يعتقد المشاركون في "القمة العالمية لطاقة المستقبل" المنعقدة في أبوظبي أن الطاقة المتجددة هي السبيل الأمثل لتحقيق مستقبل مستدام من خلال زيادة الطلب العالمي على الطاقة، إضافة إلى أنها تسهم بشكل مباشر في الحد من تداعيات ظاهرة تغير المناخ. وقال الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر، وزير الدولة رئيس مجلس إدارة «مصدر»، إن الطاقة المتجددة تشكل ركيزة أساسية لتحقيق المستقبل المستدام، وقد تحولت تدريجيا من بديل مكلف للوقود التقليدي إلى تكنولوجيا مجدية وقادرة على المنافسة، مشيرا إلى أن هذا القطاع قد شهد نموا لافتا بفضل الانخفاض الكبير في التكاليف والارتفاع المطرد في كفاءة التكنولوجيا.
وذكر خلال مشاركته في «القمة العالمية لطاقة المستقبل» وهي جزء من فعاليات «أسبوع أبوظبي للاستدامة»، والتي انطلقت أعمالها يوم أول من أمس، أن الطاقة المتجددة تعتبر أسرع مصادر الطاقة نموا، حيث سجلت استثماراتها في عام 2014 نموا بنسبة 16 في المائة لتصل إلى أكثر من 310 مليارات دولار، مشيرا إلى أن هذا النمو يشكل ثمرة الفرص التجارية التي توفرها الطاقة المتجددة إلى جانب الطلب العالمي المتزايد على الكهرباء.
من جانبه، قال الدكتور أحمد عبد الله بالهول، الرئيس التنفيذي لشركة «مصدر»، إن هناك حاجة إلى تسريع الجهود لنشر حلول وتقنيات الطاقة المتجددة باعتبارها تكنولوجيا ذات جدوى اقتصادية مؤكدة وقادرة على تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة. وأضاف الدكتور بالهول «شهد قطاع الطاقة النظيفة مراحل عديدة تطورت خلالها حلول وتقنيات الطاقة المتجددة من حيث الكفاءة والانخفاض الواضح في التكاليف حتى أصبحت منافسا جديا للطاقة التقليدية في العديد من مناطق العالم».
ولفت إلى أن التحديات العديدة التي تواجه التنمية في العالم، والتي من أبرزها المعدلات المرتفعة للنمو السكاني ومحدودية مصادر الطاقة، تفرض على الجميع البحث عن أشكال جديدة للطاقة، ومنها الطاقة المتجددة، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في العلاقة بين أشكال الطاقة التقليدية والجديدة. كما تطرق الدكتور بالهول إلى الاهتمام المتزايد في منطقة الشرق الأوسط بتبني واعتماد حلول الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن هذا الاهتمام قد بدأ يتسارع بعد المبادرات الرائدة لأبوظبي والهادفة لتطوير قطاع الطاقة المتجددة.
ووقعت الإمارات وفرنسا اتفاقية «إعلان النوايا» لإنشاء شراكة جديدة بين البلدين الصديقين تهدف إلى دعم وتمويل مشاريع الطاقة المتجددة واستخداماتها في البلدان النامية. ويقوم الجانبان بتخصيص مبالغ ومنح مالية على شكل قروض بشروط ميسرة لتنفيذ مشاريع توليد الطاقة الكهربائية بموجب «إعلان النوايا» الذي تم توقيعه بينهما خلال فعاليات «أسبوع أبوظبي للاستدامة 2015»، كجزء من الجهود والمساهمات الكبيرة لكلا الطرفين للمساهمة في الحد من تداعيات ظاهرة تغير المناخ.
