يشهد الملف اليمني تحرك إيجابي بإتجاه حل سياسي قريب يوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات، حرب التحالف الذي تقوده السعودية منذ أكثر من أربع سنوات باليمن ضد الحوثيين أصبح يشهد إهتزازات ويتلقى ضربات موجعة وسط توتر إقليمي ودولي مع إيران يثير المخاوف.
وتصاعدت حدة التوتر في الخليج منذ مايو/أيار عندما بدأت إيران خفض مستوى التزامها بالتعهدات المنصوص عليها في الاتفاق النووي بينما نشرت الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية في المنطقة.
وشكلت واشنطن مذاك قوة بحرية بالاشتراك مع حلفائها بريطانيا وأستراليا والبحرين والسعودية والإمارات لمرافقة السفن التجارية، ردا على سلسلة عمليات استهدفت حركة الملاحة في الخليج.
وارتفع منسوب التوتر بشكل إضافي غداة هجمات 14 سبتمبر/أيلول التي استهدفت منشأتين نفطيتين في السعودية وتبناها الحوثيون في اليمن فيما اتهمت واشنطن والرياض بدرجات متباينة طهران بالوقوف وراءها.
سلسلة من الأحداث الأخيرة أثارت مخاوف وقلق السعودية قائدة التحالف العربي وأضعفتها سياسياً وعسكرياً في اليمن، أبرز تلك الأحداث قيام المجلس الإنتقالي بعدن بإسقاط العاصمة المؤقته وبعض مناطق الجنوب في مطلع اغسطس أب من العام الجاري ،خلافاً عن هجمات الحوثيين بالطيران المسير على منشآت أرامكو بالسعودية مسببة تلك الهجمات خسائر إقتصادية وسياسية للسعودية بالإضافة لكونها ضربة عسكرية تتلقاها السعودية بعد أكثر من أربع سنوات من حربها مع الحوثيين .
وباتت الحرب باليمن تشكل خسائر سياسية وإقتصادية وعسكرية كبيرة لدول التحالف ابرزها السعودية والإمارات خلافاً عن القاء المسؤولية بالوضع الإنساني باليمن على التحالف من قبل المجتمع الدولي ،خلافاً عن الوضع الإقتصادي المنهار لليمن وعدم دفع رواتب الموظفين في معظم المحافظات ،
وكان مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي التابع للحوثيين اليمنيين أعلن، في 20 سبتمبر/ أيلول الجاري، عن وقف كافة أشكال استهداف الأراضي السعودية مع الاحتفاظ بـ"حق الرد"، وإطلاق "مبادرة سلام" هدفها إتمام مصالحة "وطنية شاملة" بموجب مفاوضات "جادة وحقيقية" بين مختلف أطراف الحرب،
الجانب السعودي عبر عن ترحيبه بمبادرة الحوثيين كما لقيت المبادرة ترحيب دولي ،ومنذ المبادرة تشهد الساحة العسكرية ماهو اشبه بوقف إطلاق نار غير معلن بين الحوثيين والسعودية وإنخفاض عدد الغارات وإنخفاض هجمات الحوثيين على السعودية .
السعودية عبر قياداتها تؤكد بتصريحات نيتها بالحل السياسي لوقف الحرب باليمن بينما تعرض إيران تدخلها للمساعدة في حل يوقف الحرب باليمن وهو مايثير حساسية القيادات السعودية .
وفي وقت سابق ،قال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إن بلاده "تنظر بإيجابية" إلى التهدئة التي أعلنها الحوثيون، في حين أعرب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن أمله في أن يؤدي ذلك إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب.
هذا وقد كشف الأكاديمي الإماراتي ومستشار ولي عهد أبوظبي السابق، عبد الخالق عبد الله، عن قرب انتهاء الحرب في اليمن،وقال"ابشركم أنه يتم وضع اللمسات الأخيرة لوقف الحرب باليمن"
وأفاد مصدر في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث قد ناقش خلال جولته الإقليمية التي التقى فيها مسؤولين سعوديين وحوثيين من بينهم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التحضيرات لتسوية سياسية شاملة.
