لندن - كاتيا حداد
توصل بحث جديد إلى أن أغلب المتبرعين يعطون في الخفاء تجنباً لانتهاك قواعد السلوك والسنن الاجتماعية .
نشرت الدراسة في صحيفة "بيولوجي ليرز"، وذكرت أن التبرعات التي قدمت لأحد المواقع الخيرية البريطانية كانت تقدم سراً، ولم يختلف الأمر حال كانت التبرعات صغيرة أو كبيرة .
تقول عالمة الأحياء التطورية في الكلية الملكية في لندن صاحب الدراسة نيكولا ريهاني، " يميل الناس إلى التقيد بالأعراف الاجتماعية التي تحكم مجتمعاتهم، فيحرصون على إخفاء هوياتهم عندما يقدمون التبرعات لجهة ما، حتى وإن كان ما يفعلونه يعكس روح الإيثار لديهم .
وتدعم نتائج الدراسة النظرية القائلة بأن الإنسان ضمن مجموعة اجتماعية ربما يميل لإنزال العقاب بفاعلي الخير والمتبرعين انطلاقاً من معتقد بأن أفعالهم الخيرة تظهره في صورة ليست بالجيدة، على الأقل مقارنة به .
ويرى كثير من علماء نفس التطور أن الإيثار سلوك يخدم في الأساس المصالح الذاتية للمؤثر، لأنه يعزز سمعته، ما يمهد أمامه الطريق لجني ثمار أعماله الإيثارية من الآخرين على المدى البعيد، ويرى الاختصاصيون أن السمعة الجيدة التي يكتسبها المؤثر تشجع الآخرين على فعل الإحسان، فيقدم الناس على التبرع إلى غرباء .
وتوصلت دراسة أجريت في 2004 ونشرتها صحيفة "الاقتصاديات العامة" إلى أن معدل التبرع يزداد إذا أعلنت أسماء المتبرعين، وأن هؤلاء لايفعلون عادة ما يفعلون خفية أو تحت أسماء مستعارة، حتى وإن أتيح لهم هذا الخيار . بيد أن ذلك أكسب القليل من المتبرعين المتخفين نوعاً من الغموض . وأياً كان الأمر، فإذا كان هدف تبرع البعض تعزيز سمعتهم، فلما يحرصون على إخفاء هوياتهم؟
وللتوصل إلى السبب، حللت ريهاني بيانات تبرع 3945 إلى 36 مؤسسة خيرية من موقع تبرعات شبكي "BMyCharity" .
ويسمح الموقع للأشخاص الذي يديرون ماراثون مثلاً، من دون مقابل، أن يرسلوا بريداً إلكترونياً لأصدقائهم للتبرع . وأدرج الموقع أسماء من تبرعوا ومقدار ما قدموه، فبلغت نسبة التبرعات المتوسطة 33 دولاراً ونسبة 5 في المئة من المتطوعين كانوا متخفين، بينما بلغت التبرعات الكبيرة ضعف الأولى، كما كانت التبرعات الصغيرة أكثر ميلاً لأن تكون في الخفاء عن التبرعات المتوسطة أو الكبيرة .
وصلت نتائج التحليل إلى أن البعض يخفي تبرعاتهم خوفاً من اللوم المجتمعي . وعندما يتصرف شخص ما بنوع من الكرم، يجعل ذلك الآخرين يبدون في صورة سيئة، مقارنة به، بحسب بات براكلي، مساعدة مؤلفة الدراسة، والتي تدرس تطور التعاون في جامعة Guelph في كندا .
بيد أنها تشير إلى أنه ليس هناك تبرع خفي في حقيقة الأمر، فلابد أن يكون جامع التبرعات على علم باسم المتبرع، إضافة إلى علم الزوج أو الزوجة أيضاً .
واستناداً إلى ذلك، فالتبرع ربما يمثل هدفاً يعمد إليه قلة من المتبرعين، ذا تأثير قوي لتنزهه من الشعور بالذات أو الأنانية . وربما يكون السبب أيضاً هو أن الشخص الثري ضمن دائرة من الأصدقاء قد يتبرع خفية ليوفي بتعهداته من دون التعرض لمشاكل مع المحيطين به .
أرسل تعليقك