وفي هذا الجانب، قال الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الدولة والمبعوث الخاص لشؤون الطاقة وتغير المناخ، إن الإمارات تؤمن بأن الطاقة المتجددة تعد إحدى الحلول الأساسية، والتي تسهم في الحد من تداعيات تغير المناخ وتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة. وأضاف أنه في ضوء التطورات والإنجازات الكبيرة التي تم تحقيقها في تكلفة توليد الطاقة المتجددة، خاصة بالنسبة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، فقد أصبحت مصادر الطاقة المتجددة أحد أفضل الخيارات المجدية أمام المجتمع الدولي للحد من آثار وتداعيات ظاهرة تغير المناخ، مؤكدا إبرام هذه الاتفاقية التي ترسم الخطوط العريضة للتعاون المحتمل مع فرنسا بما يسهم في تعزيز الجهود الهادفة لتطوير مشاريع وحلول الطاقة المتجددة.
من جانبها، قالت سيغولين رويال، وزيرة البيئة والتنمية المستدامة والطاقة في فرنسا، إن الطاقة المتجددة تعتبر من القطاعات الكثيفة والجاذبة لرؤوس الأموال، علاوة على أنها تخلق الشروط التمويلية الجيدة، ولذا فإنه من الضروري تسريع عملية التطوير والترويج والاستخدام لهذه المصادر من الطاقة منخفضة الكربون على مستوى العالم أجمع.
إلى ذلك، أعلنت «مصدر» - مبادرة أبوظبي متعددة الأوجه للطاقة المتجددة - مؤخرا تنفيذ مشاريع كبرى لطاقة الرياح في المملكة المتحدة والأردن وعمان، وذلك بما يعزز محفظة مشاريعها القائمة حاليا والتي تعمل بطاقة إنتاجية قدرها واحد غيغاوات. ويتيح الاتفاق لكل من «صندوق أبوظبي للتنمية» و«الوكالة الفرنسية للتنمية» تقديم التمويل المشترك وبشروط ميسرة لمشاريع الطاقة المتجددة. وقال محمد السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، إن دعم قطاع الطاقة المتجددة يشكل عنصرا مهما وضروريا من عناصر التمويل واستراتيجية الشراكة الدولية التي يتبناها صندوق أبوظبي للتنمية.
وأضاف أن مصادر الطاقة المتجددة متوافرة بكثرة في البلدان النامية، وهي في هذه الآونة بمثابة أداة فعالة من حيث التكلفة الاقتصادية لتحقيق التنمية المستدامة، كما أن المساعدات التي تقدمها الإمارات وفرنسا ستساعد الدول على الارتقاء بخبراتها وتجاربها.
من جهتها، قالت لورانس بريتون مويات، المديرة العامة للوكالة الفرنسية للتنمية، إن الطاقة المتجددة هي في صميم ومركز استراتيجية الوكالة الفرنسية للتنمية، وذلك من خلال التزامات بتقديم ملياري جنيه لدعم هذا القطاع خلال السنوات الثلاث الماضية في جميع أنحاء العالم. وينتظر أن تعلن الإمارات وفرنسا عن المشروع الأول خلال العام الحالي 2015، حيث تتم حاليا مراجعة ودراسة المقترحات المتعلقة بتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وعلى هامش فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة، اطلع الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، على طائرة «سولار إمبلس 2» العاملة بالطاقة الشمسية، والتي يمكنها الطيران ليلا ونهارا بالاعتماد على الطاقة الشمسية دون استعمال الوقود، والتي ينتظر أن تجوب العالم. وأعرب الشيخ عبد الله بن زايد عن أمنياته بالنجاح والتوفيق والعودة بسلام لفريق الطائرة في رحلتهم، وقال «إن وصول سولار إمبلس وتجميعها وإقلاعها من أبوظبي في شهر مارس (آذار) المقبل يمثل خطوة مهمة لهذه الرحلة التاريخية حول العالم، ويأتي اختيار أبوظبي لأن تكون نقطة الانطلاق والختام تأكيدا للمكانة التي حققتها الإمارات في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة بفضل الرؤية المستقبلية بعيدة المدى للقيادة الإماراتية».
أرسل تعليقك