سربَّ بعض أعضاء "داعش" الساخطين على التنظيم وثائق سريّة تحتوي على معلومات بشأن 22 ألف مقاتل في سورية والعراق، فيما يعد أكبر اختراق مضاد للجماعات المتطرفة منذ أعوام، إذ احتوى كنز البيانات على أسماء المقاتلين وجنسياتهم وعناوينهم وأرقام هواتفهم وسُبل الاتصال بعائلاتهم والشخص الذي جنَّدهم.
وتحتوي الوثائق على اسم 16 مقاتلًا بريطانيًّا على الأقل بما في ذلك جنيد حسين من برمنغهام، ورياض خان من كادريف، اللذان قتلا إثر غارة أميركية العام الماضي، ووصف قادة الاستخبارات البريطانية الوثائق بأنها "منجم من الذهب" ويعتقدون أنها ستكون أكبر غنيمة بشأن داعش حتى اليوم.
ويشمل السجل المسرب اسم مغني الراب البريطاني عبدالباري (26 عامًا) والذي انضم إلى داعش العام 2013 بعد زيارة قام بها إلى ليبيا ثم مصر ثم تركيا، وينتمى الشاب إلى أب أدين بالتطرف ويسمى عادل عبدالباري، وصور في آب/أغسطس الماضي وهو يحمل رأس جندي سوري أعدمه التنظيم، واعتقدت المصادر الأمنية أنه هو الجهادي جون الذي شغل منصب الجلاد العام لداعش قبل الكشف عن شخصية محمد اموازي صديق الباري من غرب لندن، ويعتقد الخبراء أن الملفات لا تقدر بثمن في التعامل مع المتطرفين الذين تسللوا مرة أخرى إلى أوروبا عازمين على تنفيذ هجمات هناك.
وتبيّن الوثائق، التي يعتقد أنها موجودة في الرقة السورية، أن التنظيم المتطرف يمتلك قسمًا للموارد البشرية الخاص به، ومعلومات عن الشخص الذي يقدم بيانات للتنظيم ومجنديه حول أفضل الأشخاص الذين يجب تجنيدهم وتعطي فكرة كيف تدار شبكة تجنيد المجموعة، كما ترسم الطريق الذي سلكه المقاتلون إلى سورية أو العراق مع وقت ومكان دفن الميت إذا كان الشخص قد مات، مما يعني أن الأجهزة الأمنية تعرف بالضبط الأشخاص اللذين لقوا حتفهم.
واستطاع بعض المجندين الساخطين على التنظيم سرقة الذاكرة التي تحتوي على البيانات من أحد زعماء التنظيم، ولم يتسنى الوقت لمعرفة إن كانت أصلية أم لا، وتحتوي القائمة على مجندين من 51 دولة على الأقل بما فيها بريطانيا سافروا إلى مناطق داعش للانضمام إلى التنظيم المتطرف، وسجلت تفاصيل كل مقاتل في ورقة تقديم تضم 23 سؤالًا للانضمام إلى داعش، تشمل الاسم ومكان وتاريخ الميلاد والحالة الاجتماعية والوظائف السابقة والأشخاص الذين أوصوا به، وإذا ما كانوا مقاتلين أو الدور الذي خدموا فيه، وأيّة مهارات متخصصة له، وتفاصيل كثيرة عن الأقارب بما في ذلك الأسماء ومعلومات الاتصال.
وجاء اسم الجهادي جنيد حسين، وهو قناص إلكتروني من برمنغهام، في الوثائق وكان يعمل رئيس جناح وسائل الإعلام لدى التنظيم مع زوجته سالي، وأن جونز والذي دبر هجمات ضد بريطانيا، وقتل إثر غارة في آب/اغسطس الماضي، ووضعت أرملته المسماه بالسيدة المتطرفة على قائمة الحكومة البريطانية لأكثر المتطرفين خطورة في داعش.
وسافر نحو 700 من المسلمين البريطانيين إلى سورية والعراق للانضمام إلى داعش وعاد نصفهم إلى بريطانيا مرة أخرى، ويمكن لهذه الوثائق أن تكشف عن هويات عدد من هؤلاء المقاتلين غير المعروفين مسبقًا لبريطانيا وأوروبا الشمالية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأميركا وكندا، وكشف أماكن وجودهم لكسر المنظمة وإحباط المزيد من الهجمات، وأكد مدير عمليات التطرف العالمي السابق ريتشارد باريت، أن الملفات يمكن أن تكون أكبر حدث في أعوام المعركة ضد داعش وأنها منجم من الذهب لمعلومات ذات أهمية كبيرة وفوائد عديدة جدًا للأجهزة الأمنية والاستخبارات.
وأتى الكثيرون من المقاتلين من المناطق الساخنة مثل تونس وأفغانسان وباكستان واليمن، على الرغم من أن العدد الأكبر جاء من السعودية، ووصف الباحث الكبير في المعهد الملكي لخدمات الأمن الفكري، شاشانك جوشي، أن عملية التسريب مهمة للغاية، وقال إنه منجم من الذهب، وسيسهل عملية مكافحة هؤلاء الأشخاص، ويشمل معلومات عن أشخاص غادروا أماكن القتال لم تكن معروفة، ومعلومات عن الأشخاص الذين قاموا بتجنيدهم.
وتشير المعلومات إلى أن السارق كان عضو سابق في الجيش السوري الحر الذي انضم إلى داعش ثم خاب أمله وربما سيطر عليها بعده جنود من حزب البعث العراقي السابق التابع لصدام حسين، وحذر جوشي من التعويل على الحالة المعنوية التي سيخلفها هذا التسريب، وأشار بقوله "من المغري أن نصدق أن هذا الدليل يظهر معاناة التنظيم من روح معنوية سيئة وأنا لست متأكد من ذلك"، بينما يعتقد الخبراء أن داعش يركز قاعدة عملياته في الخارج ومصمم على تنفيذ هجمات كبيرة في الدول الغربية، وحذر رئيس منظمة مكافحة الجريمة في الاتحاد الأوروبي من أن الفرصة في حدوث هجمات في بريطانيا على غرار هجمات باريس تعد كبيرة.
وأشار مدير يورووبول، روب وينرايت، إلى أن القارة تواجه أكبر أزمة أمنية منذ عشرة أعوام، وحذر سابقًا من أن نحو 5000 متعصب يمكن أن يكونوا أحرارًا في الاتحاد الأوروبي، وأن الأوروبيين المتطرفين الذي اكتسبوا خبرة من الصراع في سورية والعراق عادوا اليوم إلى القارة، وتابع "نحن نعمل بالطبع على مدار الساعة لمنع ذلك من الحدوث ولكن ما يزال التهديد خطيرًا جدًا جدًا".
هذا وتم توقيف خبير الأسلحة الكيميائية لتنظيم داعش في العراق ويخضع للاستجواب على يد القوات الأميركية، وقالت مصادر عراقية وأميركية أن الرجل متخصص في الأسلحة الكيميائية والبيولوجية منذ حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ويدعى سلميان داود العفاري، وأفيد بأنه اعتقل الشهر الماضي فيما لم يؤكد البنتاغون خبر اعتقاله، واعترف العفاري بأن داعش ينوي استخدام غاز الخردل في القذاف المدفعية، وهو الغاز الذي استخدم في وقت سابق من العام الماضي في هجوم على القوات الكردية.
أرسل تعليقك