وبحسب المصدر فإن الهجوم الأخير على شركة أرامكو السعودية منتصف سبتمبر/أيلول الماضي كان دليلاً للمجتمع الدولي والإقليم على ضرورة الحل السياسي في اليمن، ووقف المزيد من التصعيد.
وأشار إلى أن تفاصيل التسوية السياسية الشاملة التي يحضّر لها المبعوث الأممي تتعلق بتشكيل حكومة مبنية على الشراكة الشاملة لجميع الأطراف والأحزاب السياسية.
وأضاف "التسوية تنص على أن يكون للحكومة الحق في امتلاك السلاح في مقابل انسحاب المليشيات وسحب أسلحتها تدريجيا من خلال عملية تشرف عليها الأمم المتحدة، ووقف الهجمات على دول الجوار وتهديد الملاحة الدولية".
وحسب مكتب المبعوث فإن غريفيث يبحث مع الأطراف بصورة حثيثة للتوصل إلى اتفاق.
وقال "عبدالرحيم الفتيح" وهو السياسي وعضو اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام،أن الملف اليمني معقد ويزداد تعقيداً مع الوقت على كل الاصعدة نتيجة التدخلات الخارجية لبعض الدول وفي مقدمتهن قطر التي تحاول الإخلال بالتركيبة اليمنية المقاومة والإطاحة بجهود التحالف العربي.
وتقود قطر توجها مغايراً ومزدوجاً في الوقت ذاته من خلال دعمها لجماعة الحوثي في مناطق سيطرتهم نكاية بالتحالف العربي ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين في مناطق سيطرة الشرعية لإبتزاز التحالف أيضاً،حسب الفتيح.
وأكد الفتيح أن القوى التي تتحالف مع التحالف تحت مظلة الحكومة اليمنية غير متماسكة سياسياً بسبب هذه التدخلات والإنفصامات التي يغذيها الحلف التركي القطري الإيراني.
ووفقاً لـ الفتيح ،فإن ضغوط دولية أيضا تعرقل الحسم العسكري فمثلاً عند تقدم القوات المشتركة في الساحل الغربي ووصولها إلى قرب ميناء الحديدة وكانت حينها تستطيع السيطرة على كامل الحديدة تدخلت القوى الدولية والأمم المتحدة لوقف التحرك العسكري وسعت إلى اتفاقية ستوكهولم الذي وقع عليه طرف الحكومة اليمنية وطرف الحوثيين برعاية الأمم المتحدة ولقي ترحيب دولي،لكنه لم ينفذ وقيّد التحرك العسكري للقوات المشتركة والتحالف ومكن الحوثيين من إعادة إستجماع قوتهم العسكرية بالحديدة بعد أن كانت على وشك الإنهيار ولم يحدث التزام فعلي بالإتفاق بل كان هدفه إنقاذ الحوثيين عسكرياً بالحديدة التي تعد أخر منفذ بحري لهم.
وأعتبر الفتيح إطالة أمد الحرب كان سبببه هذه المهادنة الدولية للمجتمع الدولي وصمته المريب حيال الانتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي في حق الشعب اليمني، في الوقت الذي يتخذ فيه المجتمع الدولي موقفاً مغايراً من التدخل الشرعي للتحالف العربي معرقلاً تقدم التحالف على أكثر من صعيد وهي وسيلة ابتزاز يمارسها المجتمع الدولي أيضاً وبوضوح يفتقد لأدنى القيم.
وأضاف الفتيح أن أخطاء الشرعية منحت المجتمع الدولي مبرراً لصمته وتعاميه المريب هذا نتيجة بعض الجماعات المتطرفة وأخونة الحكومة،منوهاً إلى أن التحالف يقوم حالياً بإصلاح ثغرات الحكومة هذه.
ولفت الفتيح أن الحكومة اليمنية تقضي وقتها خارج البلاد ولاتقوم بواجباتها وقيادتها تهتم بالمكاسب الشخصية وهذه ابرز ثغرات المعركة والتي منحت جماعة الحوثي نفساً أطول.
ولمح الفتيح أن اي حل لابد أن يضمن شراكة لكل مكونات الساحة اليمنية لفترة إنتقالية بسيطة يقدم فيها الأشقاء بالخليج الدعم الكامل لليمن بعدها تجري إنتخابات رئاسية وبرلمانية والشعب يختار حاكمه ويقف إلى جانبه الداخل والخارج لعلاج اثار الحرب وترميم مادمرته وإعادة الحياة لطبيعتها .
وحذر الفتيح من تكرار الأخطاء التي تبعت المبادرة الخليجية في السابق وهي الصراع السياسي الداخلي والإقليمي الذي مكن الحوثيين من فرض سلطة أمر واقع وتنفيذ إنقلاب ،حيث استغلت جماعة الحوثيين الصراع بين القوى السياسية في المنطقة والداخل وضعف السلطات جراء هذا الصراع وإستطاعت تنفيذ إنقلاب ومضاعفة قوتها.
وفي ديسمبر كانون الاول 2018 توصلت اطراف النزاع إلى إتفاق ستوكهولم برعاية الأمم المتحدة .
وشمل الاتفاق ثلاثة جوانب أساسية، هي "اتفاق حول مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى"، و"آلية تنفيذية حول تفعيل اتفاقية تبادل الأسرى" و"إعلان تفاهمات حول تعز".
بموجب الاتفاق، تعهّد الطرفان تنفيذها كاملة وإزالة أي عوائق تحول دون ذلك، والامتناع عن أي فعل أو تصعيد من شأنه تقويض فرص تطبيقها الكامل، إضافة إلى الالتزام بمواصلة المشاورات من دون قيد أو شرط في غضون شهر يناير (كانون الثاني) 2019.
أهمّ ما جاء في "الاتفاق حول مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى"، الذي ضمّ 14 بنداً، موافقة الطرفين على وقف إطلاق النار في المناطق المذكورة في الاتفاق فور توقيعه، وسحب قواتهما منها.
وتعهّد الطرفان بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية إلى مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وإزالة جميع المظاهر العسكرية المسلحة منها.
إضافة إلى ذلك، اتفق طرفا النزاع على إنشاء "لجنة تنسيق إعادة الانتشار"، برئاسة الأمم المتحدة وعضوية ممثلين عن الطرفين، مهمّتها مراقبة وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار، فضلاً عن إشرافها على عملية إزالة الألغام من مدينة الحديدة والموانئ الثلاثة، وتقديم رئيسها تقارير أسبوعية حول الالتزام بالاتفاقية إلى مجلس الأمن، عبر الأمين العام للأمم المتحدة.
ونصّ الاتفاق على تقديم الأمم المتحدة الدعم للمؤسسة العامة لموانئ البحر الأحمر اليمنية في عمليات التفتيش في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وتعزيز وجود المنظمة في مناطق الاتفاق.
كذلك، اتفق ممثلو الحكومة وميليشيات الحوثيين على تسهيل حرية حركة المدنيين والبضائع من وإلى مدينة الحديدة والموانئ الثلاثة، وعدم عرقلة دخول المساعدات الإنسانية عبرها. وفي ما يتعلّق بإيرادات الموانئ، فتودع جميعها في المصرف المركزي اليمني.
ونتيجة الحرب باليمن ،أعلن برنامج الأمم المتحدة الانمائي أن اليمن على وشك أن يصبح أفقر بلد بالعالم بحلول 2022 بحال استمرت الحرب ،وحسب التقرير فانه منذ إندلاع الحرب باليمن زادت نسبة الفقر47% وبلغ عدد الفقراء 75 % من اجمالي سكان اليمن،ويبلغ عدد النازحين في اليمن من مناطق الصراع لمناطق أمنة حوالي 3,3ملايين نازح بينما يحتاج 24,1مليون شخص في اليمن لمساعدات إنسانية ،ويبلغ عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية 1,5مليون منهم 370 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد قد يعرضهم للوفاة ،وفقاً لليونيسف،وتسببت الحرب بتسريح 70%من العمالة لدى القطاع الخاص وتوقف ومغادرة الكثير من المشاريع والأعمال الخاصة.
قد يهمك أيضًا :
الخاسرون في السباق الرئاسي التونسي يتوجّهون نحو انتخابات البرلمان
أرسل تعليقك