائي الجزائري، واسيني الأعرج، كلمة لجنة التحكيم التي أكد فيها أن "دبي الثقافية بهذا المعنى ليست مجلة فقط، لكنها مؤسسة راهنت على الكتاب والكتابة بوصفهما الوسيط الأبقى للحوار الفعال، يكفي أنها أصبحت أكبر دار نشر عربية، وإن لم تقل ذلك.. الكتب القيمة التي نشرتها بأعداد هائلة، تشكل اليوم مكتبة عربية حديثة ومتفتحة للكثير منا، فأي دار عربية قادرة اليوم على مغامرة النشر بهذا الاندفاع، وبسعر لا يغطي حتى الحد الأدنى من النفقات".
وأضاف "لقد أدركت دبي الثقافية في وقت مبكر أن لا شيء أجلب للخراب مثل التطرف الذي يبنى على بقايا معرفة هزيلة ومبتورة عن أي سياق، فهي تدرك أن الثقافة لم تعد رفاهًا ضافيًا، ولكنها حاجة حيوية استراتيجية، وربما كانت القناة الوحيدة المتبقية التي نستطيع من خلالها محاورة الآخر".
وأردف "في هذه الدورة التاسعة لم تتخلف (دبي الثقافية) عن موعد جوائزها في الشعر، والقصة القصيرة، والرواية، والفنون التشكيلية، والحوار مع الغرب، والتأليف المسرحي، والأفلام التسجيلية، وشخصية العام الثقافية الإماراتية، والمبحث النسوي العربي، وأخيرًا جائزة أفضل كتاب لمؤلف إماراتي".
وذكر "لم تتخلَّ المجلة عن رهاناتها القومية الأساسية، فكان الفوز والتنويه عربيين بامتياز، اشتركت فيه الإمارات العربية المتحدة، بجانب فلسطين ومصر والجزائر والمغرب وتونس والأردن، والسعودية وسورية واليمن والكويت والسودان والعراق ولبنان، وقد انتصرت لجان التحكيم في عملها الجاد والموضوعي، للإبداع العربي المميز ولكل ما يؤصل الثقافة العربية".
واختارت اللجنة المنظمة للحدث الاحتفائي الشاعر ناجي حرابة الفائز بالجائزة الأولى في الشعر، لقراءة كلمة الفائزين التي قال فيها "ليس بمقدورنا أن نحرف قطار الأقدار عن سكته، ولكن بمقدورنا أن نجعل الرحلة أكثر سعادة، وليس في طاقتنا أن نقطف زهرة الخلود، لكن في طاقتنا أن نختزل في دواخلنا أعمار الآخرين، وعصيٌّ عناقُ المستحيل، ولكن ليس عصيًّا على المبدع أن يقصِّر المسافة بينه وبين المستحيل".
أرسل تعليقك