اكتوت السفن الصينية لأول مرة بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر، حيث أصاب صاروخ ناقلة تحمل نفطاً روسياً، وذلك بعد يومين فقط من تقارير أفادت بتقديم الجماعة الموالية لإيران تطمينات لبكين وموسكو بعدم استهداف سفنهما، وهي الرواية التي أكد الكرملين عدم سماعه بها.
وتشن الجماعة الحوثية، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهددت بتوسيع الهجمات إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.
وأفاد الجيش الأميركي في بيان، الأحد، بأن الجماعة أطلقت 5 صواريخ باتجاه السفن في البحر الأحمر أصاب أحدها الناقلة الصينية، كما أفاد بالاشتباك مع 6 طائرات مسيرة، سقطت 5 منها في البحر.
وأوضحت القيادة المركزية الأميركية أنه من الساعة 2:50 إلى 4:30 صباحاً (بتوقيت صنعاء) في 23 مارس (آذار)، أطلق الحوثيون المدعومون من إيران 4 صواريخ باليستية مضادة للسفن في البحر الأحمر بالقرب من ناقلة النفط «إم في هوانغ بو»، وهي ناقلة نفط ترفع علم بنما، وتمتلكها وتديرها الصين.
وأضاف البيان أنه في الساعة 4:25 مساءً (بتوقيت صنعاء) في اليوم نفسه تم اكتشاف صاروخ باليستي خامس أُطلق باتجاه السفينة «هوانغ بو» حيث أصدرت الأخيرة نداء استغاثة لكنها لم تطلب المساعدة.
وطبقاً للجيش الأميركي، تعرضت السفينة الصينية لأضرار طفيفة، وتم إخماد حريق على متنها في غضون 30 دقيقة، ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات، واستأنفت السفينة مسارها، رغم إعلان الحوثيين سابقاً أنهم لن يهاجموا السفن الصينية.
وبين الساعة 6:50 و9:50 صباحاً (بتوقيت صنعاء) في اليوم نفسه، ذكر البيان أن القوات الأميركية، بما في ذلك السفينة «يو إس إس كارني»، اشتبكت مع 6 طائرات دون طيار تابعة للحوثيين فوق جنوب البحر الأحمر. وتحطمت 5 منها في البحر، وحلقت واحدة إلى المناطق اليمنية التي تسيطر عليها الجماعة.
وتقرر أن هذه الطائرات دون طيار (وفق البيان) تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة والتحالف والسفن التجارية في المنطقة، حيث يتم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.
في غضون ذلك، سارعت السفارة البريطانية في اليمن، عبر تغريدة على منصة «إكس» للتعليق على إصابة السفينة الصينية، رغم الاتفاق مع موسكو وبكين، وأكدت أن «الطريقة الوحيدة لضمان المرور الآمن أن يتوقف الحوثيون عن هجماتهم المتهورة».
وقالت السفارة البريطانية: «بحسب ما ورد، فقد توصل الحوثيون إلى اتفاق مع روسيا والصين بعدم مهاجمة سفنهم. ومع ذلك، فقد قام الحوثيون للتو بضرب سفينة مملوكة للصين تحمل نفطاً روسياً، مما أدى إلى خطر تسرب نفطي ضخم».
ولم يتبنَّ الحوثيون على الفور مهاجمة السفينة الصينية وإطلاق الصواريخ والمسيرات، إلا أن هجماتهم المستمرة للشهر الخامس تشير إلى مسؤوليتهم عن الهجوم.
وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر بالتدريج.
كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس (آذار) الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس»، وهي سفينة شحن ليبيرية ترفع عَلم باربادوس، وهو أول هجوم قاتل تنفذه الجماعة.
بعد أيام من تحذير المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، من خطر تجدد القتال بين الجماعة الحوثية والقوات الحكومية، اتهمت الأخيرة الجماعة بشن هجوم في الجبهة الجنوبية من مأرب، فيما تحدثت تقارير محلية عن سقوط صاروخ باليستي بالقرب من الأطراف الغربية للمدينة.
وقال الإعلام العسكري اليمني إن القوات الحكومية «كسرت عملية هجومية لميليشيات الحوثي الإرهابية، على أحد المواقع العسكرية في الجبهة الجنوبية من مأرب».
ونقل «المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية»، عن مصدر عسكري قوله إن قوات الجيش «أجبرت الميليشيات المهاجمة على التراجع والفرار بعد مصرع 8 من عناصرها وتكبيدها خسائر في العتاد».
وكانت الجماعة الحوثية وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة لتجنيد الآلاف من عناصرها الجدد بالتزامن مع الهجمات البحرية ضد السفن، وسط مخاوف من أن يقود سلوكها التصعيدي إلى نسف مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة.
وفي أحدث تصريحات زعيمها عبد الملك الحوثي قال إن جماعته تلقت 407 غارات وقصفاً بحرياً منذ بداية دخول واشنطن على خط المواجهة، في 12 يناير (كانون الثاني).
وتبنّت الجماعة حتى الآن، قصف نحو 75 سفينة، وهدد زعيمها بتوسيع الهجمات؛ من البحر الأحمر وخليج عدن إلى المحيط الهندي، لمنع الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح، حتى وقف الحصار على غزة، وإنهاء الحرب الإسرائيلية، زاعماً أن الضربات الغربية لن تحد من قدرات جماعته.
وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.
كما أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة «أسبيدس»، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتشارك حتى الآن في المهمة البحرية فرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا واليونان، دون شن ضربات ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.
ومنذ تدخلها عسكرياً، شنّت الولايات المتحدة مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.
كما نفذت القوات الأميركية، إلى جانب سفن أوروبية، العشرات من عمليات الاعتراض والتصدي للهجمات الحوثية بالصواريخ والطائرات المُسيّرة، والزوارق والغواصات الصغيرة غير المأهولة.
وفي حين تؤكد الحكومة اليمنية أن الجماعة الحوثية تنفذ أجندة إيرانية لا علاقة لها بمناصرة الفلسطينيين في غزة، ترى أن الضربات الغربية غير مجدية، وتشدد على أن «تأمين مدن الموانئ والمياه الإقليمية يجب أن يمر عبر دعم الحكومة وتعزيز قدراتها في استعادة نفوذها على كامل التراب الوطني».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك