انطلق، الخميس أول العروض المسرحية لمهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي، الذي تنظمه إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، تحت رعاية عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وذلك بحضور رئيس الدائرة، عبدالله العويس، ومدير إدارة المسرح، أحمد بورحيمة، وضيوف المهرجان من بلدان عربية عدة، وشهد جمهور مسرح المركز الثقافي بدبا الحصن مسرحية الجزيرة من تأليف الكاتب الجنوب إفريقي، أثول فوغارد، وإخراج أنس عبدالله، لجمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح، تمثيل سعيد الهرش (جون)، إبراهيم القحومي (ونستون)، تصميم وتنفيذ مكياج ياسر سيف، تصميم الأزياء إيمان السويدي.
وتلت العرض ندوة تطبيقية حول المسرحية، وكان حفل الافتتاح الذي قدمه أحمد ماجد وفوزية القاضي، استهل بالتعريف بالمخرجين المشاركين وأعمالهم، وكذلك التعريف بأبرز ضيوف المهرجان.
مسرحية الجزيرة وفقًا لكاتبها فوغارد، الذي استوحاها مطلع سبعينات القرن الماضي، من نص للشاعر الإغريقي سوفوكليس، تتحدث عن نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وقد كانت محظورة زمن الحكم العنصري في جنوب إفريقيا، وتتحدث عن عقوبة السجن، والحرية ومعنى العدالة، وتعتبر من أهم الأعمال التي تتحدث عن نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وتدور أحداثها في السجن بين أسيرين، أحدهما سيتم إطلاق سراحه قريبًا، والآخر محكوم عليه بالسجن مدى الحياة، يمضيان وقتهما نهارًا في العمل المرهق جسديًا، وعندما يحل المساء يقومان بالتدريب والتحضير لعرض مسرحية "انتيجوني" لسوفوكليس داخل السجن. "أنتيجوني" التي تتحدى قوانين الدولة التي منعتها من دفن جثة أخيها، وحكم عليها بالموت عقابًا لها على الجريمة التي ارتكبتها.
في السجن حيث يقبع جون وونستون، يحاول جون إقناع رفيقه في الزنزانة بتقديم مسرحية انتيجوني، لكنه يخاف من ردة الفعل، وكيف يقوم بأداء دور فتاة مع أنه رجل.
أما في المسرحية التي عرضت، أول من أمس، تروي "الجزيرة" قصة سجينين في زنزانة واحدة، هما جون وونستون اللذين حكم عليهما بالسجن والأشغال الشاقة بسبب معارضتهما للعنصرية والظلم والقمع، التي يمارسها نظام الفصل العنصري، وحرقهما بطاقتي هويتهما، يعاني هذان السجينان بشكل دائم من انتهاك جسدي بسبب الأشغال الشاقة التي تضني جسديهما، وتترك فيهما الآلام المبرحة، وبسبب الإذلال والقهر والتعذيب، يلجآن إلى لعبة مبتكرة لمقاومة فقدان الذاكرة، وذلك باختراع الألعاب، وسرد حياتهما، واختراع عمليات اتصال هاتفية تخيلية مع أفراد عائلتيهما.
تعتزم إدارة السجن أن تقيم حفلًا كبيرًا لمصلحة السجناء، يجتمعون فيه بعائلاتهم، وتقدم خلاله فقرات فنية من إنجاز السجناء، وحسب اختيارهم، ويجد جون في ذلك فرصة لتقديم مسرحية "انتيجوني" لسوفوكليس، ويبدأ محاولة إقناع رفيقه ونستون بالفكرة، الذي يبدو مترددًا، وخائفا من ردة عقابية قد تقوم بها إدارة السجن، وبعد أخذ ورد يقنعه بمشاركته في العرض، ويتقمص شخصية انتيجوني، وفي يوم الحفل يقدمان المسرحية التي تحكي قصة الفتاة الشجاعة انتيجوني، التي تحدت جبروت الملك كريون، ورفضت قانونه الظالم الذي قضى بعدم دفن أخيها.
عمومًا، يحكي العمل قصة سجينين يقاومان كآبة السجن ووحشة العزلة، إما باستعادة بعض وقائع الأيام الماضية وتحليلها والتعليق عليها، وعلى ما تمثله من قيم ودلالات، أو من خلال التدرب على أداء مسرحية "انتيجوني" للكاتب الإغريقي سوفوكليس.
وتحدث المخرج، الرشيد أحمد، عن مسرحية الجزيرة في تقديمه للندوة التطبيقية، مشيرًا إلى أن العمل ينتمي إلى نوع من المسرح يسمى مسرح الاحتجاج، بمعنى أنها نوع من أنواع المسرح الاحتجاجي، أو المسرح الواعظ، لافتًا إلى أنها من نوع التغذية المرتدة التي يشارك الجمهور في إعادة كتابتها والإضافة عليها، بمعنى تدخل الجمهور في المسرحية، وتتضمن التوليف والارتجال، لكن الجزيرة تجاوزت التوليف والارتجال.
وذكر "تحكي المسرحية عن القانون البشري بخصوص العدالة، كما أنها تناقش قضية العدالة، وهي مسرحية معقدة جدًا"، لافتًا إلى أنها عرضت في أميركا وفي بريطانيا، وفي مسارح أوروبية عدة، وفي مهرجان المسرح الثنائي عمل عليها المخرج، أنس عبدالله، لتكون أول عروض المهرجان.
ولفت إلى أن "الجزيرة" تعد تتويجًا لتجربة أثول فوغارد المسرحية، التي بدأت منذ خمسينات القرن الماضي، مع مسرحيات "الزنزانة ورابطة الدم والمعطف والحقيبة" وغيرها.
وأشاد الناقد الأردني، رسمي محاسنة، بالعمل، لافتًا إلى أن الإضاءة كانت من أبطال المسرحية.
وبدورها، قالت أستاذة المسرح، نورا لغزاري، من المغرب، إنها مسرحية منفتحة على قراءات متعددة، مشيرة إلى أن هذا العرض يستحضر خلفيات أسطورية وتاريخية مهمة، وفيها نوع من الاستحضار لحكايات ألف ليلة، خصوصًا في ما يتعلق بالاستمرار في الحكي.
وأكد مخرج العمل، أنس عبدالله، أهمية المسرحية، وعبّر عن شكره وتقديره لفريق العمل وأدائه، لافتًا إلى أن فترة الاستعداد والتنفيذ لهذا العمل كانت قصيرة.
وتستمر فعاليات مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي حتى 15 فبراير الجاري، ويتضمن المهرجان خمسة عروض مسرحية من خمس دول عربية هي الإمارات (الجزيرة)، والكويت (زكريا حبيبي)، والأردن (أعراس آمنة)، والجزائر (كنبال)، والمغرب (أمر)، بالإضافة إلى ندوات وورش تدريبية متنوعة، ودورة جديدة من ملتقى الشارقة للمسرح العربي، الذي يأتي هذه السنة، تحت شعار "المسرح والعلوم".
أرسل تعليقك